أمراء السعودية… بين التخبط السياسي والقمع الحقوقي

saudi-moohamadbennayef

شبكة النبأ:
إصلاحات وتحولات جديدة تشهدها الساحة السياسية في المملكة العربية السعودية التي تواجه الكثير من الانتقادات الدولية بسبب سوء الإدارة وانتهاك حقوق الإنسان، ويرى بعض المراقبين ان اغلب الإصلاحات الأخيرة هي إصلاحات إعلامية فقط في سبيل تضليل الرأي العام وهي من الأمور المتوقعة سبيل إبعاد شبح الربيع العربي عن أراضي المملكة التي تحكم بنظام طائفي بحت يسيطر علية الأمراء ورجال الدين المتشددين، الساعين الى مصادرة جميع الحريات من خلال فرض بعض الفتاوى المتشددة، ومنها تهميش وإقصاء المرأة هذا بالإضافة الى باقي الفتوى التي تدعوا الى القتل والتكفير وتهميش باقي الأقليات، وفي هذا الشأن فقد تجمع حوالى اربعين من رجال الدين المتشددين السعوديين امام الديوان الملكي احتجاجا على “التغييرات الخطيرة” في مجلس الشورى بعد خطوة الملك عبدالله بن عبد العزيز تعيين نساء في الهيئة الاستشارية. واظهر شريط بثته مواقع التواصل الاجتماعي احدهم قائلا امام رجال دين غطى عدد كبير منهم وجوهم بالكوفيات ان “باب النصيحة مفتوح التغييرات الخطيرة التي تجري والتعيينات في مجلس الشورى لا تمثل الجميع”. وتابع ان هذه التعيينات “لا تمثل في الواقع الصالحين واهل الخير. انتم تمثلون هذا البلد وصوت المواطن”. واضاف بينما كانت سيارة للشرطة تقف بعيدا “كان يجب تكريم الجمع وادخالهم طلبنا لقاء مع رئيس الديوان الملكي خالد التويجري لكن للاسف الشديد لم تجر المقابلة. كل واحد منكم وراءه الاف وعشرات الالاف من وجهاء المجتمع”.
وقد عين الملك ثلاثين امراة في مجلس الشورى تحقيقا لوعد قطعه في ايلول/سبتمبر 2011، وحظي القرار بموافقة هيئة كبار العلماء التي يراسها مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. والتعيينات بادرة هي الاولى في السعودية حيث ما تزال المراة ممنوعة من قيادة السيارة وبحاجة للرجل للقيام بامور كثيرة. ولا يملك مجلس الشورى سلطة التشريع ويكتفي بتقديم التوصيات للحكومة حول السياسات العامة للبلاد. لكن القرار يعكس رغبة في اشراك النخب في عملية اتخاذ القرار الذي يبقى بايدي الاسرة المالكة. بحسب رفرنس برس.
وقال الناشط الحقوقي وليد ابوالخير ان “المعتمصمين امام الديوان الملكي كانوا يطالبون بالغاء قرار دخول المراة مجلس الشورى وايجاد تمثيل للمشائخ في المجلس”. واضاف “كان ابرزهم ناصر الاحمد من المنطقة الشرقية”. والتجمع هو الاول من نوعه امام الديوان الملكي رغم ان السلطات تمنع التظاهر، لكن السلفيين المتشددين ينظمون منذ الصيف الماضي اعتصامات امام مقرات حكومية للمطالبة باطلاق سراح معتقلين.
منطقة الشرقية
في السياق ذاته عين العاهل السعودي الملك عبد الله الأمير سعود بن نايف وهو دبلوماسي سابق اميرا للمنطقة الشرقية المنتجة للنفط واكثر مناطق المملكة حساسية لما تشهده من احتجاجات للاقلية الشيعية في البلاد. وبذلك يتقلد الامير سعود المولود عام 1956 منصبا حكوميا رفيعا في وقت تتحول فيه اسرة آل سعود الحاكمة نحو جيل اصغر من القادة. وشهدت المنطقة الشرقية في العامين الماضيين احتجاجات للأقلية الشيعية للمطالبة بمزيد من الحريات والافراج عن أقارب محتجزين.
