اتفاق وقف اطلاق النار في أوكرانيا يدخل حيز التنفيذ

 

دخل اتفاق وقف النار في شرق أوكرانيا حيز التنفيذ بدءا من الساعة صفر اليوم الأحد 15 فبراير/شباط والذي تم التوصل إليه بعد مناقشات ماراثونية شاقة أجرتها “رباعية النورماندي” في مينسك.

وأمر الرئيس الأوكراني بيوتر بورشنكو قوات الأمن والحرس الوطني بوقف إطلاق النار ابتداء من منتصف الليل بتوقيت كييف.

من جانبهم، أكد قادة دونباس التزامهم بشكل صارم باتفاق وقف إطلاق النار.

وذكرت مراسلتنا أن الهدوء الحذر يخيم على مدن الدونباس بعد دخول اتفاق مينسك حيز التنفيذ.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس 12 فبراير/ شباط أن “رباعية النورماندي” توصلت إلى اتفاق لتسوية الأزمة الأوكرانية بالطرق السلمية ينص على وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا ابتداء من يوم 15 فبراير/شباط.

رباعية النورماندي

ويتضمن الاتفاق أيضا بدء سحب الأسلحة الثقيلة من خط التماس خلال يومين من وقف النار والانتهاء من ذلك خلال 14 يوما.

ويشمل هذا البند سحب الجانبين لجميع الأسلحة الثقيلة مسافة متساوية بهدف إقامة منطقة أمنية عرضها 50 كلم بالنسبة للمدافع عيار 100 ملم وأكثر، و70 كلم لراجمات الصواريخ، و140 كلم لراجمات الصواريخ من نوع “تورنادو – اس” و”أوروغان” و”سميرتش”، وذلك من خط الفصل الحالي بالنسبة للقوات الأوكرانية ومن خط الفصل الذي حدد في سبتمبر/أيلول الماضي – بالنسبة لقوات دونباس.

خارطة توضيحية لوقف النار وسحب الأسلحة

وستقوم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمراقبة ضمان وقف النار وتنفيذ سحب الأسلحة، وستزيد المنظمة عدد مراقبيها شرق أوكرانيا.

وأعلن الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو في ختام المحادثات بمينسك أن قائدي الأركان العامة الأوكرانية والروسية سيجريان مفاوضات حول مراقبة تنفيذ نظام وقف إطلاق النار في منطقة دونباس، مؤكدا أن بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستضمن مراقبة نظام وقف إطلاق النار.

بدوره، دعا الرئيس بوتين عقب الاتفاق طرفي النزاع إلى ضبط النفس ووقف إطلاق النار والفصل بين القوات دون إراقة مزيد من الدماء.

على يمين الطاولة بوروشنكو وعلى يسارها بوتين خلال محادثات سابقة

في غضون ذلك، تبرز قضية ميدانية شائكة تخص مدينة ديبالتسيفو الواقعة في المنطقة الأمنية الفاصلة، حيث تقول قوات الدفاع الشعبي أنها تفرض طوقا حول المدينة محاصرة ما بين 6 إلى 8 آلاف من القوات الأوكرانية، بينما تنفي كييف ذلك.

وأوضح بوتين أنه اتفق مع نظيره الأوكراني بيوتر بوروشينكو على الإيعاز للخبراء العسكريين من الجانبين بدراسة الوضع في تلك المنطقة من أجل حل المشكلة.

وفي يوم الجمعة 13 فبراير/شباط، أعلن وزير الخارجية الأوكراني بافيل كليمكين أن العسكريين الأوكرانيين شرعوا بسحب الأسلحة في شرق أوكرانيا.

بافيل كليمكين

وقال كليمكين في كلمة ألقاها أمام نواب البرلمان الأوكراني: “تلقينا إيعازا واضحا بسحب الأسلحة.. الآن بدأ العسكريون الأوكرانيون عملية سحب الأسلحة الثقيلة”، مشيرا إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستتمكن من تنفيذ كامل مهماتها في إطار اتفاقات مينسك.

كما أشار الوزير الأوكراني إلى أن كييف ستعمل على وضع جدول زمني لإخراج كافة “التشكيلات غير الشرعية” من منطقة دونباس.

من جهته، أكد رئيس البرلمان الأوكراني أن النواب الأوكرانيين مستعدون للقيام بكل ما يلزم لتنفيذ اتفاقات مينسك من أجل استعادة وحدة أراضي وسيادة البلاد والسيطرة على كافة المعابر على الحدود، ووقف نشاط التشكيلات المسلحة غير الشرعية.

“القطاع الأيمن” المتطرف في أوكرانيا لا يعترف باتفاقية وقف إطلاق النار

في هذه الأثناء، أكد زعيم تنظيم “القطاع الأيمن” الأوكراني المتطرف دميتري ياروش أن تنظيمه ومقاتليه جنوب شرق أوكرانيا لا يعترفون باتفاقية مينسك الأخيرة.

زعيم القطاع

وأكد ياروش في تعليق على صفحته في الفيسبوك الجمعة أن “القطاع الأيمن” يعتبر أن اتفاق مينسك لا يملك أي صفة قانونية، وتطبيق ما جاء فيه لا يعتبر ملزما لمواطني أوكرانيا.

وقال ياروش إن أي أمر سيصدر عن القوات المسلحة الأوكرانية لسحب الأسلحة الثقيلة والمدافع ووقف إطلاق النار غير ملزم لـ”الفيلق التطوعي الأوكراني”، الجناح المسلح لتنظيم “القطاع الأيمن”، مؤكدا أنهم يحتفظون بحق إكمال العمليات العسكرية حسب برنامج العمليات الخاص، حسب تعبيره.

