الخليج: موقع استراتيجي.. للتلاقي لا للحرب

gulf

موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:

سعت الدول منذ القدم إلى تحقيق مصالحها وحفظ سيادتها واستقرارها، وهذا لم يحل بينها وبين وقوع العديد من النزاعات، نظراً لطبيعة العلاقات الدولية القائمة على التعاون والتنافس في آنٍ واحد. ومن الطبيعي أن يأتي في صدارة هذه الخلافات والمنازعات تلك المتعلقة بسيادة الدولة وسلامة أقاليمها، والتي تعدّ وبحق من أدق وأخطر المنازعات الدولية منذ نشوء النظام القانوني لهذه الدول.

ومن وهذه النزاعات ما يحصل في منطقة الخليج، حيث تحاول الدول المحيط به مصادرة قراره لنفسها، والسيطرة على مقدراته دون أن تأخذ في الحسبان حق الجيران، ومن هذه الدول السعودية التي تحارب بشكل غير مباشر إيران على هذا المنفذ المائي، علماً أن للجمهورية الاسلامية الأحقية الأولى به، وهو يعرف منذ القدم بالخليج الفارسي.
وتمثل منطقة الخليج منذ زمن بعيد مكانة إستراتيجية خاصة على مجمل العلاقات الدولية، وعلى الجغرافيا السياسية بشكل خاص. وتمثل هذه المكانة محوراً من محاور النزاع الذي يشهده العالم في المجال الدولي، سعياً وراء النفوذ والقوة والسيطرة على الموارد الإقتصادية.

والخليج هو ذراع مائية لبحر العرب يمتد من خليج عمان جنوباً حتى شط العرب شمالاً بطول 965 كيلومترا. تبلغ مساحة الخليج العربي نحو 233,100 كيلومتر مربع، ويتراوح عرضه بين حد أقصى حوالي 370 كم إلى حد أدنى 55 كم في مضيق هرمز. والخليج ضحل لا يتجاوز عمقه 90 متراً إلا في بعض الأماكن. يفصل الخليج شبه الجزيرة العربية وجنوب غرب إيران، وتطل عليه ثماني دول هي العراق والكويت والسعودية وقطر والإمارات وعُمان وإيران كما تحيط مياه الخليج بدولة البحرين .

يحده من الشمال والشرق إيران؛ بينما تحده من الجنوب الشرقي والجنوب كل من سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، وتحده من الجنوب الغربي والغرب كل من السعودية وقطر، وتقع كل من الكويت والعراق على أطرافه الشمال غربية، بينما تقع البحرين ضمن مياه الخليج الغربية شمال قطر.

للخليج أهمية اقتصادية بالغة حيث تعبر العديد من ناقلات النفط من خلاله منطلقة من الموانئ النفطية على سواحله، إذ أن أغلب البلدان التي تطل على سواحل الخليج العربي هي مصدرة للنفط. إضافة إلى ذلك فإن مياهه تضم حقولا نفطية وغازية. وقد حصلت أحداث عديدة ونزاعات كثيرة بين الدول العربية المحيط بالخليج حول الحدود المائية، ولا زالت هذه الخلافات تشكل عائقاً في التقارب العربي الكلي، وكذلك تحاول بعض الدول تضليل الرأي العربي حول حقوق إيران في هذا الخليج.

هذه الخلافات في الخليج، تعود لكونه منطقة تعتبر بما تملك من ثروات هائلة وسوق ضخمة، من أكثر مناطق الشرق الأوسط أهمية وحساسية، بل وأكثرها سخونة، ومن هنا فإن أمن الخليج من الركائز الهامة، التي تحقق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كلها، كما أن اختلال الأمن في الخليج من شأنه أن يؤدي إلى أحداث لا تحمد عقباها، ومن الطبيعي أن تكون كل الدول التي لها مصالح في منطقة الخليج معنية باستقرار الأمن في هذه المنطقة، وأن يصل اهتمامها بهذا الأمر إلى الحد الذي ترسل فيه جيوشاً وقوات عسكرية إلى المنطقة. وتشير وقائع في موسوعة العلاقات الايرانية ـ الخليجية، إلى وجود تعاون وتعايش بين الايرانيين والخليجيين أدى إلى مصاهرات في النسب وتزاوج مع العقائد في اللغة والثقافة والأدب، وشواهد ذلك أكثر من أن تعد أو تحصى، لتؤكد وجود أرضية صالحة لقيام علاقات صحية ومتطورة بين الطرفين.

ومن أهم العوامل الذي تؤجج هذه الخلافات، وجود مضيق هرمز الذي يربط  بحر الخليج شبه المغلق بالمحيط الهندي وخطوط الملاحة الدولية بالبحر المفتوح وذلك عن طريق بحر مكران (بحر عمان)، كما أنه يفصل بين إمتداد مرتفعات جنوب إيران وشبه جزيرة (مسندم)، وعلى هذا الأساس فإن هذا المضيق هو عمق جيولوجي تحده من الشمال إيران ومن الجنوب شبه جزيرة مسندم بدولة عمان، والمسافة بين جزيرة لارك في الجزء السمالي وجزيرة (القوئين الكبرى) العمانية في الجزء الجنوبي من الخليج.

ففي الوقت الذي تستطيع فيه إيران تجاوز المضيق وتصدير النفط من موانئ إيرانية تقع جنوب المضيق، فإن حركة الإمدادات النفطية لكثير من الدول العربية محكومة بحريّة الملاحة عبر المضيق، وهذا يعني أن سيطرة إيران على هرمز يساعدها في تنفيذ الخنق الاستراتيجي النفطي ضد الدول العربية، في حين لا تستطع الدول العربية أن تمارس الخنق الاستراتيجي النفطي ضد إيران.

ويشكل الخليج موقعاً جغرافياً لا يستهان به في توفير الحماية الاستراتجية العسكرية بالسيطرة على أمن الملاحة الإقليمية والدولية، للجمهورية الاسلامية الايرانية ولبقية دول الخليج في إطلالها على العالم الخارجي. لذلك فإن استمرار بعض الخلافات سواء بين الدول العربية نفسها أو مع جيرانها قد يؤجج التوتر في المنطقة بين الحين والآخر، ولذلك على الدول العربية التزام الحلول السلمية، والسعي الى تسوية أوضاعها واغتنام فرص الحلول الدبلوماسية والتقارب والتعاون، من أجل عدم جر المنطقة إلى نزاعات أكبر تريدها الولايات المتحدة الأميركية و”اسرائيل”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.