ونقلت وكالة الانباء السعودية عن بيان للديوان الملكي قوله “يعفى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود أمير المنطقة الشرقية من منصبه بناء على طلبه.” وأضاف “يعفى صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود رئيس ديوان سمو ولي العهد والمستشار الخاص لسموه من منصبه ويعين أميرا للمنطقة الشرقية.” والأمير سعود هو نجل وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز الذي توفي في يونيو حزيران 2012. وسبق ان عمل سفيرا في اسبانيا حيث نظم حوارا بين الاديان دعا اليه الملك عبد الله وحظي باهتمام اعلامي كبير.
وقال نشطاء في المنطقة الشرقية إنه لم يتضح بعد ما إذا كان تغيير القيادة سيؤثر على السياسة في المنطقة التي يتمركز فيها الكثير من صناعة النفط في السعودية. وعمل الامير سعود لفترة وجيزة في الثمانينات نائبا لامير المنطقة الشرقية. وهو ايضا قريب من جهة الام لفرع بن جلوي من العائلة المالكة المقيم في المنطقة. وقال توفيق السيف وهو قيادي شيعي في السعودية في إشارة لمدينة القطيف التي نظمت فيها معظم احتجاجات الشيعة “هذا تغيير كبير لكن على حد علمي بالدوائر العليا للدولة” فإن التعامل مع القطيف كثيرا ما يتأثر بقضايا الأمن. وأضاف “يجب الانتظار لمعرفة ما إذا كان هذا سيحدث الان.”
ويعيش اغلب الشيعة في المنطقة الشرقية ويشكو بعضهم من حظر احتفالاتهم الدينية او تدخل السلطات السعودية فيها ويقولون انهم يعانون نقص الفرص في العمل والتعليم. وتنفي الحكومة اي تمييز ضدهم. واندلعت اشتباكات مع الشرطة في العامين الماضيين وقتل اكثر من 16 شخصا منذ تفجر الاحتجاجات في فبراير شباط 2011. بحسب رويترز.
وقال جوزيف كشيشيان المؤرخ الامريكي المتخصص في الشأن السعودي ان منصب حاكم المنطقة الشرقية “هو الاصعب في المملكة وايا كان الذي يشغله فسيمر بأوقات صعبة جدا. “لا يهم مدى الجدية التي يحاولون بها القضاء على انتفاضة القطيف والقرى المحيطة لكنهم لا يستطيعون. ربما يستطيع شخص ما جديد ونشيط التأقلم مع المشكلات الحتمية التي ستقع في المنطقة.” ويراقب المحللون عن كثب عملية انتقال السلطة في السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم حيث سيبلغ الملك عبد الله عامه التسعين هذا العام وسيبلغ ولي عهده الامير سلمان عامه السابع والثمانين
طلال بن عبد العزيز يطالب
على صعيد متصل طالب الامير طلال بن عبد العزيز الاخ غير الشقيق للعاهل السعودي الملك عبد الله باصلاحات سياسية وانشاء صندوق سيادي على غرار دول خليجية اخرى تحسبا لهجمة بدائل النفط وتراجع الطلب على الذهب الاسود. واكد الامير طلال وهو من ابرز الامراء المطالبين بإصلاحات في المملكة ومن اصحاب التوجه الليبرالي، ان هذا الصندوق السيادي يجب ان يكون “مستقلا بشكل تام عن الادارة الحكومية ويخضع لرقابة الجهات التشريعية”. وقال الامير طلال ان “الامارات دخلها من الصندوق السيادي اصبح يوازي دخل البترول كما ان الصندوق السيادي في الكويت صرف على الدولة ومشاريعها عندما اجتاحتها العراق وفجر ابار النفط”. واوضح انه “لو حدث خلل فيما يخص البترول ليس فقط نضوبه لكن هناك بدائل الان في الاسواق ونخشى يوما ما ان تدهمنا هذه البدائل ويصبح الطلب عليه قليلا. كل هذه الامور يجب ان تكون واضحة للناس وصناع القرار”.
