الرئيس الأسد لمجلة دير شبيغل الألمانية: سورية ستفعل كل شيء لتكون قوية.. كل ما اتخذه الغرب من قرارات سياسية خلال السنوات العشر الماضية كان من شأنه دعم القاعدة

 President of Syria - Bashar al-Assad

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن “كل ما اتخذه الغرب من قرارات سياسية خلال السنوات العشر الماضية كان من شأنه دعم القاعدة عن قصد أو عن غير قصد” موضحا أنه “من خلال مساعدة الغرب يوجد في سورية اليوم مقاتلون من القاعدة من 80 دولة”.

وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية “إن الغرب يدرك الواقع الفعلي بشكل متأخر ويفهم الواقع دائماً ببطء شديد.. فعندما كنا في سورية نتحدث عن احتجاجات عنيفة كان الغرب يتحدث عن مظاهرات سلمية.. وعندما تحدثنا عن متطرفين كان ما زال عند (بعض المسلحين) وعندما كنا نتحدث عن القاعدة كان يتحدث عن بعض القلة من الإرهابيين على الرغم من أن المسألة هنا تتعلق بالغالبية.. الآن يدرك الغرب أن الأمر يعادل خمسين بالمئة من المسلحين” مشيرا إلى أن الغرب يفضل أن “يثق بالقاعدة” بدلاً من الثقة بالحكومات.

وكشف الرئيس الأسد النقاب عن وجود اتصالات مع بعض المؤسسات في ألمانيا وأن هناك حديثا بعض القنوات لم تكن موجودة في الماضي يتم تبادل المعلومات عبرها إلا أنه قال “لا يمكن التحدث عن صلات سياسية”.

 

من اعتقد أنه يعزل سورية بالحقيقة كان يعزل نفسه عن الحقيقة

وأشار الرئيس الأسد إلى أن ألمانيا والنمسا تمتلكان الرؤية الأكثر موضوعية والأقرب للواقع بالنسبة لسورية والذي يمكن أن يساعد في تحقيق مصالح أوروبا معبرا عن استعداد سورية لاستقبال موفدين من ألمانيا إلى دمشق كي يتحدثوا معنا عن الصلات الحقيقية ويتثبتوا من الوضع وينطلقوا منه في عملهم لأن من اعتقد أنه يعزل سورية بالحقيقة كان يعزل نفسه عن الحقيقة.

وتساءل الرئيس الأسد ما الذي سيكسبه الغرب على صعيد مصالحه عندما تكون القاعدة في حديقته الخلفية تعيث فساداً بالأرض ومن بعد سنتين ونصف السنة عليه أن يعيد النظر بسياسته ويتساءل ما الذي سيحرزه.. ما الذي سيكسبه شعبه عندما توجد حالة فوضى في سورية بدعم غربي…

ولفت الرئيس الأسد إلى أن الصراع يجري نقله من الخارج إلى بلدنا فأعضاء المعارضة يجلسون في الخارج ويقطنون فنادق الخمسة نجوم ويملى عليهم ما يقوله ممولوهم لكن لا أساس لهم هنا في سورية معتبرا أن المعارضة الفعلية والمقبولة هي كيان أو برنامج سياسي لا تحمل أسلحة ولذلك اذا ما تخلى أحد عن الأسلحة وعاد إلى حياته العادية فيمكننا أن نتحدث حينها عن كونه معارضا منوها بأن هناك حركة معاكسة في صفوف المجموعات المسلحة إذ انسحب العديد من حملة السلاح وعادوا إلى الدولة وهم الآن يقاتلون إلى جانب الجيش العربي السوري مجددا التأكيد على أن الحل عبر الحوار ما زال ممكنا ولكن ليس مع “المسلحين”.

وأشار الرئيس الأسد إلى أن أكثر من 100 ألف مهاجر سوري عادوا إلى أرض الوطن بعد أن شعروا بالأمان وحصلوا على ضمانات بأن الدولة ستحميهم ولن يلاحقهم أحد وأنهم إذا ارادوا المعارضة السياسية يمكنهم فعل ذلك من داخل أرض الوطن.

