البطالة و التشرد تغزو اميركا في زمن كورونا

تفشت جائحة كورونا بين المواطنين الأميركيين بشكل كبير، وخسر أكثر من 22 مليون شخص وظائفهم خلال الأسابيع القليلة الأولى من بداية انتشاره بسبب غلق الاقتصاد وجهات العمل.

وكان وزير الخزانة الأميركي ستيف مينوشين قد توقع أن تقفز نسبة البطالة من 4.5% في منتصف آذار الماضي إلى أكثر من 20% خلال الأيام القادمة.

و منحت الحزانة نسبة صغيرة من المدخول السابق للعاطلين، و تختلف قيمتها ومدتها طبقا لقوانين كل ولاية.و قد تقدم الملايين بطلبات إعانة البطالة و يقتصر تقديم تلك الإعانات على الموظفين والعاملين في جهات عمل بصورة رسمية موثقة، ويشترط أن يكونوا من دافعي الضرائب.

ومتوسط فترة تلقي إعانات البطالة يمتد لستة أشهر ويبلغ متوسطها أسبوعيا 700 دولار.

بينما بقي ملايين الأميركيين من أصحاب الأعمال اليومية الحرة أو الأعمال المؤقتة، دون أي تغطية نتيجة توقف الاقتصاد وفقدانهم لفرص العمل.

تقول سيدة أميركية من أصول عربية تدعى رانيا غسان في حديث ل “وكالة أنباء آسيا” عن تغير نمط حياتها بسبب فيروس كورونا، إنها كانت تعمل خمسة أيام في الأسبوع في مخبز لبيع المعجنات” كنت أذهب يوميا وأعود بعد ست أو سبع ساعات، و اتقاضى شهريا 2300 دولار،أما الآن مر أكثر من شهرين دون عمل ، و لا لدي اي مصدر للحصول على المال “.

و قالت :” الآن أنا أعتمد على مدخراتي وعلى طعام مجاني من بنوك الطعام المنتشرة في ولاية ميريلاند المجاورة لواشنطن حيث أقيم”. مشيرة الى اختفاء أنواع الأغذية الرخيصة التي يمكن الاعتماد عليها في هذه الأزمة.

و أضافت “لا أجد المعكرونة أو معلبات الخضروات بسهولة،حيث سارع الكل مع بدء الأزمة إلى شراء وتخزين هذه الأصناف الرخيصة جدا، والتي تناسب دخولنا المنخفضة”.

وتتوافر أصناف الطعام المختلفة في المتاجر التي تجذب الطبقات الأغنى، في حين تشهد بعض المتاجر التي تجذب الطبقات الأفقر عدم توافر بعض الأصناف الرخيصة من النشويات والمعلبات.

كما نشرت صحيفة أميركية حديثا مع مشرّد يدعى بيل جاكسون، ويتخذ من أمام أحد المقاهي في منطقة بيسازدا المجاورة لواشنطن مقرا له، عن تأثير غلق الاقتصاد على دخله.

وقال جاكسون ” تأثر دخلي تلقائيا مع انعدام الحياة الشوارع و التي كانت تعج بالحركة والمتسوقين، فانا أعتمد على دار عرض سينمائي التي أجلس بقربها، وقد أغلقت، وبجوارها متجر آبل الشهير وهو أيضا مغلق، ولقد اختفى آلاف الأشخاص من هذه المنطقة”.

وأضاف “لا أحد يعطيني نقود، هم يعرضون عليّ شراء طعام أو بعض المشروبات، وأنا أحتاج إلى المال”.

خبراء اعربوا عن خشيتهم من ارتفاعا كبيرا في نسب الجرائم خلال الأسابيع والأشهر القادمة، وتأثير ذلك على الكثير من الفقراء، و خاصة مع استمرار غلق الاقتصاد طبقا للتعليمات الحكومية.

و أشار الخبراء الى أن تبعات انتشار فيروس كورنا على دورة إنتاج الغذاء في الولايات المتحدة قد تكون كارثية، خاصة مع تشدد إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه العمال الموسميين القادمين من دول أميركا الوسطى للعمل في الحقول والمزارع الأميركية في شهور الحصاد الربيعية والصيفية.

و خصوصا مع قرار ولاية نيويورك تمديد حجر كورونا 60 يوما حتى 20آب القادم.