وتشير تقديرات اقتصاديين الى ان حجم الصندوق السيادي لامارة ابوظبي قد يصل الى 800 مليار دولار في حين يبلغ حجم صندوق الكويت حوالى 400 مليار دولار. والسعودية التي ليس لديها صندوق سيادي اقرت قبل فترة ميزانية قياسية للعام 2013، بينما حققت موازنة العام 2012 فائضا قدره 103 مليار دولار بفضل ارتفاع عائدات النفط. ويبلغ حجم الاحتياطي النقدي السعودي حوالى 650 مليار دولار.
واشار الامير طلال (82 عاما) الى ان “النروج مثلا خصصت 20 في المئة من دخل البترول للصندوق السيادي وليس من الفائض، وعندها الان 450 مليار دولار في هذا الصندوق”. واضاف “يجب وضع الفائض من الميزانية كل عام في صندوق سيادي مستقل بشكل تام عن الادارة الحكومية له ضوابطه وقانونة وطريقة الحفاظ عليه ويجب ان يكون عليه رقابة من الجهة التشريعية سواء برلمان او مجلس شورى”. وتابع “عندما اصيب العالم قبل سنوات بالركود الاقتصادي الكل تضرر، السندات والصناديق السيادية، لكن بعد عودة الامور لطبيعتها عادت الاصول الى الصناديق السيادية”.
وطالب بأن يكون “مجلس الشورى منتخب ويعطى الصلاحيات الثلاث المساءلة والميزانية العامة والتشريع”. يشار الى عدم وجود برلمان منتخب في السعودية بل مجلس شورى معين لا يتمتع بصلاحيات تشريعية انما يكتفي باصدار توصيات. على صعيد اخر، قال الامير طلال ردا على سؤال حول السماح للمراة السعودية بقيادة السيارة ان “الموضوع ممل للغاية ابنتي واختي البدوية تقود السيارة في الريف والقرى فلماذا لا تفعل ذلك في المدينة؟”.
واضاف متسائلا “هل الكل يملك المال لجلب سائق؟ الكثير يتكبد الديون لدفع الرواتب للسائقين”.
وغمز من قناة رجال الدين الذين يرفضون قيادة المراة للسيارة قائلا “هل من المعقول ان هذا السائق الاجنبي يجوب منزلك ليلا ونهارا يا من تقول ان القيادة والاختلاط حرام”. وتابع انتقاداته الحادة قائلا “هل المسالة تتعلق بالشك في نسائنا؟ الا توجد ثقة فيهن؟ فمن يحمي المرأة هو الله ثم شرفها وقناعتها وليس هؤلاء الذين يستخدمون الدين وهو سلاح ماض في السعودية وهم اخذوه بالفطرة وليس بالتعلم”. بحسب رويترز.
والسعودية هي البلد الوحيد في العالم حيث المراة ممنوعة من قيادة السيارة كما انها لا تزال في حاجة الى ولي امر او محرم لاتمام كل معاملاتها بما في ذلك الحصول على جواز سفر والسفر الى الخارج. وكان عدد قليل من السعوديات لبين في السابع عشر من حزيران/يونيو 2011 دعوة اطلقتها ناشطات لخرق حظر قيادة السيارة المفروض على المرأة. كما وجهت عريضة بهذا الصدد حملت 3500 توقيع الى العاهل السعودي لالغاء الحظر. وتعتبر هذه التعبئة التي تتم عبر فيسبوك وتويتر الاوسع في المملكة منذ اعتقال 47 سعودية بتهمة القيادة في تشرين الثاني/نوفمبر 1990. وقامت مئات النساء بخرق حظر القيادة فاعتقل العشرات منهن ثم اطلق سراحهن بعد التوقيع على تعهد بعدم القيادة مرة ثانية، بحسب ناشطات.