وتساءل الرئيس الأسد.. من يمثل من يسمون أنفسهم جماعات المعارضة وأجنحتها وباسم من يتحدثون… هل يتحدث هؤلاء الناس بالنيابة عن أنفسهم أم عن الناس في سورية.. أم عن الدول التي تقف وراءهم… هل يتحدثون بالنيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا أو فرنسا أو السعودية وقطر وعندما يقولون إنهم يمثلون الشعب السوري فما عليهم إلا إيضاح ذلك من خلال صناديق الاقتراع مشيرا إلى أن مصير رئيس الجمهورية وبقاءه في السلطة يحدده الشعب السوري وهذه ليست قضية يمكن أن يقررها أي طرف فالبلد ليس بلد الرئيس وإنما لكل السوريين.

وبخصوص موقف الرئيس الأمريكي وحديث عن فقدان القيادة السورية للشرعية قال الرئيس “إن أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ولا يملك أي شرعية هنا لكي يعطي الأحكام عن سورية ثم إنه ليس من حقه أن يحدد للشعب السوري من يختار رئيساً له ومن ناحية ثانية ما يقوله لا يتماشى مع الواقع إطلاقاً.. لقد قال منذ سنة ونصف السنة بأنه علي أن أتنحى.. وماذا بعد… هل أثرت كلماته بشيء.. كلا.. لم تؤثر بشيء”.

ونبه الرئيس الأسد إلى أن الأمر في سورية لا يتعلق ببقاء الرئيس أو تنحيه وما يعانيه الشعب السوري لا يتعلق بمنصب الرئاسة.. فقتل الأبرياء وإرهابهم من خلال الإرهاب الناجم عن المتفجرات والمفخخات الذي جلبته القاعدة إلى بلادنا هو الذي يسبب الألم للشعب السوري.
وذكر الرئيس الأسد بأن الحكومة السورية منذ البداية اتبعت سياسة تتمثل في الاستجابة لمتطلبات المتظاهرين على الرغم من أن الاحتجاجات لم تكن أبدا سلمية وهناك ضحايا من الجنود والشرطة منذ الأسابيع الأولى ورغم ذلك قامت لجنة مختصة بتغيير الدستور من أجل تحقيق مطالب المتظاهرين وأجري استفتاء بهذا الخصوص معتبرا أنه من ناحية أخرى كان على الدولة أن تتصدى للإرهاب والدفاع عن الوطن واتخاذ القرارات المناسبة لذلك.

وبالنسبة للاتفاق الروسي الامريكي بشأن السلاح الكيميائي في سورية وصف الرئيس الأسد القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن بهذا الخصوص بأنه “قرار جيد” ولم يكن فيه نقطة واحدة خرقت مصالحنا مشيرا إلى أن روسيا تعرف من صراعها ضد الإرهاب في الشيشان ما تمر به سورية اليوم لذلك عبرت أكثر من مرة على لسان الرئيس فلاديمير بوتين أنها ستدعم سورية في مختلف المجالات وتلتزم العقود الموقعة بيننا.. وهذا لا ينطبق على أنظمة الدفاع الجوي فقط بل على أسلحة أخرى أيضاً كي نستطيع الدفاع عن أنفسنا.

 

الروس أصدقاء حقيقيون لسورية وأنهم يفهمون بشكل أفضل من الغرب حقيقة ما يدور فيها

وأكد الرئيس الأسد أن الروس أصدقاء حقيقيون لسورية وأنهم يفهمون بشكل أفضل من الغرب حقيقة ما يدور فيها.. وهم أكثر استقلالية من الأوروبيين الذين يعتمدون جداً في سياساتهم على الولايات المتحدة الأمريكية ويتبنون هذه السياسات.

وبخصوص السعي الغربي لمنع سورية من الحصول على السلاح تساءل الرئيس الأسد “بأي حق.. نحن دولة ولدينا الحق بأن ندافع عن أنفسنا.. ونحن لا نحتل أرض أحد.. لماذا لا يمانع المجتمع الدولي بأن تحصل إسرائيل على كل أنواع الأسلحة… لماذا تحصل إسرائيل من ألمانيا على ثلاث غواصات.. رغم أنها قوة احتلال.. وما زالت تحتل أرضنا…” وقال: “لدينا الحق وفق ميثاق الأمم المتحدة لهذا كله فإن الغرب ليس موضوعياً في موقفه هذا ولهذا السبب ولهذا المعيار المزدوج لا نثق بالغرب”.

