«الجمهورية» تكشف إسم خاطف المطرانين والمفاوضات لإطلاقهما

 

 

Almtaranin  almakhtoufayn

«لا مفاوضات على جُثث! انما على أحياء»… من هذه الثابتة، انطَلقت المفاوضات بين خاطِفي المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي، وبين الوسطاء ومن ضمنهم دوَل عظمى، إقليمية وخارجية، لتؤكد أنّ المزاعم التي تحدّثت عن وفاتهما أو عن موت أحدهما باطلة، أما المزاعم عن تسليم اليازجي في المرحلة الاولى ليتبعه لاحقاً ابراهيم، هي عروض وهميّة افتراضية يؤكّد المفاوضون رفضها في حال حصلت جملة وتفصيلاً، فالإفراج عن المطرانَين الاثنين هو الشرط الثابت والحقيقة الوحيدة، أمّا الباقي فأوهام وتضليل.

في وقت كانت “الجمهورية” سبّاقة الى تأكيد خبر سلامة المطرانين، وفي أوّل معلومة رسمية ودقيقة من أهمّ المصادر الرفيعة المستوى، وهي الخارجية الاميركية، نَفت بعض المصادر الخبر واعتبرته غير دقيق، مؤكدة انّ مصيرهما مجهول، لا بل اكدت أنه قُضي عليهما منذ اليوم الاول لاحتجازهما، استناداً الى روايات عدة من مسؤولين ديبلوماسيين ووزراء سابقين وتحليلات صحافية استقصائية بحسب قولهم.

و”الجمهورية” التي استَقَت معلوماتها منذ قرابة أربعة أشهر عبر عضو الكونغرس الاميركي السيناتور شارلي دينت الذي أكد سلامتهما ووجودهما في مكان آمن، رافضاً حينها البَوح عن تفاصيل اضافية، تؤكد اليوم من مصادر رسمية واكبَت الحدث منذ اليوم الاول للاختطاف، أنّ المطرانَين على قيد الحياة وأنّ الجهة الخاطفة اعلنت هويتها ومسؤوليتها ومطالبها. وقد وصل مسار المفاوضات اليوم الى مرحلة مهمة وشائكة انما متقدمة، وسنسردها في تحقيقنا هذا:

أولاً: من هي الجهة الخاطفة وما هي مطالبها؟ ومن هو الخاطف المفاوض والمتحدث باسمها؟

ثانياً: من هم المفاوضون ومن يُمثّلهم؟ ومن هي الدول المساهمة في إنهاء القضية؟ وما كان شرط بعض الدول المشاركة في العملية لإتمام صفقة الافراج؟

وتكشف “الجمهورية” كذلك، عن مكان المطرانَين، ولا سيما بعد إعلان مفتي سوريا أحمد بدر الدين حسّون أنهما أصبحا في الاراضي التركية، الخبر الذي اعتبرته مصادر كنسية وسياسية رفيعة المستوى ومواكبة لمسار المفاوضات، أنه عار عن الصحة، مطالبة المفتي بالتريّث والتأكد قبل الادلاء بالتصاريح. وإذ وصف المعلومة بأنها غير دقيقة، كشف لنا أنّ المطرانين لا يزالان حتى الساعة داخل الاراضي السورية.

من هي الجهة الخاطفة؟

الجهة الخاطفة هي نفسها التي اشارت اليها “الجمهورية”، في بداية تقصّيها عن مكان المطرانين، وهي مجموعة مسلحة شيشانيّة احتجزتهما منذ اليوم الاول ولا تزال تحتجزهما حتى الساعة.

المفاوض

المفاوض هو الاخضر الابراهيمي عبر ممثّله في دمشق، مختار لماني، الذي يتواصل شخصياً مع الجهة الخاطفة، وتحديداً مع احد الخاطفين الشيشانيين ويُدعى محمد أكروف (Mohammad akroff) بواسطة رئيس المخابرات التركي حقان فيدان الذي وعد لماني بوجود دليل ملموس وحسّي سيكون في متناول أيديهم قريباً.

