أمير عرسال يقتل “الوطـن” والجيش ضحية حسابات سياسية ومذهبية

orsal-mayor

موقع سلاب نيوز الإخباري ـ
 كتب: غسان جواد:

الى متى سيبقى الجيش مكسر عصا السياسيين ورجال الدولة والخارجين عن القانون في آن معا؟ متى ستحرر السلطة الحاكمة هذا الجيش من اوزار حساباتها السياسية والانتخابية والطائفية والمناطقية؟ متى ستستعيد المؤسسة العسكرية هيبتها “المنزوعة” بقرار “مشبوه” من اصحاب القرار في هذه الدولة؟ متى سنرى محاسبة جدية للقتلة والمجرمين والخارجين عن القانون؟ متى ستنتهي الجريمة المتمادية بحق جنودنا ورتبائنا وضباطنا؟

الجريمة الارهابية بحق عناصر الجيش في عرسال امس، تخطّت كل منطق وكل حدود سياسية او مذهبية او مناطقية. قفزت فوق نظرية “الامن بالتراضي”، دحضت كل المبررات التي يسوقها بعض الحاقدين على المقاومة والمؤسسة العسكرية، حين يسارعون الى التقاط هفوة من هنا او خطأ من هناك ليضعوه على السوية ذاتها مع عملية استهداف منهجية يتعرض لها جيشنا الوطني منذ العام 2007 حتى الان. لم يعد الامر مجرّد عمل اجرامي قامت به مجموعة ساقطة غير محتضنة. نحن امام مقتلة متسلسلة، بدأت في جرود الضنية عندما ذُبح تسعة جنود وضابط لأنهم كانوا يلاحقون مجموعة ارهابية مسلحة، واستكملت فصولها عندما ذُبح الجنود في مهاجهعم نائمين قرب نهر البارد. وبعدها كرّت سبحة الجرائم، من “عين علق”، الى فرنسوا الحاج الى استهداف العسكريين الذاهبين الى وظيفتهم في “فانات” النقل في الشمال.. الى، الى، حيث قاد رئيس جمهورية عرسال المدعو علي الحجيري امس، انقلابا كاملا على الدولة وكيانها ومؤسساتها وهيبتها. كمن لها، اعتقل جنودها، قتلهم، واستولى على الياتها وسط صيحات التكبير ونداءات المساجد للجهاد.. ضد من؟؟؟ ضد الجيش اللبناني الذي كان يقوم بعملية شرعية قانونية ضد احد الفارين من وجه العدالة.

منذ بداية الازمة السورية بدت قرية “عرسال” انها مستقلة فعلا، وان رئيس بلديتها يعمل بناء على ذلك، وبدا ان الدولة تركتها “متنفسا” للمسلحين والارهابيين القادمين من سوريا او الذاهبين اليها. ولم يتورّع وفد من قوى “الحرية والسيادة” من مباركة استقلال عرسال عندما زارها مهنئاً الارهابيين على افعالهم. وافعالهم ليست سوى جرائم موصوفة وينص عليها القانون. من تهريب السلاح والرجال والعتاد والمازوت والدخان، الى جعل “عرسال” منطقة عازلة بالامر الواقع وباستضعاف الدولة، وعدم الاعتراف بوجودها اصلا. وكلّما كانت تتحرك دورية للجيش من اجل مكافحة هذه الجرائم، كانت تنهال على قائد الجيش ومديرية المخابرات الاتصالات من قبل “رجال الدولة” المذهبيين حتى النخاع، طالبين التروي والتمهّل وترك الامور للمعالجة السياسية. كل هذا كان يجري و”عرسال” تستقل اكثر فأكثر، وتصبح مرتعا للأجانب من مسلحي القاعدة والارهابيين من جبهة النصرة وغيرها. ورغم الجريمة التي ارتكبت بحق الجيش امس، لا يزال “نفرٌ” من رجال الدولة التافهة هذه، يطلبون التهدئة ويضغطون على الجيش كي لا يرد على “قاتليه”. اي انهم يمنعونه من اعمال القانون من اجل مصالحهم ومذاهبهم وحساباتهم، غير مهتمين للدماء التي سقطت ومن المرشح ان يسقط غيرها إن اقتضى امر “جمهورية جبهة النصرة” على حدودنا.