 

سورية ستفعل كل شيء لتكون قوية ولن تسمح بأن يقوم أحد بتحطيم معداتها التسلحية

وأكد الرئيس الأسد أن سورية ستفعل كل شيء لتكون قوية ولن تسمح بأن يقوم أحد بتحطيم معداتها التسلحية رغم أن سورية تنظر إلى الأمور من منطلق أن المنطقة بحاجة للسلام والاستقرار وكانت دائماً واعية لهذه الناحية.

وجدد الرئيس الأسد نفي أي استخدام للسلاح الكيميائي من قبل الجيش العربي السوري وقال: “نحن لم نستخدم الأسلحة الكيميائية.. هذا خطأ.. والصورة التي يرسمها الغرب غير صحيحة”.

وحول الاتهامات الامريكية بهذا الخصوص قال الرئيس الأسد: “إن أوباما لم يقدم دليلا واحدا ولم يكن ليقدم إلا الأكاذيب وعندما قدم المحققون إلى سورية رجوناهم أن يستمروا.. ونأمل أن يقدموا لنا شرحا عمن يقف خلف هذا العمل” مؤكدا أن المسلحين يملكون غاز السارين وأنهم استخدموه سابقاً في حلب.

وتساءل الرئيس الأسد.. إذا كانت اتهامات أوباما لسورية صحيحة لماذا لم يستطع إقناع الأمريكيين وقال: “أوباما قدم الأكاذيب.. وكذلك كيري.. لكن لم يستطع أوباما بأكاذيبه أن يقنع شعبه. ورفض 51 بالمئة من الشعب الأمريكي ضربة عسكرية ضد سورية كما كان البرلمان البريطاني ضد الضربة.. ودار نقاش حاد في البرلمان الفرنسي.. فكل الجو العام في أوروبا عبر عن رأيه في رفض الضربة ومن ضمن هؤلاء الفاتيكان.. لماذا… لأن غالبية الناس لم تصدق رواية أوباما”.

وشدد الرئيس الأسد على أن المواد الكيميائية لدى الجيش السوري مؤمنة ومخزنة وهي غير مفعلة ولا يمكن استخدامها قبل أن تجهز لهذا الغرض مشيرا إلى أن سورية تعمل على أن يصبح كل الشرق الأوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل وأنها تتعامل بشفافية ويستطيع الخبراء أن يذهبوا إلى أي منشأة وسيحصلون منا على معطيات يمكنهم تمحيصها وتدقيقها وحينئذ يمكن إصدار حكم على مصداقيتنا معتبرا أن المهم أن تعمل المؤسسات مع بعضها.. الحكومة السورية ومنظمة الأسلحة الكيميائية.

 

الجيش والشعب يقفان معاً.. وليس لنا خيار آخر إلا أن نثق ونؤمن بنصرنا وإنقاذ بلدنا

وبالنسبة للجيش العربي السوري وما يتعرض له من محاولات لتشويه صورته قال الرئيس الأسد إن “الجيش العربي السوري يمثل سورية وإلا لكان تفكك منذ مدة وهو لا يمثل تهديداً لأي أحد” مؤكدا أن “الجيش والشعب يقفان معاً.. وليس لنا خيار آخر إلا أن نثق ونؤمن بنصرنا وإنقاذ بلدنا”.

واعتبر الرئيس الأسد أن نصر سورية يتحقق بالتخلص من الإرهابيين.. حينئذ يتوجب علينا أن نتخلص من أيديولوجيتهم التي تسربت إلى بعض أجزاء سورية فهي أخطر من الإرهاب ذاته.. وأن نتخلص من هذا التفكير ونتحرر منه سيكون أكثر صعوبة من التخلص من الأسلحة الكيميائية.

وأشار الرئيس الأسد إلى أن تحقيق الاستقرار في سورية يحتاج لإيقاف تدفق المليارات من السعودية وقطر وأن توقف تركيا المساعدة اللوجستية للإرهابيين.. حينئذ يمكن حل المشكلة في غضون بضعة أشهر.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.