أشكّك في استخدام الأسد لـ«الكيميائي».. والنظام اللبناني هشّ… هيكل: الحوار مع «الإخوان» حالياً بلا فائدة

Mohamed-Heikal

اعتبر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أمس، أن أي حوار مع الإخوان الآن «خطأ وبلا فائدة»، مستغرباً الضجة التي اثيرت بشأن اللقاء الذي جمعه باثنين من قياديي «الإخوان» قبل يومين في منزله، ومشدداً على أن هذا اللقاء لم يتضمن أي مبادرة سياسية، سواء من قبله أو من قبل «الإخوان».

من جهة ثانية، حذر هيكل من أن مستقبل الأمة العربية في خطر بسبب الوضع في سوريا، معرباً عن شكوكه في أن النظام السوري استخدم السلاح الكيميائي «لأنه لم يكن في حاجة إلى ذلك»، بعد الانتصار الذي حققه في معركة القصير.

وتحدّث هيكل، إلى الإعلامية لميس الحديدي ضمن برنامج «مصر أين.. مصر إلى أين» الذي بثته قناة «سي بي سي» المصرية مساء أمس، عن اللقاء الذي جمعه قبل يومين بالقياديين في «الإخوان المسلمين» محمد بشر وعمرو دراج، مبدياً استغرابه للضجة التي قامت حول اللقاء، على طريقة رواية شكسبير «ضجة كبيرة على شيء لم يكن».

وروى حيثيات اللقاء ومجرياته قائلاً «في العادة أنا لا أرد على اتصالات مجهولة المصدر. صباح الأحد الماضي رنّ الجرس الثالثة ظهراً، لم أردّ، رنّ ثانية ثم ثالثة، فقررت الردّ، لأني شعرت بأن ثمة شيئاً مهماً، وفوجئت بالدكتور بشر، الذي بدأ الحديث عن برقاش»، في إشـــــارة إلى إحراق منزل هيكل ومكتبته في قرية برقاش.

وأضاف «قال (بشر) إن الإخوان ليسوا طرفاً، ونحن على استعداد لنشترك في التحقيقات لكشف الحقيقة. لم تتجاوز المكالمة الدقيقة والربع، وقلت له: لن نستطيع النقاش عبر الهاتف، لنلتق ونتناقش، واتفقنا على يوم الثلاثاء. جاء في موعده، وفوجئت بأن معه الدكتور دراج».

وأشار هيكل إلى أن «الحديث كله كان عن برقاش، ولنفي اتهام الجماعة بالحريق».

وأضاف «حين استخدم بشر تعبير انقلاب، قلت له: أرجوك لا أريد أن أسمع كلمة انقلاب، ولا أريد الحديث عن أمور تجلب الاختلاف، لأن ما جرى في مصر أكبر بكثير جداً وأعقد من أن يكون انقلاباً. تحدثا عما سمّياه شرعية، فقلت: الكلام عن الشرعية فيه قسوة، والشرعية بالتأكيد تختلف عن وضع اليد، واستفضت في معنى الشرعية، ثم قلت لهما إن بداية الأزمة أنكم رفضتم مطلباً شعبياً واضحاً وهو الاستفتاء على الرئاسة المبكرة، وهذا عقد الأزمة. قالا: نحن لم نرفض، الجيش اشترط أن يتم ذلك خلال 10 أيام، والدكتور (محمد) مرسي رأى أن يتم ذلك بعد الانتخابات البرلمانية».

وتابع «استشهدت بـ(الرئيس الفرنسي الراحل شارل) ديغول في العام 1968، حين أحس من تظاهرات الشباب بأن ثمة تمرداً على شرعيته، فطرح نفسه للاستفتاء وفاز بنسبة 54 في المئة، وهي نسبة كافية لطمأنته، وأعلى مما فاز به مرسي، مع ذلك وقف وسط الناس، وقال: في ظل هذا الظرف القاسي على فرنسا، لا أعتبر هذه النسبة كافية لتثبيت حكم، وغادر إلى قريته واعتزل الحياة».

وأشار هيكل إلى ان القياديين «الإخوانيين» كانا يستمعان جيداً، وكان واضحاً جداً أن اللقاء «ليس به أي تفاوض»، إذ تساءلا: «مع مَن نتخاطب ونتحدث ونحن قادتنا في السجون؟». وأوضح: «أنا أعلم أنهما ليسا مفوّضين ولا يمثلان أحداً، ولا أنا أمثل أو أتفاوض عن أحد». ونقل عن بشر قوله إنهما لم يحملا مبادرات من أحد، ولا هو حمل مبادرات من طرف آخر «وهذا توصيف منصف للقاء».

