الجذور العروبية للثورة الإيرانية

shaker-shubair

موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبّير:
في الحادي عشر من فبراير شباط 1979 تم انهيار النظام السابق للثورة، وذلك عندما أعلن المجلس العسكري حياده في الصراع الداخلي. لقد نجحت الثورة الإيرانية. ونحن إذ نبارك للشعب الإيراني الشقيق ننظر الآن للخلف استرجاعا لنسأل: هل كان للثورة الإيرانية جذور عروبية؟

بعد إلإنقلاب على مصدق وتمكن التحالف البريطاني الأمريكي من تنفيذ هذا الانقلاب، استسلم الشاه للقوى الإستعمارية تماما، وكان كلبهم الطيّع في المنطقة. فمثلا عندما أصدرت الحكومة العراقية – أيام رئاسة أحمد حسن البكر – بيانا ضد مفاوضات فك الاشتباك الأول على الجبهة المصرية، أشتكى السادات لصديقه هنري (كيسنجر)، فأبلغه كيسنجر أن الحل في جيبه، وأرسل على الفور رسالة إلى شاه إيران! في اليوم التالى مباشرة، كانت قوات إيرانية تقتحم الحدود العراقية وتشتبك مع نقطة حدودية عراقية، فانشغلت الحكومة العراقية بالعدوان على أراضيها وتم التوقيع على فك الاشتباك.

بل وأبعد من ذلك، كان الشاه يجري إلى الأمام ليتحسس ماذا تريد هذه القوى الاستعمارية، فيجتهد ويقوم بعمله دون طلب ذلك منه! وقد أنشأ في عام 1974 نادى السافارى وهو حلف ضم 5 دول (فرنسا والسعودية وإيران ومصر والمغرب)، مهمته خدمة الاستعمار بترسيخ الأنظمة العميلة وتركيع شعوب المنطقة وبالذات في أفريقيا بحجة محاربة الشيوعية! وكان عمل هذا النادي يتم تحت إشراف الـ سي آي أيه والموساد. فوقفت قوات هذا التحالف أو النادي ضد الثورة التي قادها منجستو هيلا ميريام في اثيوبيا، وقامت بدعم موبوتو بأجهاض حركة التمرد عليه من خلال إرسال قوات مصرية مغربية إلى زائير.

لقد كان شاه إيران واحداً من ألد أعداء الأمة العربية وكان هذا العداء يتسم بالاحتقار للعرب، بل والاحتقار للإسلام باعتباره دين العرب، وكان هذا العداء أساس التغريب الذي قام به! والغريب في الأمر أنه عندما كنت تسأل من تطلق على نفسها الدول الخليجية عن إيران في ذلك الوقت، يقولون لك: الجارة المسلمة! والآن يشيطنونها ويمجّسونها!

كره الشاه للعرب حدد موقفه من العروبة وأحرار العروبة وموقفه من أعداء العروبة، فكان عدواً لأحرار العروبة متمثلين في جمال عبد الناصر رحمه الله وصديقا لأعدائها متمثلين في إسرائيل وأعوانها. يقول سماحة السيد على خامنئي عن يوم وفاة الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله: “كنت معتقلا فى سجون الشاه الذى كان يكنّ لعبد الناصر كراهية شديدة، ولاحظت في اليوم الحزين لوفاته حالة ابتهاج في السجن بين الضباط والحراس، وعندما سألت عن السبب علمت بوفاة الرئيس عبد الناصر، وأقسم بالله أنني بكيت عليه كما لم أبكِ على أبي وأمي، لقد كان الزعيم الوحيد الذى ساعد الإمام الخمينى، وأمد الثورة بالمال والسلاح وقواعد التدريب”.

عقب وصوله لإيران بعد نجاح الثورة، أعلن الأمام الخميني – رحمه الله – أنه يوجه الشكر إلى روح الزعيم المصري جمال عبد الناصر، الزعيم المسلم الوحيد الذي ساند الثورة وكان أول من شجعها وظل على اتصال دائم بها حتى وفاته. لم يفرق عبد الناصر رحمه الله بين الثورة الجزائرية والثورة الإيرانية فكلاهما ثورة الأمة ضد الاستعمار والصهيونية وأدواتهما!

وهذا الكلام ليس من باب الدعاية، كالدعاية الكاذبة التي يطلقها من يسمّون أنفسهم بالإخوان المسلمين اليوم أو أطلقها السادات ليسوّغ استقبال الشاه على أرض الكنانة، بأن الشاه ساعد مصر أثناء حرب 1973، مع أنه في تلك الحرب منع وصول الإمدادات العسكرية السوفيتية إلى مصر عبر الأجواء الإيرانية!

هذا كلام حقيقي؛ فقد كان الأستاذ فتحي الديب وهو مدير مكتب الاتصال للمهمات الخاصة بدعم حركات التحرر الوطني للرئيس عبد الناصر – رحمه الله، هو المسؤول عن تنسيق العلاقات بين الرئيس عبد الناصر والإمام الخميني – رحمهما الله – أثناء إقامة الخميني – رحمه الله – فى باريس. بل إن الرئيس عبد الناصر – رحمه الله – هو الذي طلب من الإمام الخميني – رحمه الله – نقل إقامته إلى العراق ليكون قريباً من إيران، كما أجرى اتصالات بالحكومة العراقية لتسهيل إقامة الخميني – رحمه الله – فى العراق، وأوصى بتوفير كل احتياجاته. بل وانشأ إذاعة موجهة للشعب الإيراني باللغة الفارسية لحضه وتحريضه على الثورة ضد نظام الشاه. لم يقل هذا شيعي وهذا سني كما يحاول اليوم أعداء الأمة من بقايا وفلول نادي السافاري أو بقايا وفلول الأحلاف الاستعمارية كحلف بغداد والحلف المركزي.

أقول هذا الكلام اليوم لأننا في مواجهة مليارات الدولارات التي تنفق لتشويه صورة عبد الناصر رحمه الله ولتشويه صورة الثورة الإيرانية أمام الأجيال الحاضرة التي لم تعايش تلك الحقبة الذهبية من وعي أمتنا وكفاح شعوبنا وكشف الحقائق أمام أمتنا أمر ضروري. وليعرف الجميع أن عبد الناصر رحمه الله لم يكن قومياً بالمعني النقيض للإسلام. وقد ساند – رحمه الله – ثورات الشعوب من منطلق حرصه على حريتها وإعطائها القدرة على تقرير مصيرها. هنا بدأت الجذور العروبية للثورة الإيرانية العظيمة، وهذا هو موقف التيار العروبي الناصري من الثورة الإيرانية، وأن من لم يلتزم بهذا الموقف، فهو ليس عروبيا وليس ناصريا. لقد طرد صدام حسين الإمام الخميني رحمه الله من أراضي العراق، ولو أوعز له الشاه بقتله لقتله. فكيف تقارنون عبد الناصر – رحمه الله – بصدام حسين؟! هذا الكلام نوجهه لكل العروبيين والناصريين في العالم أجمع، نقوله للمشير عبد الفتاح السيسي كما نقوله للأستاذ حمدين صباحي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.