الأزمة السورية بدأت فصلها الأخير

دراماتيكية كانت التطورات الميدانية والدبلوماسية في سوريا خلال الأيام الأخيرة. استعادة الجيش السوري مدينة “سلمى” شكل نقطة تحول في مسار العمليات العسكرية ستظهر نتائجه تباعاً. أضف إليها تصريحات وزارة الخارجية الاميركية وما تبعها من تصريحات للملك الأردني.
استعادة المدينة الواقعة على بعد 48 كيلومتراً عن اللاذقية مثل الضربة الأقوى للمجموعات المسلحة ومن خلفها تركيا منذ اندلاع الأزمة في آذار/ مارس عام 2010. بعد سقوط سلمى بات الحديث عن الحسم العسكري في سوريا ممكناً إلى حد كبير بحسب مراقبين محايدين، وهو ما كان صعباً قبل أشهر.
هذا الكلام ليس مبالغاً فيه. فسرعة سقوط المدينة كان لافتاً. هي تضم نخبة من المقاتلين من جنسيات شيشانية وتركستانية وبعض الفصائل التركمانية مجهزين بأحدث انواع الاسلحة. بدا وكأن جميع هؤلاء هربوا من المدينة.قلعة المسلحين في الساحل الواقعة على ارتفاع 845 كيلومتراً عن سطح البحر تقع في مركز مثلث يصل بين أرياف اللاذقية وإدلب وحماه ما يعني أن الجيش السوري سيتمكن من قطع امدادات المسلحين في اكثر من جبهة.
من مكاسب السيطرة على المصيف الجميل أيضاً هو إبعاد خطر الصواريخ عن اللاذقية ومطار حميميم العسكري ومناطق مجاورة عدة.
لكن ماذا عما بعد استعادة سلمى؟ استعادة سلمى ستعجل إمكانية السيطرة على ربيعة وهي ثاني أهم المعاقل في الريف الشمالي الغربي للاذقية، وبالتالي سنكون أمام مشهد الاقتراب من إغلاق الحدود مع تركيا وإعلان محافظة اللاذقية كاملة تحت سيطرة الدولة السورية.
ستنتقل المعارك بعدها إلى سهل الغاب وصولاً إلى جسر الشغور بالتوازي مع استكمال العمليات في ريف حلب الجنوبي. إذا سارت الأمور بهذه الطريقة من دون عقبات، وهذا هو المتوقع، فإن الجيش السوري سيحكم الطوق على مدينة إدلب وبالتالي سيضع المسلحين أمام خيارين إما الاستسلام أو الهزيمة. وسقوط إدلب ببساطة سيشكل بداية نهاية الصراع العسكري على الأرض لمصلحة الجيش السوري.

ماذا عن السياسة..

هذا في الميدان أما في السياسة فقد أعلنت دبلوماسية العم سام صراحة وللمرة الأولى أنها ليست معنية بموضوع بقاء الرئيس بشار الأسد من عدمه وهو ما أكدته الوثيقة السرية المسربة من الأروقة الأميركية بأن البيت الأبيض سلم ببقاء الأسد حتى آذار/ مارس عام 2017، ما يعني أن الرجل باق في منصبه حتى إشعار آخر.
أحدث التصريحات المفاجئة فجرها الملك الأردني عبدالله الثاني بالأمس. قال الرجل إنه ينسق مع روسيا لوقف إطلاق نار في جنوب سوريا. ترافق كلامه مع تصريحات أردنية بقرب فتح معبر نصيب الحدودي لتمرير البضائع إلى سوريا ولبنان.
دلالات هذه التصريحات مهمة جداً. فوقف إطلاق النار يعني أن الخطر على العاصمة دمشق من جبهة الجنوب أصبح من الماضي. وعلى مستوى فتح المعبر على الرغم من سيطرة المسلحين عليه فإن ذلك سيعني حكماً بداية لإعادة العلاقات بين الطرفين بشكل تدريجي خاصة أن الحديث عن دمج الجيش الحر (المسيطر على معبر نصيب) في الجيش السوري بات جدياً.
كل التطورات حول سوريا هذه الأيام تشي بأن الأطراف المتصارعة وعلى رأسها روسيا والولايات المتحدة توصلت الى اتفاق إطار للتسوية المرتقبة. هذا يعني أن سفينة الحرب السورية بدأت تسير إلى نهايتها.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.