الإعتراف المتأخر؛ العدوان السعودي الأميركي

yemen.jpg

موقع الوقت التحليلي:

تصريحات واشنطن “البيضاء” من ناحية،  ومواقفها السوداء من ناحية اخرى، أفضت إلى مشهد رمادي سمح للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي “نيد برايس” أن يعلن جديّة أميركا “في كل الروايات الموثوق بها عن مقتل مدنيين”، فما هي حقيقة الموقف الأميركي تجاه العدوان السعودي على اليمن، وتحديداً مقتل المدنيين؟

لطالما حاولت واشنطن “التململ” من الإعتراف الصريح في دعم العدوان على الشعب اليمني، معتمدةً سياسة “الحافر والمسمار”، إلا أن وزير الخاجية السعودي “عادل الجبير” اكّد التقارير التي صدرت عن الوفود اليمنية في جنيف حول عرقلة السفير الأميركي للمفاوضات ورفض تمديدها، عندما كشف في ختام لقاءاته مع نظيره البريطاني “فيليب هاموند” والأميركي “جون كيري” في لندن عن وجود ضباط بريطانيين وأميركيين ومن دول أخرى في غرفة قيادة العمليات العسكرية في اليمن، ما دفع بمجلس العموم البريطاني، بالأمس، لإستجواب رئيس الوزراء “ديفيد كاميرون” بسبب ” المشاركة في الحرب الوحشية التي تقودها المملكة العربية السعودية على اليمن منذ عشرة اشهر”.

لم ينتظر “كيري” طويلاً لتأكيد مزاعم “الجبير”، حيث أقرّ بالأمس مشاركة بلاده في العدوان على اليمن، وإستمرارها في تقديم الدعم والإسناد للسعودية، ما يؤكد أن العدوان على اليمن هو قرار أميركي-سعودي مشترك، وبالتالي ما يعني القضاء، ولو مرحلياً، على جهود الأمم المتحدة وأمينها العام ومبعوثها الخاص إسماعيل ولد الشيخ تجاه الحل السياسي في اليمن.

قد لا يهمنا أسباب “كيري” في الإفصاح عن ذلك، فهل الأمر بمثابة إرضاء للسعودية مقابل تنازلها عن “التعنت” تجاه الوفد السوري المعارض في مؤتمر “جنيف-3” أم لدعم الرياض في صب النار على زيت العلاقة مع طهران، أم الأمران معاً. ولكن دعم “كيري”، يؤكد زيف بيان المتحدث باسم الأمن القومي حول القلق الأميركي على المدنيين لأن “تصريحات المسؤول الأميركي تعني الاستمرار في سفك الدماء والخراب والدمار الذي طال وما يزال مختلف نواحي الحياة في الجمهورية اليمنية”، وفق ما أعلن المتحدّث باسم اللجنة الثورية العليا السيد “محمد علي الحوثي”.

ربّما يعتقد البعض أن أميركا، ومن خلفها السعودية، تريد اضعاف أنصار الله فقط، ما يدفعنا للتساؤل هل قصف طيران العدوان “جرف سلمان”  أو “جبال مران” أو حتى محافظة صعدة فقط؟ ألم تكن حصيلة العدوان السعودي، وفقاً للأمم المتحدة، بعد مضي 10 أشهر حوالي 7500 شهيد و 14000 جريح أغلبهم من النساء والأطفال، وفيما يتعلق بالأضرار الناجمة عن المنشآت والبنى التحتية فقد تم تدمير 450 جسراً وطريقاً و 319957 منزلا ً و 3750 مدرسة، و 36 جامعة، و 229 مستشفى و وحدة صحية، و 16 مؤسسة إعلامية و 146 شبكة للمياه، و 122 محطة كهربائية ومولداً. ألم تبلغ شبكات الإتصالات المتضررة 140 شبكة؟ ألم تستهدف الظائرات14 مطاراً و10 موانئ؟ بالطبع بلى، فالمُستهدف اليوم، اليمن بأسره، وليس حركة أنصار الله أو الجيش أو حتى اللجان الشعبية.

لطالما قرأت في الصحافة اليمنية عبارة “العدوان السعودي-الأميركي” منذ حوالي الـ10 أشهر. لم أكن مقتنع بها داخلياً، سوى من ناحية الحماية الدولية للرياض وتحديداً في مجلس الأمن والإقتصار على تقديم المعلومات الاستخباراتية فقط وبعض الدعم اللوجستي، خاصةً أن أميركا نجحت، ولو بعض الشئ، في إظهار “دور الوسيط القلق على الوضع اليمني ودور الملاك الحنون الرافض لعنف السعودية وجرائمها وحاولوا من خلال تحركات دبلوماسية واسعة على مستوى دولي تقديم اميركا كطرف محايد”. ولكن أذعن اليوم وأنحني لأبطال الإعلام اليمني، تماماً كما إنحنيت بالأمس لأبطال الميدان وقبلها لشهداء اليمن، لبصيرتهم السياسية التي فضحت أبعاد العدوان منذ اليوم الأول.

لست وحيداً من أصحاب القناعة الجديدة، بل يشاطرني بها العديد من أبناء الشعب اليمني اللذين فضّلوا السكوت والصمت طيلة الفترة الماضي، ولا أستبعد أن يكون الكيان الإسرائيلي في غرفة قيادة العمليات العسكرية في اليمن، وفق ما أعلن “الجبير”. فيما يخص أميركا، الخلاصة غدت واضحة، كالشمس في كبد السماء، مخطئ من ظن يوماً أن للثعلب دينا.

الوقت

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.