أما لماني، ممثل الابراهيمي، فقد تسلّم بدوره الادلة الحسيّة التي استحصل عليها من الجهة الخاطفة، واستحصل على وثائق تُثبت أنّ المطرانين في أمان. ويضيف المصدر: “استناداً الى تلك الوثائق والتقارير، أكد الابراهيمي للواء عباس ابراهيم سلامة المطرانين”.

وعلمت “الجمهورية” أنّ هذا الدليل الحسي هو عبارة عن تسجيل صوتي مدّته 6 دقائق، سلّمه رئيس المخابرات التركية الى لماني، المفاوض الرئيسي المباشر مع الجهة الخاطفة، وتحديداً مع الشيشاني محمد اكروف.

وقد سلّم لماني هذا الشريط الى الابراهيمي كدليل حسي أوّلي في مسار القضية الشائكة، والذي ارتكز عليه الابراهيمي ليطمئن السلطات اللبنانية والسورية، وهو أبلغ فحواه الى كل من الرئيس السوري بشار الأسد واللواء ابراهيم الذي يتابع مسار المفاوضات. وفي هذا الإطار، علمت “الجمهورية” أنّ مرجعاً روحياً مهماً معنياً بالقضية اطّلع على مضمون الشريط، ما يفسّر سبب صمته واطمئنانه.

اما عن مكان المطرانين، فيؤكد المصدر أنهما ضمن الاراضي السورية في منطقة مقلقة وغير آمنة وقريبة من خطوط تماس لأطياف عدد من المجموعات المسلحة، منها: “داعش” و”النصرة” ومجموعات مجهولة متطرفة، إلّا أن الجهة الخاطفة شيشانية ولا تزال كذلك منذ 6 أشهر.
هل ينقل المطرانان الى لبنان؟

يشير المصدر عينه الى أنّ النقطة التي تشكّل أهمّ القضايا الشائكة في مسار المفاوضات، ستكون في المكان الذي سينقل اليه المطرانان عند تحريرهما، والسؤال محور التفاوض سيكون: “الى أين سيتوجه المطرانان حين يطلقان؟ إذ إنّ هناك توجهاً لنقلهما الى لبنان، وتحديداً الى عنجر، الامر الذي لا يزال قيد البحث راهناً، ليعود المصدر ويؤكّد أنّ الصعوبة تكمن في الوضع اللوجستي وفي تأمين سلامة الطريق التي سيسلكها المطرانان جواً أو براً”.

الدور القطري

اما بالنسبة الى الدور القطري، فقد كشف المصدر المطلع نفسه أنّ قطر عرضت مساعدتها المالية واللوجستية، لا بل اكثر من ذلك، لقد عرضت على المعنيّين تقديم كل ما يمكن لتسهيل الافراج عن المطرانين، من طائرات وتقديمات لوجستية. واكد المصدر أنّ هذا المناخ جديد وطارئ في الملف بعدما لفَّه غموض كبير بداية الامر، وقد علمنا من هي الجهة الخاطفة من مصدر رسمي وموثوق، وعرفنا أن المطرانين على قيد الحياة، وأن الخاطفين أبدوا استعدادهم للحوار وبدأوا بالتفاوض.

ولفت المصدر الى أنهم مطمئنون لأنّ الدولة اللبنانية أخذت على عاتقها حلّ هذا الملف، شاكرين اللواء ابراهيم شخصياً تبنّيه قضيتهم في الوقت الذي شعرت فيه الطائفتان السريانية والارثوذكسية بالإحباط.

من هو مختار لماني؟

أما بالنسبة الى الجهة الرسمية التركية المخابراتية، فقد ضمنت لمستشار الابراهيمي، مختار لماني، أنّ المطرانين هما على قيد الحياة.
ولماني هو ديبلوماسي مغربي، برز في حلّ أزمة الجنود الفيليبيين التابعين لبعثة الامم المتحدة الذين احتجزهم “الجيش السوري الحر”، وقد نوّه الابراهيمي بكفاءته وجدارته، معتبراً انّ علاقاته بمختلف الاطراف في سوريا مَكّنته من حلّ هذه الازمة، وقد شارك في بعثات لتقصّي الحقائق والمساعي الحميدة للامم المتحدة.

