الإعلام الباكستاني.. بين مطرقة نواز شريف وسندان العسكر

pakistan-Capital_Talk_Logo

موقع إنباء الإخباري ـ
هادي حسين*:

لا يختلف إثنان على أن ثالوث: الساسة، العسكر والسلطة القضائية هو الذي يحكم باكستان منذ عام 1967، حيث أن باكستان بقيت 30 عاماً تحت حكم العسكر مباشرةً.
لكن مؤخراً راح الإعلام يلعب دوراً لا يروق لهذه السلطات الثلاث (الساسة، العسكر والسلطة القضائية) التي لا تريد للمؤسسة الإعلامية الطموحة أن تكون إلا وسيلة لتحقيق الغايات السياسية لهذه السلطات داخلياً وخارجياً.
ففي فترة حكم الجنرال برويز مشرف عانى الإعلام كثيراً، وبقيت هذه المُعاناة ـ لكن بوتيرة أخف ـ إبان حكم الرئيس زرداري الذي حاول في بداية ولايته ـ التي أكملها بأعجوبة ـ أن يحافظ على حرية الصحافة والتعبير، ملتزماً بالمواثيق والعهود الدولية؟ بيد أن المصلحة وحلم أن يصبح أول رئيس باكستاني يُكمل ولايته من غير تدخل عسكري جعله يخلف بعهوده التي أطربنا بها  في خطاب القسم، عندما أستلم باكستان لحماً وتركها عظماً.
اليوم، زادت  العلاقة توتراً مع الإعلام، عندما قام  أخ المُذيع الأشهر في باكستان عامر مير بإتهام ” وكالة الإستخبارات الباكستانية ” بالوقوف وراء محاولة إغتيال أخيه مُقدم البرنامج السياسي المشهور “Capital Talk”.
على خلفية ذلك، سارع قائد الجيش راحيل شريف بزيارة مقر قيادة وكالة الإستخبارات الباكستانية داعماً،  بينما قام رئيس الحكومة نواز شريف ـ الذي يسعى بكل قوة لتحييد الجيش والحد من نفوذه ـ إلى زيارة المُذيع حامد مير في المستشفى حيث يرقد سابحاً في غيبوبة قد تكون أفضل  لكثيرين من عافيته الآن.
نتيجة لهذا الحادث إتضح للمراقبين عمق الخلاف بين الحكومة الإتحادية ـ وعلى رأسها نواز شريف ـ والمؤسسة العسكرية التي يبدو أنه غير راضية على أدائه، والتي تعتبرنفسها أنها “فوق الدستور إذا لزم الأمر” كما عبّر أحد الجنرالات (بوابة نيوز – 5\26).
بالإضافة إلى ذلك، فإن البعض يعتبر أن المؤسسة الإعلامية الباكستانية تخوض حرباً بالوكالة بين الساسة وطبقة الرأسماليين من جهة، والعسكر من جهة ثانية.
ولا يبدو أن نواز شريف يتقّن المداهنة بالقدر الكافي، ليبقى كزرداري في الحكم طوال فترة ولايته الدستورية. فمداهنة آل سعود وحدها غير كافية بنظر مراقبين ليخمد النار التي سعّرها بينه وبين العسكر
من خلال عدة خطوات استفزازية، أهمها زيارة فاشلة ومرفوضة أصلاً للهند العدو التقليدي للعسكر الباكستاني ، وتعيين السيد نجم ستي وهو من الوجوه المعروفة بعلاقتها مع الهند في منصب له رمزيته في باكستان،  وهو رئيس لجنة لعبة الكريكت القومية، وإصراره على المُضي بالحوار مع طالبان باكستان وعدم الإكتراث لرأي العسكر الذي فرض بالأخير رأيه بالقوة، حيث قام بعملية عسكرية في المناطق القبلية .
نعم، هو أهدى مادةً للعسكر كي يبتزوا من خلالها آل سعود ما يدرّ عليهم بضع مليارات من الدولارات تفوح منها رائحة البترول، خصوصاً وأن باكستان تعيش أزمة طاقة تُهدد شعبية نواز شريف الذي كان قد وعد بإيجاد حل لمسألة الطاقة خلال أشهر من تسلمه الحكم .
وفي كل الأحوال يبقى الإعلام والشعب الباكستاني هو المتضرر الأكبر من هذه المناوشات التي لن تجعل من المؤسسة الإعلامية مؤسسة حاكمة بقوة المؤسسة العسكرية ، كما أنها لن تخرج الشعب النووي من حرمانه الخبز وماء الحياة .
*كاتب باكستاني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.