“الحشد” يتجاوز الخطوط الأميركية الحمراء: تأمين معابر استراتيجية في سوريا

 

 

على الرغم من أن المسافة التي يسيطر عليها “الحشد الشعبي” قرب الحدود مع سوريا تقلّ عن 15 كلم، إلا أنها تجاوز واضح للخطوط الحمر الأميركية، وتقويض لكل الاستراتيجية الأميركية الرامية إلى منع التواصل السوري العراقي.

يمكن الجزم بأنَّ الحرب على سوريا تستهدف دورها المحوري في محور المقاومة ابتداءً من طهران وصولاً إلى لبنان وفلسطين، إلا أن الجميع أقرّ بصعوبة إسقاط النظام هناك، مما دفع العدو إلى الانتقال إلى مرحلة تعطيل وظيفية الحكم السوري على صعيد المقاومة في المنطقة. ولذلك، كان التركيز في الآونة الأخيرة على إبعاد سيطرة الجيش السوري عن الحدود العراقية، نظراً إلى اقتناع الأميركيين والإسرائيليين وحلفائهم من العرب بأن حصول تواصل عراقي سوري على المقاطع الحدودية من شأنه أن يكرّس معادلة الهلال المقاوم.

من هنا، جاءت الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي ركّزت في الأشهر الأخيرة على محاولة فرض سيطرتها على طول الخط الحدودي بين البلدين. ومن خلال وجهة تترك السيطرة للفصائل الكردية و”قوات سوريا الديموقراطية” في الشمال السوري، والعمل على مساعدة الفصائل المسلحة المحسوبة على أميركا في الجنوب الشرقي للسيطرة على المنطقة الممتدة جنوباً.

وهو أمر ترافق مع دعم أميركي واضح ومباشر للمجموعات المسلحة في مواجهة تقدم الجيش السوري و”حزب الله” في المنطقة الجنوبية، بالتزامن مع فرض “فيتو” على مشاركة “الحشد الشعبي” العراقي في معارك الموصل ورسم خطوط حمراء أمامه تمنعه من التقدم في اتجاه تلعفر وغربها.

لكن الذي حصل فعلياً هو أن قوات “الحشد” وصلت إلى الحدود في منطقة أم جريص غربي القيروان، مما يعدّ عملياً تجاوزاً واضحاً للخطوط الحمر الأميركية، وبما يسمح بفرض معادلة جديدة تقوم على فرض السيطرة على مقاطع من الحدود رغماً عن الإرادة الأميركية وفتح المعابر الاستراتيجية البرية بين أطراف محور المقاومة.

ويعني أن ذلك تقويضٌ لكل الاستراتيجية الأميركية الرامية إلى منع التواصل السوري العراقي، وإسقاط كل المفاعيل التي جرى الرهان عليها للحرب السورية، والمقصود بها إسقاط الدور الوظيفي للنظام السوري في محور المقاومة.

ويتوقع مراقبون أن أن تقع المواجهة المباشرة والفعلية بين سوريا وحلفاءها من جهة، والقوات الأميركية من جهة ثانية، إذا قررت الانخراط مباشرة في المعركة إلى جانب المجموعات المسلحة. وبالنظر إلى خلفية القرار عند حلفاء سوريا، يجب التعامل مع الاحتمال بجدية كبرى، مما يشير إلى شكل جديد من المواجهة في سوريا وربما خارجها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.