الانسحاب الأخير والهزيمة…

 

آية ترمس

الإنسحاب الأميركي من سوريا.. جملة بدأت تتردد على لسان الولايات المتحدة وفي تغريدات رئيسها دونالد ترامب منذ وقت ليس بطويل و ما زالت و في كل مرة تغني هذا الموال وقد أصبحت مشهورة به إذ أعادت و أعلنت أنها تريد الإنسحاب للمرة الثالثة أو الرابعة على التوالي. السؤال الذي يطرح نفسه هنا : ما الجديد هذه المرة؟ و على ماذا يدل هذا الموقف المتردد؟

من الجدير بالذكر في هذا الموضوع أنه هناك شك في جدية الإنسحاب الأميركي من سوريا، إذ سبق للإدارة الأمريكية و كما ذكرنا، أن أعلنت عزمها على الإنسحاب أكثر من مرة سابقاً و لم تفعل و لم نرى لها أي خطوة في طريق هذا الإنسحاب ، فأين الجد في ذلك؟
و على أثر ذلك فلنقل، أنه و إن حصل ما حصل و أقرت الولايات الإنسحاب قريباً أو بعيداً، فإنها ستكون قوة إحتلال على أرض عربية إذ ينبغي لها و في مطلق الأحوال أن تندحر عن هذه الأرض فوراً و بالقوة.
و مما لا شك فيه أن المبرر الوحيد لفكرة الإنسحاب يبدو واضحاً، و يمكن اختصاره في عنوان بسيط : هزيمة داعش. نعم، يجب التأكيد على فكرة إنتصار محور المقاومة ” حزب الله و إيران و الجيش السوري و حلفائهم” و أنهم هم من هزموا داعش شر هزيمة في أكثر من منطقة.
أما أميركا و حلفاءها من العرب كانوا على المقلب الآخر تماماً في دعم داعش و إطالة امد عمرها.
و لكن هل هذا الدعم هو عن محبة و يدل على عمق العلاقة بين أميركا و حلفائها ؟
طبعاً و مما لا جدال فيه أن هذا الإنسحاب لا يدل إلا على شيء واحد و حاسم هو عدم وجود أي حليف أو صديق تابع لأميركا مطلقاً أو أنها تقف معهم موقفاً ثابتاً ليس فيه حركة صعود و لا هبوط. بل على العكس، إن هذه الأفعى تعمل عملها بحرفية ، فنراها ترمي لهم طعماً فيأكلونه بشهية و على مدى ليس ببعيد تطعن بهم و تلسعهم بسمها فتبدأ عوارض هذا السم تنتشر في أجسام هذه المجموعات الإرهابية المسلحة التكفيرية و غيرها أو (المرتزقة). و الذي يؤكد هذه النقطة، موقف السفير الأمريكي السابق روبرت فورد الذي أشاد بغدر أميركا منبها الأكراد و المعارضة السورية بعدم الإعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية في شيء و عدم تصديق كلامها و وعودها الزائفة بل يجب عليهم أن يذكروا التاريخ الحافل بعلاقتهم مع هذه الدولة و مع حلفائها و أن كل ما جناه هؤلاء من هذا التحالف ليس سوى دمار لسوريا و هذا ما شهدته الأعين و لا يمكن تكذيب اللسان بها…
و الجدير ذكره في موضوعنا هنا أن عدد القوات الأميركية لا تتعدى الألفين عنصر على الأراضي السورية بالإضافة إلى أن قرار ترامب بالإنسحاب جاء بعد ساعات من إعلان المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي أن تنظيم داعش لا يزال قائماً و هنا تأتي المفارقة حيث أن ترامب أكد على إنعدام وجود داعش في المنطقة و لكن وزارة الدفاع أعلنت عن وجود ١٤٥٠٠ عنصر من داعش متواجدين في سوريا.

و في الختام يمكن القول أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة تشتري الحلفاء بالمال القليل لتسحب وتكسب من ورائهم اضعاف ما تقدم و إن استطعنا تسميتهم بالحلفاء فقط لأغراضها الشخصية و عندما تنتهي من عملها تنقلب ضدهم و تعود إلى غدرها الذي عودت الجميع عليه تماماً كما فعلت ببعض الدول العربية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.