الإتفاق مع إيران يقلب المعادلات الإقتصادية

US-NYSE-STOCKS

صحيفة الجمهورية اللبنانية –

طوني رزق:

سوف تحمل العمليات الاولى في اسواق النفط العالمية تراجعاً دراماتيكياً لأسعار النفط بعد الاتفاق مع ايران، وكذلك آثاراً على النمو الاقتصادي من دون إغفال تراجع اضافي للذهب.

يتوقع ان تسجل اسعار النفط انخفاضا كبيرا مع عودة الاسواق للعمل اليوم الاثنين. يأتي ذلك اثر الاتفاق الذي توصلت اليه الدول الست الكبرى مع ايران في شأن برنامجها النووي. وبعد ارتفاع سعر نفط مزيج برنت الخام في اوروبا يوم الجمعة الماضي الى 111.05 دولار للبرميل، وبعد ان كان بلغ مستوى 128.40 دولارا في آذار العام 2012 عندما تحرّك الاتحاد الاوروبي نحو التضييق الاقتصادي وزيادة العقوبات على ايران، فانه من المتوقع ان تنزلق اسعار النفط ما دون المئة دولار اي من المتوقع ان ينخفض سعر برميل برنت بنحو 12 دولارا.

ويبدو ان الاتفاق توصل ايضا الى رفع جزئي للعقوبات سوف يسمح لايران بجني نحو سبعة مليارات دولار اميركي، خلال ستة اشهر. وفي المرحلة الاولى، سوف يتم رفع الحظر وفك تجميد حسابات ايرانية بقيمة 4.2 مليار دولار اميركي. كما سوف يسمح لايران بتصدير مواد بتروكيميائية بقيمة مليار دولار. وذلك بالاضافة الى تصدير نحو 550 مليون دولار من انتاج السيارات. وسوف يسمح الاتفاق ايضا بتوفير نحو 400 مليون دولار نفقات دراسة الطلاب الايرانيين في الخارج. وسوف يسمح لايران ايضا بالحصول على قطع الغيار للطائرات المدنية. كما تُرفع بعض العوائق عن التداول بالذهب.

ويتوقع ان يُسمح لايران بتداول التجارة بالذهب والمعادن الثمينة حتى قيمة 1.5 مليار دولار اميركي.

ورغم ان العقوبات ما زالت تجمّد التداول بالقسم الاكبر من المئة مليار دولار وهي قيمة موجودات ايران من العملات الاجنبية، فان اول اتفاق بين العالم الغربي وايران منذ 33 عاما سوف يبدّل الكثير من التداولات في الاسواق العالمية.

زلزال شرق اوسطي

يبدو ان الاتفاق كان بمثابة زلزال كبير هزّ كل الدول العربية والخليجية الكبرى واسرائيل. اذ ان عودة الاخ الاكبر الذي تمثله ايران الى التحرّك بسهولة في المجتمع الدولي قد يتبعه دور اكبر لايران في الشرق الاوسط. وتعتبر ايران دولة كبيرة خصوصا بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 20 مليون نسمة، مقارنة مع 85 مليون نسمة في ايران. واذ تعتبر السعودية صاحبة اكبر مخزون نفطي وغاز في الشرق الاوسط تأتي ايران في المرتبة الثانية مباشرة. وهناك حذر كبير في اوساط الدول الخليجية من سيطرة ايرانية على قسم كبير من حصتها في الاسواق. كما يعتقد البعض ايضا ان الضغوط الدولية على ايران سوف تكون اكبر على ضبط تحركات حزب الله في لبنان منه على الاستمرار في برنامجها النووي وخصوصا على الحد من دعمها المالي واللوجستي والعسكري للحزب.

كما يعتبر البعض الاخر ان الشعب الايراني يتمتع بجذور ديموقراطية وسوف يتمسك مجددا بالمبادىء الديموقراطية في العالم الغربي اذا ما أعيد التواصل بين الشعب الايراني والعالم الغربي.

في الارقام، هناك نحو مليون برميل نفط ايراني يوميا سيكون جاهزا للتسويق عالمياً، وهو يشكل عاملا قويا لخفض قوي ودراماتيكي لاسعار النفط العالمية. كما سوف تتأثر الاسعار بانخفاض مخاطر نقل النفط والغاز من خلال مضيق هرمز حيث ينقل يوميا نحو 17 مليون برميل، كما كان الوضع في العام 2011. الامر الاكيد ان العام 2014 سوف يشهد اغراقا للاسواق العالمية بالنفط الايراني. وسيضغط هذا الواقع على اسعار النفط العالمية، ويؤثر مباشرة على النمو الاقتصادي العالمي الذي يصبح أفضل مع أسعار نفط أدنى.

وكانت العقوبات الاميركية خصوصا، والغربية عموما، قد كلفت ايران نحو 120 مليار دولار من العائدات منذ العام 2010 عندما زادت العقوبات على الطاقة والمرافىء وشركات التأمين والنقل البحري والمصارف وعمليات تجارية ومالية ايرانية اخرى. وتراجع حجم الصادرات النفطية الايرانية بنسبة 60 في المئة منذ عامين. اما الاتفاق الجديد فيبدو انه رفع العقوبات على التأمين ونقل النفط الايراني.

وبموجب العقوبات الغربية اضطر مشترو النفط الايراني المتبقين الستة وهم الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا وتايوان الى دفع ثمن النفط بعملاتهم الخاصة بدلا من الدولار واليورو. وكان معظمهم يودع هذه الاموال في حسابات مصرفية لتستعمل لتسديد مشتريات ايران من البضائع.

اما على مستوى التداول بالذهب، فكانت ايران تستورد بكثافة الذهب اي ما يزيد عمّا يوازي 1.5 مليار دولار شهريا لمواجهة التضخّم وتدهور سعر صرف عملتها. ورغم رفع العقوبات على تداولاتها بالذهب الا ان ذلك لم ينسحب على منعها من قبض ثمن صادراتها النفطية بالذهب.

ويبدو ان الاتفاق الجديد قد اثار حفيظة الكثيرين وفي طليعتهم المنظمة الاميركية الاكثر نشاطا ومعاداة لايران وهي المتحد ضد ايران النووية التي طالما حاربت البنوك اللبنانية على خلفية عمليات مشتبه بارتباطها بالتمويل الايراني وعمليات مالية اخرى مرتبطة بايران.

ويبدو ان الرئيس الاميركي استطاع أخيرا تحقيق نوع من الانتصار على خلفية الاتفاق مع ايران، اذ جعل من العام 2013 عام “الاتفاق مع ايران” والذي سيكون علامة فارقة على الصعيد السياسي والاقتصادي والمالي في العالم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.