الانتفاضة الثالثة واقتراب يوم الحساب

intifada

موقع المجد الأخباري ـ
المجد- خاص:
أي انتفاضة لابد لها أن تمر بثلاث مراحل أساسية قبل أن تشتعل وتنطلق شرارتها، فالمتتبع للانتفاضات الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني يجد أن المرحلة الأولي للانتفاضة انطلقت من الوعي الفكري والإدراك ثم تليها مرحلة الشعور والإحساس ومعايشة الفكرة حتى تصبح جزء من أحاسيس الإنسان والجماعة ثم تنعكس هذه الفكرة إلى الخارج لتمر بالمرحلة الأخيرة ما قبل الثوران وهي مرحة العمل والتمرد على الجلاد.
في هذا التقرير  لن نتحدث عن توقعاتنا عن موعد الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، ولكن سنلقي الضوء على المراحل والمكونات التي من شأنها أن تنضج فكرة الانتفاضة وتشعلها ونترك للآخرين تحديد وقتها.
المرحلة الأولى: الوعي الفكري والإدراكي الأمني:
قبل الإبحار في تحليل المراحل التي تمر بها الشعوب ما قبل الانتفاضة أن علي الإطلاق ودوما كان من يشعل الثورات هو جيل الشباب وإن من أهم أسباب إشعالها حالة اليأس والقهر والإحباط.
فدوما كان الوعي الفكري مقدمة لأي ثورة، فلابد من نضوج الفكرة وتوسيع الفهم الإدراكي عند الشعوب وخاصة الشباب فهناك أسباب تنمي وتصقل الفكر والوعي من خلال الأحداث والصعاب والمعاناة التي يعايشها جيل الشباب من قتل واعتقال وذل على الحواجز وغياب الأمل في إيجاد الحلول من اجل المستقبل وحياه أفضل، وانسداد أفق التسوية السياسية، وممارسات الأجهزة الاستخبارية الصهيونية مع المقاومة وكبت جماحها وملاحقة عناصرها.
كل هذه الأمور زاد من الإدراك والوعي لدي الشباب وزاد من الألم والمعاناة الفكرية لتترجم فيما بعد في مرحلة ثانية من الإحساس بالمعاناة ومعايشة الواقع المرير.
ولعل التواصل بين الشباب من خلال التقنيات الحديثة من الفيس بوك وغيرها زاد من حالة الوعي بالواقع الأليم، وأساليب العدو ومخابراته في تدمير أحلام الشباب ومستقبلهم، كانت سبب في ظهور ثورات الانقلاب علي المخططات الصهيونية وعلى الظلم والفساد والعبودية، فقد أثرت بشكل أو بأخر لزيادة الوعي الفكري والأمني لدي شريحة الشباب كان ينظر لها أنها بلا فائدة ولن تكون عنوان لأي تغير قادم، إلا أنها أذهلت الجميع في امتلاكها مستوى ثقافي متقدم وأنها هي من صنع التغير لا من شارك فيه، وهى من سينقلب علي الواقع ويعمل على تغيره مهما كلفها الأمر، كما حصل في الانتفاضتين الاولى والثانية، حيث كان الشباب رأس حربة في المواجهة وكانت سرعة الاستجابة والتنسيق بينهم أكبر من أي مؤسسة أو منظمة لديها لوائح وأطر.0
المرحلة الثانية: الإحساس بالفكرة ومعايشة معاناتها:
عندما يصل الإنسان إلى حالة من التطور الفكري فيما يدور من حوله وتتفتح بصيرته وتتوسع مداركه يصل إلى رؤية واضحة لمكنونات الأمور وخفايا الأشياء التي تحاك من حوله ينعكس ذلك علي الإدراك الحسي بمعايشة الفكرة من خلال الشعور والإحساس والتألم والكبت والمعاناة والصمت بعمق، لتتكون لدية حالة من اليأس والهدوء الذي يسبق العاصفة، تصل به إلى حالة أمنية راقية صامتة لا تلفت الانتباه.
فقد تبلورت الأفكار والفهم والحس الأمني إلى مرحلة جديدة مرحلة الإحساس بها والتألم معها، ولعل الواقع في الضفة من ضغط وملاحقة أمنية على المستويين الداخلي والخارجي والإهمال العربي والحواجز الصهيونية وقتل الأسرى وتعذيبهم واسر المزيد، والفساد الحكومي في إدارة الأزمة وتجاهل المعاناة لدي العامة وبالأخص شريحة الشباب، ولد حالة من اندماج الفكر بالإحساس والغليان لما قبل الانفجار.
والواضح هذه المرحلة تبلورت واكتملت بل تم تخطيها لمرحة اخطر تنعكس فيها مكنونات الشارع بممارسات ميدانية تأتي في سياق المرحلة الأخيرة لما قبل الثورة أو الانتفاضة سمها ما شئت.
ثالثا: العمل من أجل التغيير:
كما أسلفنا عندما تكتمل مقومات الثورة من وعي فكري وإحساس وتبني للفكرة يأتي دور العمل من اجل الانقلاب علي الواقع لتغيير الأفكار القديمة البالية والواقع المرير بطموحات نسجت في عقول وقلوب الشباب من اجل التغيير فكانت الثورة علي الأرض وفي الشارع وفي الميادين تحتاج لشرارة تفجر جبال من معاناة تراكمت عبر سنين طوال من الظلم والقهر والاستبداد وغياب الأمل بغد مشرق.
