اقتحام الاقصى والاهمال العربي

صحيفة القدس العربي من لندن ـ
رأي القدس:

قليلون الذين يتذكرون المسجد الاقصى هذه الايام والمحاولات الاسرائيلية المستمرة والمكثفة لهدمه واقامة هيكل سليمان المزعوم مكانه، وذلك بسبب انشغال العرب بثورات الربيع العربي، وهو انشغال مفهوم، وتأجج الصراع الطائفي في المنطقة العربية بأسرها.
ولذلك عندما تدعو جماعة استيطانية متطرفة الى اقتحام المسجد الاقصى اليوم الثلاثاء بمناسبة عيد العرش اليهودي، فان هذه الدعوة لن تحظى بالاهتمام المطلوب اعلاميا او سياسيا ولا نقول عسكريا، فهذا من سابع المستحيلات.
المنظمة اليهودية التي ترفع راية هدم الاقصى تحظى بدعم حزب الليكود الاسرائيلي الحاكم، اي انها من صلب النظام، ومحاولاتها هذه هي من قبيل جس النبض، نبض العرب والمسلمين خاصة، ولهذا تدفق آلاف من ابناء الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 لمناصرة ودعم اشقائهم ابناء المدينة المقدسة للحفاظ على اقصاهم مثلما فعلوا دائما في مواجهة كل المحاولات المشابهة.
الحكومات الاسرائيلية تتخفى دائما خلف الجماعات اليهودية المتشددة لتنفيذ مخططاتها التهويدية، فهكذا فعلت عندما شجعتها على اقتحام الحرم الابراهيمي في الخليل، لتبرير قرارها بتقسيمه بين المسلمين واليهود.
هناك احاديث كثيرة في الاوساط اليهودية المتشددة عن بناء كنيس يهودي في باحة المسجد الاقصى، واخرى عن هدمه، وثالثة عن تقسيمه، وماذا يمنع الاسرائيليين اذا اقدموا على ذلك في ظل انحسار الاهتمام العربي والاسلامي بالمدينة المقدسة، بل وتواطؤ معظم حكام العرب مع الاسرائيليين تحت ذريعة مواجهة ايران التي تشكل في نظرهم الخطر الاكبر.
منظمة التعاون الاسلامي التي تأسست بعد محاولة حرق المسجد الاقصى باتت غير ذات فعالية، ومجرد مبنى لتوفير وظائف لعدد كبير من المسؤولين وممثلي الحكومات الاسلامية، ولا تتحرك في اي اتجاه الا اذا جاءتها التعليمات من الدولة المضيفة، اي المملكة العربية السعودية.
عندما طفت على السطح جريمة الفيلم المسيء للدين الاسلامي والرسول صلى الله عليه وسلم، تحركت المنظمة ولكن بعد اسبوع من المظاهرات والاحتجاجات واصدرت بيانا تدين فيه هذا الفيلم، ولكن لم تصدر اي دعوة لعقد مؤتمر لوزراء خارجية العالم الاسلامي ليس لادانة هذا الفيلم فقط وانما لايجاد آليات واضحة لمنع تكرار مثل هذه الاساءات لاكثر من مليار ونصف المليار مسلم يتمثلون في هذه المنظمة من خلال حكوماتهم.
الفلسطينيون العزل المحاصرون في الاراضي المحتلة سيتصدون لهؤلاء اليهود المتشددين بصدورهم العارية والعامرة بالايمان مثلما فعلوا في كل المرات السابقة. فطالما ان هناك رجالا مثل الشيخ رائد صلاح سخروا حياتهم من اجل الدفاع عن دينهم وعقيدتهم فان المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين سيجد من هم على استعداد للشهادة للحفاظ على هويته الاسلامية.
اقتحام اليهود برئاسة ارييل شارون زعيم الليكود للمجلس فجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتكرار المحاولة اليوم قد يشعل فتيل الانتفاضة الثالثة. فالشعب الفلسطيني لن يسكت في مواجهة عمليات الاستفزاز اليهودية هذه لدينه وعرضه ومقدساته، وهو لم يعد يعول الا على نفسه وليس على اي من الزعماء العرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.