وقال ياروش إنه يأمل ألا تطبق ترتيبات اتفاقية مينسك الخاصة بنزع سلاح الجماعات المسلحة غير المشروعة على جناح تنظيمه المسلح الذي لا يدخل في هيكلية وزارة الدفاع.

“الوطنيون الأوكرانيون”

وتابع زعيم “القطاع الأيمن” المتطرف قائلا إن أي محاولة لنزع سلاح من  سماهم بـ”الوطنيين الأوكرانيين” سيؤدي إلى خلخلة التوازن الداخلي في البلاد.

يذكر أن “القطاع الأيمن” هو تجمع أوكراني قومي متطرف يضم منظمات مختلفة، يوصف بأن له آراء من أقصى اليمين إلى الفاشية الجديدة. وشارك عناصره في فبراير/شباط 2014 في صدامات مع الشرطة والاستيلاء على المباني الحكومية.

وكان بوروشينكو قد أعلن أن محادثات “رباعية النورماندي” توصلت إلى اتفاق حول إقامة “منطقة عازلة” يبلغ عرضها 50 كيلومترا بين الجانبين المتنازعين في شرق أوكرانيا.

بوروشينكو يصل مينسك قبل المباحثات

وقال الرئيس الأوكراني إن “وقف إطلاق النار سيرافقه سحب الأسلحة والمدفعية الثقيلة”، مشيرا إلى أن الاتفاق يقضي بسحب “مدفعية التشكيلات المسلحة غير الشرعية من “خط مينسك” والقوات المسلحة الأوكرانية من الخط الفعلي على مسافة 25 كيلومترا”.

وأضاف أن الاتفاق يقضي بالإفراج عن جميع الأسرى خلال 5 أيام من انتهاء سحب المدفعية الثقيلة، مشيرا الى أن حرس الحدود الأوكرانيين سيعودون وفقا للاتفاق الموقع إلى جميع المعابر على الحدود مع روسيا قبل نهاية العام الحالي.

وأكد بوروشينكو أن كييف ترفض منح منطقة دونباس “حكما ذاتيا”، مشيرا إلى أن توسيع صلاحيات مقاطعات أوكرانيا سيجري فقط في إطار إصلاح دستوري يتعلق بإقامة نظام “لا مركزي” في أوكرانيا. وأوضح أن كييف رفضت فكرة إقامة نظام فدرالي في البلاد.

وكان زعماء روسيا وألمانيا وفرنسا وأوكرانيا اختتموا مشاورات ماراثونية معقدة وناجحة استمرت نحو 16 ساعة، كادت أن تمنى بالفشل في لحظاتها الأخيرة.

الزعماء الأربعة

ونقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن مصادر دبلوماسية في وقت سابق أن مجموعة الاتصال لم تصادق على مشروع الاتفاق الذي أعده زعماء “رباعية النورماندي”، بسب إصرار ممثلي دونيتسك ولوغانسك على ضرورة سحب كييف قواتها من منطقة ديبالتسيفو التي تحاصرها قوات “الدفاع الشعبي” في دونباس.

كما أشارت الوكالة إلى وجود اختلافات في مواقف كييف وموسكو بشأن تحديد خط الفصل بين الجانبين المتنازعين في شرق أوكرانيا وكذلك وضع “جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين”.

واعتبر الرئيس الأوكراني بوروشينكو قبل انتهاء المحادثات صباح الخميس أنه يعتبر بعض اقتراحات موسكو “غير مقبولة”.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأوكراني هدد بفرض القانون العرفي في كل أنحاء أوكرانيا في حال فشل المفاوضات، منبها إلى أنه في حال لم تؤد القمة إلى نزع فتيل التصعيد “فستسود الفوضى التامة”.

وقبل ساعات من بدء سريان الهدنة، قتل شخصان وأصيب 4 أخرون بجروح بانفجار وقع السبت 14 فبراير/شباط قرب مقر رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية (المعلنة من جانب واحد) ألكسندر زاخارتشينكو.

أحد المصابين

وقبل ذلك بيوم أيضا، وبعد أن كان قد تم التتوصل إلى اتفاق مينسك ذكرت موفدتنا إلى دونيتسك بأن المعارك ما تزال مستعرة في محيط مدينة ديبالتسيفو جنوب شرق أوكرانيا، في وقت أدى فيه قصف الجيش الأوكراني لدونيتسك إلى مقتل 10 أشخاص من بينهم 3 أطفال.

الجدير بالذكر أن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف كان قد صرح بأن موسكو اقترحت خلال قمة “رباعية النورماندي” إعلان هدنة فورية في جنوب – شرق أوكرانيا.

وقال بيسكوف لصحيفة “كوميرسانت” إن الجانب الروسي كان “يؤيد وقف النار فورا”، إلا أن “رغبة قوات الدفاع” كانت البدء بالهدنة من منتصف ليلة 15 فبراير/شباط “للتوصل على نحو فعال الى وقف النار في وقت واحد”.

بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، يبقى الأمل في استمرار تنفيذها حتى بلوغ استقرار وسلام شامل يوقف القتل بين الأخوة في شعب واحد لبعضهم البعض على خلفية أجندات لم تعد مفهومة لأحد خلفت دمارا ودماء غير مبررة.

بنود اتفاقية تسوية الأزمة الأوكرانية

بيان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ختام اجتماعات “رباعية النورماندي”

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.