الانتصار حليف أيار

 

موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:

كما لو أنه شهر مبارك، مدّ جناحيه فوق المقاومة، واحتضنها، مذ أن أهدته النصر في 25 أيار من عام 2000 حيث ضحكت البلابل، وغرّدت بنشيد الحرية، وابتسمت الأرض لعشّاقها، نافضة عنها غبار الاحتلال، مذ أن هرب آخر جندي للعدو الصهيوني عنها، دون أن يتجرأ إلى النظر خلفه، كي لا تحترق عيناه برؤية رجال المقاومة. منذ ذلك اليوم، كان لعزف النشيد الوطني طعم آخر ولون آخر.

وشاءت الأقدار أن تكون الإنتخابات النيابية في السادس من هذا الشهر بعد 18 عاماً، وللمرّة الأولى وفق قانون انتخابي جديد، هو ليس الأفضل، لكنه بالتأكيد أفضل من القانون الأكثري الذي كان يطلق عليه “قانون المحادل” حيث كان كل فريق يحصد مناطقه بلا رحمة، وصبغ البلد بوجهين متناقضين، بين مؤيد ومعارض للمقاومة.

القانون الجديد، اعتمد على أساس النسبية، لكن اشتغلوا فيه وفصلوه بما يحفظ أماكنهم، فلا تكون الكلمة المطلقة للجمهور، حيث قسم القانون إلى دوائر صغيرة، وأبقى على المذهبية والفئوية، بما يتيح لهم اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي لحصد مزيد من أصوات الناخبين. ولنضف إلى ذلك المال الإنتخابي المجنون، حيث رفعوا من نسبة الإغراءات المادية والمالية إلى أبعد الحدود، والتأثير النفسي على الناس، إذ كيف لسفير دولة كبيرة كالسعودية ويرافقه سفير دولة الإمارات أن يزوروا منطقة عقدوا الآمال الكبيرة عليها وهي منطقة بعلبك حيث كان الرهان على إضعاف جمهور المقاومة فيها؟

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ انقلب السحر على الساحر، فجمهور المقاومة هو جمهور مدرك وواع لا ينقاد كيفما اتفق، وإنما له قيادة يعشقها بجنون، ويثق بها بما لا ينفع معه لا قرع الطبول الفارغة، ولا مكائد المتآمرين، وهكذا ارتد الأمر عليهم وبالاً، فكانت هذه الخطوة الدنيئة بمثابة استفزاز كبير لجمهور المقاومة الذي لم يردّ في وقتها، لكنه حتما ردّ في صناديق الإقتراع، حيث كانت أعلى نسب مشاركة على مستوى لبنان، حتى العجائز والمرضى وذوو الإحتياجات الخاصة أبوا إلا أن يشاركوا في الإقتراع ولو محمولين على الأكتاف، لأنه في لبنان لا يوجد ما يتناسب مع هذه الحالات، وكثير من أقلام الإقتراع كانت في الطابق الثاني والثالث، ومع ذلك فقد حملوا هؤلاء بسبب حماسهم للإدلاء بأصواتهم في كراسيهم المتحركة على الأكتاف ليشاركوا في فرحة انتصارهم عند فرز الأصوات.

وحتى بعض رؤساء الأقلام الذين تباطؤوا في إجراء عملية الإنتخاب بحجة القانون الجديد، مع أن هذا الأمر كان يجري بوتيرة أسرع في مناطق أخرى. حتى هذا الأمر لم ينفعهم، لأن المنتخبين أبوا أن يغادروا أقلام الاقتراع قبل أن يدلوا بأصواتهم، وهذا حق لهم، مما اضطرهم إلى تمديد الوقت حتى يتسنى للجميع المشاركة.

بعد كل هذا كان لا بد وأن تأتي النتائج مخيبة لآمال هؤلاء الذين حاولوا عرقلة مسيرة المقاومة عن التقدّم، فإذا بها تكتسح كل شيء حيثما وجدت، فحصدت لوائح المقاومة نتائج باهرة في مناطقها، وخيّبت آمال المتربصين بها سوءاً.

وحصدت بالإضافة إلى ذلك، نتائج جيدة في باقي المناطق، لأن القانون النسبي أتاح لحلفاء المقاومة وأصدقائها الوصول، ودخل إلى المجلس النيابي وجوه جديدة نأمل منها كل الخير، وأول هذا الخير أنها عروبية أصيلة، تعادي الإمبريالية الأمريكية وكل من يدور في فلكها وتناصر القضية الفلسطينية في وجه العدو الصهيوني.

بالمحصلة، أصبح يوم 7 أيار، يوم صدور النتائج، يوماً مجيداً، وانتصاراً جديداً لخط المقاومة ونهجها، ليشرق على جبين هذا الشهر أكثر من انتصار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.