وفي سياق متصل، استقصَت “الجمهورية” أجواء المصادر الكنسية السورية ليتضِح انهم مرتاحون كثيراً للسببين الآتيين، كما فنَّدها مرجع ديني رفيع المستوى:

1 – لدينا تأكيد رسمي وجدّي بأنّ المطرانين بخير.

2 – وصلتنا اكثر من اشارة وصورة من لماني من خلال تواصله مع الخاطفين الذين أعلنوا هويتهم ويكلّمونه باستمرار، وهو يعرفهم وفي صدد التنسيق معهم، ولدينا تأكيدات اخرى موثوقة من عسكريين سياسيين يستطيعون التفاوض معهم.

ويضيف المرجع الديني انّ المطالب اللوجستية تتلخّص بتسهيلات مذهلة على مستوى القرار السوري، بشخص الرئيس الاسد الذي أبدى استعداده لتقديم كل ما يلزم من مساعدات لوجستية.

ما حقيقة إصابة المطران ابراهيم؟

في معلومات دقيقة، أوضحت مصادر كنسية رفيعة المستوى لـ”الجمهورية”، أن المطران يوحنا ابراهيم كان قد أصيب بعد أسبوعين على الخطف، إثر المعارك الدائرة قرب مكان احتجازهما، وقد عولج لاحقاً وهو تعافى اليوم. وهذا الامر اكّده قريب للمطران يوحنا ابراهيم مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، موضحاً أنها المعلومة الاخيرة الوحيدة التي وصلته عن الموضوع.

وتضيف المصادر: “هناك وعود قريبة بحصول تواصل صوتي مع المطرانين بواسطة مستشار الابراهيمي الذي يفاوض الخاطفين والجهة الرسمية التركية المخابراتية. ولأن الجهتين لا ترغبان في الدخول في التفاصيل المخابراتية للعملية، اكتفى المصدر بالاشارة لها، متحدثاً عن دليل حسّي سيظهر قريباً. لكن على رغم كل التأكيدات، تضيف المصادر أنها ما زالت حذرة وتترقّب الصوَر أو التسجيل الصوتي الذي وعدوا بالاطلاع عليه.

مرجع ديني يواكب الملف من لبنان

زار لبنان أخيراً مرجع ديني رفيع المستوى، قال لـ”الجمهورية” ان اللواء ابراهيم طمأنهم الى أن المطرانين في أمان، ما يعني أنهما في أياد يعلمها هو وليست مجهولة!

وهذا المرجع شارك في لقاء مسيحيّي المشرق، وأكد أنه باق في لبنان حتى الإفراج عن المطرانين، بعدما وصلته تطمينات محلية وإقليمية بأن العملية وشيكة وقد تحصل على الاراضي اللبنانية.

ويفيد أنّ “المعلومات والمعطيات التي نملكها تشير الى أن المطرانين على قيد الحياة، على عكس ما أشيع في لبنان عن مقتل المطران ابراهيم. ولكن هذا لا ينفي بأنه كان قد اصيب وعولج لاحقاً، وقد أكد اللواء ابراهيم انه يفاوض على شخصين اثنين على قيد الحياة، وليس واحداً فقط، وأنهما بخير، وفي صحة جيدة وسيحرّران سوياً. ويشير المرجع الديني الى انه لطالما حذّر المطران ابراهيم من الحراك الكثيف الذي بدأه قبل اختطافه حين حاول أن يخدم النظام والمعارضة، فأصبح هو المخطوف.

شروط الجهة الخاطفة

ويروي المرجع الديني ان ّالمطلوب مقابل تحرير المطرانين، إطلاق ضبّاط اتراك احتجزهم النظام السوري أثناء أدائهم مهمة سرية. وفي وقت يريد النظام تظهير خبر إطلاق الضباط الاتراك من السجون السورية الى العلن، ترفض الجهة التركية الامر، وتطلب أن يكون التبادل سرّياً، وهذا الامر كان من الشروط المستعصية التي حالت دون تقدم مسار المفاوضات.