حقائق في السعودية
من جهة أخرى تمتلك المملكة العربية السعودية خمس الاحتياطي العالمي للنفط وهي أكبر مصدر للنفط في العالم ولديها أرصدة دولارية كبيرة وأكبر بورصة عربية. إنها ركيزة أساسية للسياسة الأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط وتملك قدرا كبيرا من النفوذ في العالم الإسلامي الذي يبلغ عدد سكانه 1.6 مليار نسمة نظرا لوجود الحرم المكي والحرم النبوي على أرضها. وفيما يلي بعض المخاطر التي تواجه المملكة بسبب سياسة حكامها:
الخلافة: أثارت الجراحة التي خضع لها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز (89 عاما) طوال 11 ساعة قلقا على قضية الخلافة بعد وفاة اثنين ممن شغلوا منصب ولي العهد منذ اكتوبر تشرين الأول عام 2011. وتم تعيين ولي عهد آخر في يونيو حزيران وهو أخو الملك غير الشقيق الامير سلمان بن عبد العزيز (76 عاما). وستصبح عملية الخلافة أكثر تعقيدا عندما ينتهي سلسال أبناء مؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود ويتعين نقل السلطة إلى الجيل التالي. ويشير تعيين الامير محمد بن نايف في نوفمبر تشرين الثاني وزيرا للداخلية خلفا للأمير أحمد -وهو أحد آخر أبناء آل سعود الذين ينظر لهم على أنهم صالحون للحكم- إلى أن التحول إلى أحد الأحفاد ربما يأتي قريبا.
مخاوف محلية: أجرى الملك عبد الله بعض الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لمواجهة بطالة الشبان والفساد ونقص المساكن. وفي عام 2011 وعد بتخصيص 110 مليارات دولار للنفقات الاجتماعية والتي ساعدت على عدم قيام احتجاجات لكنه لم يقترح أي إصلاحات سياسية تذكر. وتعتزم المملكة إنفاق 219 مليار دولار على الرعاية الاجتماعية ومشاريع البنية الأساسية عام 2013 . وهناك صراع قائم بين من يريدون المزيد من الإصلاحات الاجتماعية مثل إشراك المزيد من النساء في أماكن العمل والمحافظين الذين لديهم نفوذ كبير في المجتمع والذين يدينون مثل تلك الإصلاحات ويعتبرونها منافية للإسلام.
توترات إقليمية: قوضت آثار انتفاضات الربيع العربي العام الماضي الحلفاء القدامى للسعودية وزعزعت استقرار المنطقة في ظل خصومة الرياض مع إيران. وانضمت السعودية إلى قوى أخرى في الخليج من الدول التي يمثل السنة أغلب سكانها لمساعدة مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران لكنها تخشى من أن تكون طهران تذكي الاضطرابات في البحرين التي تسكنها أغلبية شيعية والتي توجد علاقة وثيقة بين حكامها وبين الرياض. وتنفي إيران هذه المزاعم.
الأقلية الشيعية: أسفرت احتجاجات مناهضة للحكومة قامت بها الأقلية الشيعية عن مقتل 12 متظاهرا وشرطي واحد في حوادث إطلاق نار في منطقة القطيف العام الماضي. ويشكو الشيعة من تمييز متغلغل في المجتمع وهو ما تنفيه السعودية. ويقول زعماء شيعة أكبر سنا وأكثر اعتدالا إنهم يخشون من أن يؤدي العنف إلى زيادة تشدد الشبان والإثناء عن مسار الحوار. بحسب رويترز.
المتشددون: ما زال تنظيم القاعدة يمثل قلقا أمنيا كبيرا كما اتضح من معركة بالأسلحة النارية نشبت في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني بين متشددين مشتبه بهم وحرس حدود في الجنوب. وتمكنت السعودية من القضاء على حملة شنها المتشددون في 2003-2006 لكن الكثير من أفراد القاعدة انضموا بعد ذلك إلى نظرائهم في اليمن المجاور. وتخشى الرياض من أن الاضطرابات التي يشهدها اليمن ربما تتيح للقاعدة تكثيف عملياتها هناك. ومن بين أهداف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الإطاحة بالأسرة الحاكمة في السعودية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.