و بحسب احصاءات أميركية، شهدت الولايات المتحدة ارتفاعا كبيرا في شراء الأسلحة النارية خلال الأسابيع الأخيرة، تأهبا من البعض لأي فوضى يمكن أن تشهدها مدن أميركية.

أما سلطات كاليفورنيا فتعمل لحماية العدد الكبير من المشردين في هذه الولاية من جائحة فيروس كورونا، مع تحذيرات من احتمال استحالة احتواء الفيروس في حال انتشاره في صفوف هذه المجموعة.

وقال رئيس بلدية لوس أنجلوس إريك غارسيتي خلال جلسة طارئة أمام المحكمة الفدرالية بشأن هذا الموضوع “هناك خوف وقلق كبيران لا سيما لدى الأشخاص الذين يهتمون لأمر أضعف الفئات التي من المرجح أن يكون من بينها أشخاص لديهم مشاكل صحية أخرى”.

وكانت الجلسة متعلقة بدعوى تقدمت بها مجموعة من أصحاب المتاجر والمقيمين وآخرون قلقون من الظروف البائسة التي يواجهها المشردون في الشوارع أو في سياراتهم وسط المدينة.

ويبلغ عدد المشردين في كاليفورنيا 150 ألفا، وهو العدد الأكبر في العالم. ويعيش 60 ألفا منهم في لوس أنجلوس.

وقال غارسيتي:” إن أكثر من ألف سرير وفرت في ثمانية مراكز إيواء ويتوقع المزيد منها في 13 مركزا ترفيهيا بالمدينة”.

حاكم الولاية غافن نيوسوم حذّر من أن نحو 60 ألف مشرد في كاليفورنيا الواقعة في غرب الولايات المتحدة قد يصابون بالفيروس. وأكد أنه سيخصص 150 مليون دولار لحماية هذه الفئة.

وسيذهب ثلثا هذا المبلغ للسلطات المحلية لدعم مراكز الإيواء والمساكن الطارئة، في حين يستخدم الباقي لشراء منازل متنقلة، وإيجار غرف في الفنادق، وفق ما أوضح نيوسوم.

وأضاف “مساعدة هؤلاء المقيمين أمر حيوي لحماية الصحة العامة وإبطاء انتشار وباء كورونا”.

وقد تسبب الفيروس بوفاة واحدة في صفوف المشردين في كاليفورنيا، إلا أن مجموعات المساعدة والناشطين يحذرون من أن الأعداد قد ترتفع في حال انتشار الفيروس.

وقالت جورجيا بيكروفيتش الناطقة باسم المنظمة غير الربحية “ميدنايت ميشن” في لوس أنجلوس “نعمل جاهدين ليكون الأشخاص بأمان”.وحذرت بيركوفيتش من أنه مع تخفيض منظمات غير حكومية أخرى وكنائس للوجبات التي تقدمها بسبب القيود المفروضة جراء الفيروس وتعليمات بملازمة المنازل، ستسوء حالة هؤلاء، مع وجود نقص في مواد التعقيم والقفازات مما يصعب مهمة منظمتها، حسب قولها.

و تزايدت مواقف التضامن الاجتماعى وأعمال الخير لمساعدة المشردين فى ظل تفشى فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، حيث لم يصبح هناك مجال للتفكير في الذات فقط، وفى لفتة إنسانية، وضع تيرنس ليستر، من ولاية جورجيا الأمريكية، أحواضًا محمولة مع الصابون والماء حول أتلانتا حيث يتجمع المشردون، وقال ليستر في مقابلة صحفية: “كل التقارير الإخبارية تقول اغسل يديك، لكن المشردين لا يستطيعون فى الغالب”.

و اضاف ليستر “كنت أحاول التفكير فى الكيفية التى سيعيشون بها، و كيف يمكنهم اجتياز هذا بينما لا يمكنهم حتى غسل أيديهم؟ لذلك، قررت أن أبدأ من هناك”، ولفت إلى أنه “وجد حلًا مع مغاسل محمولة يتم بيعها لـ RVs والتخييم، وتحتوى هذه الأحواض على مضخة قدم لجلب الماء من خزان سعة 5 جالون إلى الصنبور.. وموزع صابون مدمج فى كل محطة”.

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هناك تسارعا كبيرا للغاية في عدد الإصابات بكورونا في الولايات المتحدة.، و عبرت عن تخوفها من ازدياد اعداد المصابين و وصولها الى المتشردين.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.