لقد طفح الكيل، وبات عليكم ان ترفعوا ايديكم عن المؤسسة العسكرية. دماء جنود الجيش ليست رخيصة الى هذا الحد، ومشاعر اللبنانيين لم تعد تحتملكم وتحتمل تذاكيكم وتآمركم وقرفكم وانفاسكم المذهبية المقيتة. لا بدّ من المحاسبة، والعقاب، واعمال القانون ضد القتلة المجرمين وفي طليعتهم ذلك المتبجح “الحريري الهوى” المسمى رئيس بلدية. واذا مرّت جريمة الامس كما كنتم تمررون غيرها من الجرائم بتبويس اللحى والتسويات الزائفة على حساب الدولة وجيشها ومؤسساتها، إنسوا الدولة، إنسوا النظام، إنسوا البلد.

العملية والكمين
بعد ظهر أمس الجمعة، وأثناء قيام دورية من الجيش في أطراف بلدة عرسال بملاحقة أحد المطلوبين إلى العدالة بتهمة القيام بعدة عمليات إرهابية، ولدى محاولتها نقل المطلوب تعرضت لكمين مسلح، حيث دارت اشتباكات بين عناصر الدورية والمسلحين أسفرت عن استشهاد ضابط برتبة نقيب ورتيب، وعن جرح عدد من العسكريين وتعرض بعض الآليات العسكرية لأضرار جسيمة، بالإضافة إلى إصابة عدد من المسلحين”.

مصادر خاصة أكدت لـ “سلاب نيوز” أن دورية من القوة الضاربة في مديرية المخابرات يتألف عناصرها من أبناء المنطقة الذين يعرفون جيداً طبيعتها وبلداتها توجهت اثر معلومات مؤكدة، عن تواجد المطلوب خالد حميد في بلدة عرسال وبالتحديد في منطقة “وادي الأرنب” للقبض عليه، ولدى محاولة اعتقاله حاول مقاومة عناصر الدورية التي قامت باطلاق النار واقتياده حياً سالكة طريق الجرد كون منزل المطلوب يقع على اطراف البلدة المحاذية لجردها حيث كانت تنتظرها قوة مساندة، فلاحقتها مجموعات كبيرة من المسلحين اللبنانيين والسوريين المتواجدين في البلدة والذين استنفروا على وقع “نداءات بثت عبر مكبرات الصوت” وقاموا بتطويق القوة من عدة جهات مطلقين النار بشكل كثيف باتجاهها مما أدى الى استشهاد عنصرين من الدورية واصابة ٤ آخرين بجروح ومقتل المطلوب،
ولم يكتف المسلحون بما قاموا به، ورغم تعرفهم على عناصر الدورية (التي كانت تستخدم جيبات من نوع “هامر”) بل عمدوا إلى سحب الشهداء ورفعهم على مقدمات سياراتهم وجابوا بهم شوارع البلدة وصولاً الى مبنى البلدية حيث تم احتجازهم بداخلها، ولم يتم الافراج عن الجثث والجرحى الا بعد وساطات عدة شاركت فيها جهات أمنية وسياسية توجت بقيام سيارات اسعاف بنقل الجثث بمواكبة من فرع المعلومات.

المصادر أكدت لصحيفتنا أن المطلوب كان لا يزال حياً الى حين وقوع الدورية في الكمين وأن الحديث عن دفنه سريعاً منعاً لتحلل الجثة كان لإخفاء الأدلة التي تؤكد مقتله لاحقاً، ونسي هؤلاء أن العناصر الجرحى والأحياء أكبر شهود على الاعتداء والكمين الذي حصل.