وأضاف «القيادة، لستُ أنا طريقها. والمجتمع قد أكون طرفاً فيه. هم خرجوا من الصدمة، لكنهم لم يستوعبوا تداعياتها، وأراهم في فترة ما بعد الزلزال تحت وطأة توابعه». وأشار إلى أن «الإخوان» ما زالوا «يخلطون بين الإخوان والإسلام، وأن ما يرونه اعتداء عليهم قد تمّ على الإسلام نفسه.. وأظن أنهم عاجزون عن تصور المستقبل، وما زال رهانهم الرئيسي هو البلبلة حول الدستور وإرباك المرور في الشوارع. هذا جزء من الأوهام، فهم يعتمدون على فكرة راسخة، ويتصورون أنها سندهم، ولديهم خلط بين الوطن وما هو خارج الوطن، بين الوطن والدين، فالشعب يرفضهم، لكنهم يتصورون أن لديهم سنداً من شيء أكبر وأعلى».

ورأى هيكل أن «أي حوار مع الإخوان، الآن، خطأ وبلا فائدة». وأوضح «اتركي الأبواب مفتوحة، أرسلي إليهم ما تريدين، لكن مسيرة المجتمع لا بد أن تمضي في الأمد القصير من دون أي اعتبار، إلا سلامة البلد، التي أراها معرضة لخطر كبير جداً، ولم يعد في وسع أحد أن ينتظر حتى يتحقق الوفاق».

سوريا

وحول الوضع في سوريا، قال هيكل إن «المشكلة تكمن في أن الحديث يدور عن خيارات سيئة أو أكثر سوءاً. نختار ما بين الكارثي والمأساوي، فلا النظام ولا المعارضة يمكن الـــــدفاع عنهما، كلاهما يلعـــــب بأقدار البـــــلد، الذي أراه، ومستقبله في خطر، وخلفــــه مستقبل الأمة».

وفي ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، قال هيكل «لنتذكر أنه عندما بدأ السباق النووي فى الخمسينيات والستينيات، وبدأت محاولات الحد من انتشاره، مَن أنتجه اكتفى بما عنده، ومَن حاول ووجد صعوبة وجد في الغازات السامة والبيولوجية سلاح الفقراء لردع السلاح النووي، هكذا لا توجد دولة عربية واحدة لم تنتج أسلحة كيميائية أو بيولوجية، وكلها لديها مخزون منها».

ورأى هيـــــكل أن «القضية في ســــوريا، أصلاً، ليســــت السلاح الكــــــيميائي. هــــناك مشــــكلة يراها النظام أمنـــية، ولا يستطــــيع إنهــــاءها، ويراهــــا الطـــرف الآخـــر تحــــتاج حـــلاً عسكرياً، لكنـــه لا يستـــطيع ذلـك».

وأشار إلى ان المعارضة السورية «مصرّة على جلب التدخل الخارجي بأي شكل. في المرة الأولى، قيل إن النظام هو من استعمل الأسلحة الكيميائية، ثم ثبت أن ذلك غير صحيح. هذه المرة تكرر الاتهام ذاته، وأنا أشك في ذلك لأسباب عدّة.

أولاً: النظام لم يكن في حاجة إلى الأسلحة الكيميائية بعد انتصاره فى معركة القصير، الذى يمكنه أن يبني عليه، وقد اقترب من إعلان انتصاره.

ثانياً: ثبت أن الشريط الرئيسي الذي استعمل في إدانة النظام أذيع قبل المجزرة بيومين أو ثلاثة على يوتيوب.

ثالثاً: المراقبون تواجدوا، قبلها، في بُعد لا يتجاوز 30 كيلومتراً عن موقع المجزرة».

وفي السياق، رأى هيكل أن «موقف حزب الله في منتهى الصعوبة، وأخشى أن يتحول لبنان إلى وضع أصعب، فهو نافذة في حائط النظام العربي، مصنوعة من الزجاج المعشّق، نظام هش، يسقط إذا ما اهتز الجدار».

وحول إيران، رأى هيــــكل أن «الصــــراع الدولي ينتقل من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى، وإيــــران تسمى في الجــــغرافيا (القاعدة)، فــــهي هضبة مرتفعة مطــــلة على آسيا والبلقــــان، مــــوقع استراتيجــــي، وحليف مطلــــوب. لو قرأنا الوثائــــق لعرفنا أن أميركا وإسرائيل وضـــعتا في أيـــــار العام 1973 سيناريو لغـــزو الســعودية بواســــطة إيران – الشــــاه إذا ما حــــدثت قلاقل».

وأضاف «إيران مهمة أيضاً لأنابيب الغاز، وسوريا، عملياً، هي مدخل خلفي لطهران. لكن وضعها مختلف، فالغرب لا يريد تدمير إيران، بل استردادها بإسقاط النظام الحاكم فيها»، مشدداً على أن «إيران هي الهدف الرئيسي في معركة سوريا».

 

المصدر: صحيفة السفير اللبنانية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.