وفي السياق عينه، لفت المرجع الى أن الجهة الخاطفة، أي الشيشان، أرادت مقايضة المطرانين بقياديين شيشانيين كبار، لكن النظام السوري أنكر حينها وجودهما، قبل أن يغيّر روايته ويقول إنهما قتلا، فلم يصدقه الخاطفون واصرّوا على أن المطرانين مسجونان لدى النظام السوري. ويضيف: “بعدها علمنا انّ فرنسا تدخلت في مسار المفاوضات، وطالبت بإطلاق ضباط فرنسيّين احتجزوا أثناء أدائهم مهمة خاصة”.

وأثنى المرجع الديني على الجهد

الذي يبذله أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، شاكراً كذلك جهود رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.ولفت المرجع الديني الى أن “كل يوم يمر نتأكد فيه من جدية المفاوضات، ويبقى معالجة الامور اللوجستية”، مضيفاً: “نلاحظ ان قطر دخلت على الخط اكثر من تركيا.

فهل صحيح أن لديها أميراً مخطوفاً كما يتردد وتريد إطلاقه مقابل المطرانين؟ ونتساءل لماذا يهمّ قطر تحرير المطرانين ودفع فديتهما ومَن هي الجهة التي ستقبض الأموال؟”. وقال المرجع الديني تعليقاً على احتمال أن يكون المطرانان قد قتلا: “لا اعتقد ان اللواء ابراهيم والمفاوضين الدوليين يفاوضون على جثث انما على أحياء”.

وكشف المرجع الديني أنه في الاسبوع الثاني بعد حادثة الاختطاف توجّه الى اميركا واجتمع مع سفير اميركا في دمشق روبرت فورد ومع مطراني الروم والسريان الارثوذكس في نيوجرسي، مؤكداً لهم أن المطرانين بخير.

وفي سياق متصل، اتصل ابراهيم ابراهيم، إبن اخ المطران يوحنا ابراهيم، والمقيم في الولايات المتحدة، بمكاتب “الجمهورية”، مستنكراً المعلومات التي أوردتها بعض وسائل الاعلام اللبنانية و”موقع الحقيقة” الالكتروني عن خبر إعدام عمّه المطران ابراهيم على ايدي المخابرات التركية.

كذلك، نفى صحة المعلومات التي وصلت بحسب الموقع الى أسقفية “كانتبري” (الكنيسة الانغليكانية البريطانية)، وتفيد بأن المطران اليازجي ما زال على قيد الحياة، بينما اختفت آثار المطران ابراهيم منذ ثلاثة اشهر.

وأوضح ابراهيم أنه اتصل بالأسقفية الانغليكانية البريطانية، فأفادته انّ ما نُشر عن لسانها في موقع “الحقيقة” عار عن الصحة وملفّق، وهي لم تشر أبداً الى فقدان الاتصال بالمطران ابراهيم، وكل ما فعلته منذ حادثة اختطافهما هو إضاءة الشموع يومياً على نيّة المطرانين في كاتدرائية الرعية.

لقاء الأسد – الخوري

كذلك، علمت “الجمهورية” أن لقاءً جمَع مساء الأحد الفائت الأسد والسكريتير الأول للبطريركية السريانية الأرثوذكسية المطران متى الخوري الذي أوضح لـ”الجمهورية” أنّ الزيارة أتت في سياق شكر الرئيس السوري على المساعدة التي عرضها على اللواء ابراهيم في سبيل الإفراج عن المطرانين، مشيرا الى أن الأسد عاد وكرَّر أمامه استعداده الكامل لتقديم اي مساعدة لتسهيل إطلاقهما.

أما في ما يتعلق بانتقال البطريركية السريانية من دمشق الى تركيا، أكد الخوري أن الخبر مفبرك ومطلقي هذه التضليلات واهمون، لأنّ البطريركية لن تنتقل من دمشق، والسريان الوطنيون باقون في سوريا ولن يغادروها مهما كلّف الأمر.

اليوم أصبح الجميع شبه متأكد انّ المطرانين بخير، انما الخوف والخشية من أن يعرقل تشعّب المطالب لمختلف الدوَل المشاركة في المفاوضات إطلاقهما، فهل يتخطى المطرانان المرحلة الاصعب؟

 

صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ

مرلين وهبه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.