عذر الدفن تجنباً لتحلل الجثة لم يرد فقط على لسان بعض أهالي عرسال في معرض تبريرهم لطريقة دفنهم السريعة لجثة خالد حميد بل ذكرته إحدى “وسائل اعلام ١٤ آذار الجديدة”، دون الالتفات الى حقيقة طبية معروفة ومؤكدة وهي أن الجثة مهما نزفت ومهما كان عدد الجروح فيها لا تتحلل قبل أيام من تحلل الانسجة فيها، الأمر الذي أكده مرجع طبي اتصل به قسم التحقيقات في سلاب نيوز.

كذلك ردت المصادر على تصريح رئيس البلدية بأن الأهالي شكوا بعناصر الدورية بسبب سلوكها طريقاً جردية، بأن المنطقي ان تسلك الدورية تلك الطريق باتجاه “وادي الرعيان” بدل أن تعود ادراجها وسط البلدة باتجاه السهل وبكل الأحوال ليس من مسؤولية القوى الأمنية أن تبرر لأحد طرق عملها أو أساليب تنفيذها للتعليمات الصادرة إليها.

ورجحت مصادر أمنية مطلعة على ملف شبكات الإرهاب أن يكون الكمين الذي نصب لدورية الجيش يستهدف تصفية خالد حميد منعاً لوقوعه في يد الأجهزة الأمنية لما يملك من معلومات لها علاقة بحوادث الخطف والتهريب بما فيها قضية الأستونيين ومجموعات القاعدة في المنطقة.

المعلومات التي أوردتها مصادرنا أكدت وصول تعزيزات كبيرة من المكافحة ومخابرات الجيش اللبناني إلى المنطقة للقيام بحملة مداهمات توصلاً لتوقيف كافة المسؤولين عن الجريمة خاصة وأن قيادة الجيش كانت قد أبلغت العديد من الفاعليات السياسية وغيرها في منطقة البقاع بأنها ستكثف حملات المداهمات التي بدأتها منذ فترة لتوقيف المطلوبين بجرائم والصادرة بحقهم مذكرات توقيف عدة، وسبق لها أن قامت منذ فترة وجيزة بتوقيف أحد المطلوبين في تلك المنطقة، مما يجعل الحديث عن “تفاجأ” أو عدم “معرفة” اهالي البلدة بهوية الدورية ومهمتها باطلاً ولا يعد سوى تبرير مفضوح للاعتداء على الجيش وعناصره.

مش فارقة معو
رئيس بلدية عرسال علي الحجيري صرح لدى سؤاله على احدى المحطات عما ستؤول اليه الأمور بعد الحادثة بالقول “اللي بدو يصير يصير مش فارقة معي”

من هو خالد حميد
ذكرت مصادر اعلامية لبنانية متطابقة أن المدعو خالد أحمد حميّد الذي قتل في عرسال أيضاً باسم آدم شاهين وهو ملقب بإلكترو.
واكدت مصادر قضائية ان حميّد صادرة بحقه مذكرتي توقيف غابيتين عن قاضي التحقيق العسكري الأول، كما أن بحقه ثلاث وثائق اتصال صادرة عن الجيش اللبناني ولها علاقة بالإرهاب وتجارة الأسلحة والتعرض لعناصر حاجز عسكري.
ونقلت وكالة رويترز عن سكان في المنطقة أن خالد أحمد حميد يشتبه بانتمائه جبهة النصرة التي تقاتل للاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد وُيعتقد انه كان يتنقل كثيرا بين لبنان وسوريا.

مسيرات احتفال
جاب المسلحون شوارع عرسال مطلقين النار ابتهاجاً وسط صيحات التهليل وهم يقودون السيارات التي استولوا عليها من الجيش اللبناني وبينها سيارة “هامر” قادها ابن رئيس البلدية بنفسه فيما قاد السيارة الثانية شخص يدعى “الزلعوم”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.