لعل الاحتجاج على غلاء الأسعار كان مقدمة في الضفة الغربية ولعل الاحتجاج على الملاحقة الأمنية للاحتلال كان مقدمة ولعل الاحتجاج على القيود الإسرائيلية وممارسات المستوطنين كان مقدمة ولعل مشاركة الشارع وغضبة على خلفية إضراب الأسرى واستشهاد بعضهم كان مقدمة لتفجير انتفاضة لكن لم يحن بعد انطلاق الانتفاضة الكبرى فما هي إلى سحابات دخان تبشر بانفجار البركان وما زلنا ننتظر القشة التي ستقسم ظهر البعير أين وكيف ومتى يبقي في عالم الغيب ولكن من خلال رؤيتنا الأمنية نستطيع أن نقول أننا علي أعتابها وسنترك لكم تكهنات بدايتها كما أسلفنا سابق .
عودة لقراءة التاريخ:
لو عدنا قليلا متأملين الانتفاضة الأولى انتفاضة أطفال الحجارة نجد أنها جاءت نتاج تراكمي لسياسات الاحتلال القمعية والضغوطات الأمنية تجاه الشعب الفلسطيني، وما كانت حادثة جباليا سوى القشة والشرارة التي أشعلت فلسطين المحتلة عام 1987، فقد كانت انتفاضة شعبية محضة، حيث شارك بها أبناء الشعب الفلسطيني كافة عن قناعة راسخة بضرورة تغيير الواقع الأليم، ورفض الواقع الأمني المهين رغم فسحة العيش ورغد الاقتصاد في تلك المرحلة.
أما الانتفاضة الثانية عام 2000 حيث ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين لانتهاء الفترة المقررة لتطبيق الحل النهائي بحسب اتفاقيات أوسلو والشعور بالإحباط بسبب المماطلة وجمود المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد2، وتوضّح أن محاولة إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية فرض حل على الفلسطينيين بعيدا عن قرارات الشرعية الدولية (242، 338، 194)، ذلك بالإضافة إلى عدم تطبيق إسرائيل للعديد من الجوانب التي تم الاتفاق عليها في أوسلو أو الاتفاقيات والمفاوضات اللاحقة بحجة امن دولة الكيان.
واستمرار إسرائيل في سياسة الاغتيالات والاعتقالات الأمنية والاجتياحات لمدن وقرى ومخيمات الفلسطينيين ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة إلى استمرار بناء المستوطنات واستبعاد الانسحاب لحدود حزيران 1967، جعل الفلسطينيين مقتنعين بعدم جدوى عملية التسوية للوصول إلى تحقيق الاستقلال الوطني.
وفي ظل هذا الشعور العام بالإحباط والاحتقان السياسي، قام أرئيل شارون، بدخول المسجد الأقصى وتجوله في ساحاته مما أثار استفزاز المصليين الفلسطينيين فاندلعت المواجهات وكانت الانتفاضة الثانية.
الموقف الصهيوني من انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة:
بلا شك دولة الكيان قلقة من اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، وتخاف أن تأخذ الوجه العسكري في المواجهة كما كانت انتفاضة الأقصى، فقد كشف القائد العسكري الصهيوني الكولونيل “يانيف الآلوف”، الأحد، عن أن انتفاضة فلسطينية ثالثة انطلقت بالفعل في الضفة الغربية المحتلة، وأضاف “لم نعد على شفا انتفاضة ثالثة – إنها قائمة بالفعل. نتوقع الكثير من (الاشتباكات) من ألان فصاعدا”.
وأعرب إذا ما اتسعت رقعة المواجهة فأن الجيش الصهيوني ربما يواجه نقصا في جنود الاحتياط، وطالبت قيادات صهيونية بتخفيف وتيرة الضغوطات الأمنية والاقتصادية على الضفة الغربية ودعم السلطة للحيلولة دون اتساع رقع المواجهة وخروجها عن السيطرة.
الانتفاضة الثالثة وقراءة الواقع:
يبدو أن التاريخ يعيد نفسه وأن جميع مقومات الانتفاضة اكتملت وجميع الأسباب التي أشعلت الانتفاضات السابقة حضرت بقوة وأضيف عليها ضغوطات داخلية وخارجية أمنية وسياسية واقتصادية، وهذا ما تشعر به أجهزة الاستخبارات الصهيونية من خلال تقاريرها للقيادة السياسية وتحاول التخفيف من الأسباب المؤدية للانفجار من حين لأخر.
ونشير في هذا المشهد، إذا ما قامت انتفاضة ثالثة فأنها لن تبقي ولن تذر وستستخدم بها كل أشكال المقاومة الشعبية والعسكرية والسياسية وستكون نقطة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، بعد أن طفح الكيل واكتمال كل مقومات الانفجار لكن نحن بانتظار من سيشعل الفتيل ليفجر الانتفاضة فهل اقترب يوم الحساب؟؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.