الزوتشية فلسفة الدولة الكورية المنتصرة

 

موقع إنباء الإخباري :
سعيد طوغلي*

في التاسع من أيلول سبتمبر المقبل ستحتفل جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، بالذكرى السبعين لتأسيسها. وبهذه المتاسبة نستذكر دور الفكر الزوتشي في تأسيس الدولة ورفعتها وصلابتها ودورها العالمي.

وهنا لا بد لنا من التنويه إلى أنه وبالرغم من التشويات السياسية والفكرية والاقتصادية والدولية وفي مجالات الحياة المختلفة وحتى المجتمعية منها، والتعتيم الكبير الذي تمارسه غالبية وسائل الإعلام المرتبطة بالغرب واستهدافاته كرافعة تبرير للحرب على جمهورية كوريا الديموقراطية،

إلا أن كوريا زوتشيه أكدت طبيعتها وعقائديتها وعرف العالم ألغث الغربي من السمين الكوري عنها، وقد برز الشعب الكوري في الشمال بطبيعته المناضلة والمكافح ضد جميع أشكال التبعية السياسية، وغدا مثالاً عالمياً يُحتذى.

وعند الحديث عن كوريا لا بد لنا من استذكار القائد الراقد كيم جونغ إيل، الذي قضى حياته في خدمة كوريا التي أحب، ومن قبله الزعيم المؤسس والمحرر كيم إيل سونغ، فقد أفنى الاثنان حياتهما من أجل القضية الثورية والزوتشيه، وعملا بجد ونشاط ليلاً ونهاراً لأجل تحقيق الإزدهار للوطن الإشتراكي، وهما قد زرعا بذور السعادة والحياة الآمنة، وها هو القائد الكبير كيم جونغ وون، يَجترح الانتصار تلو الانتصار بفكره وعقيدته الزوتشيه الراسخة في مواجهة محاولات التدخل الأجنبي والتوجهات الاستعمارية، التي ردّها إلى نحرها في الذكرى ال70 سنة على تأسيس الدولة الاشتراكية، فله منا كل الاحترام والتقدير والإكبار.

وفي زوتشيه، فإن الرئيس كيم ايل سونغ، مؤسس كوريا الاشتراكية، يَحظى بتقدير وامتداح كبيرين باعتباره “شمس (زوتشيه)”، إذ انه أوجد الفكرة الهادية العظيمة لإنجاز قضية الاستقلالية، بإبداع هذه الفكرة، وتتجذر فكرة زوتشيه اليوم فى أعماق قلوب الشعوب الوطنية والتقدمية في العالم، وتغدو فكرة هادية معترفاً بها، وهي تمثل عصرنا هذا وسائر العصور التاريخية للبشر لكونها تشير الى طريق إستقلالي وأُنفة وطنية ورفضاً لأي تدخل أجنبي في شأن كورية، وفي ظل راية هذه الفكرة، سيتكلل نضال جماهير الشعب بالنصر حتماً، ذلك النضال الرامي الى بناء العالم الجديد المستقل الذي يخلو من السيطرة والاستعباد والتدخل والضغوط.

كذلك، فإن الرئيس كيم ايل سونغ بدأ بقضية الاستقلالية عبر قيادته للثورة على هدى فكرة “سونكون” الأصيلة (إعطاء الأولوية للشؤون العسكرية)، وقادها الى النصر بتلك القيادة، وحرص الرئيس على حماية سيادة البلاد بحزم في الحرب الكورية التي دارت رحاها بين عامي 1950 و1953 جرّاء العدوان الأميركي، وهو ما يشغل مكانة بارزة في قيادته للثورة على هدى “سونكون”. في أثناء ذلك، قاد الزعيم كيم إيل سونغ كوريا جيشاً وشعباً الى النصر بأفكاره العسكرية واستراتيجياته وتكتيكاته الفريدةس.

لقد كان بلورة الزوتشيه بإبداعات الزعيم كيم إيل سونغ الخالد، طريقاً إلى إعلاء فكر قيادي يقود الى مستقبل مستقل وسيّد وإشتراكي واعد للدول وشعوبها وبضمنها كوريا، وليس “للتماشي” أو “الانسجام” مع الاوضاع العالمية، كما هو حال بعض الأفكار الرجعية الاخرى، التي ترى “التساوق!” و”الانسجام!” مع العالم فالانبطاح أمام الأعداء.

وهنا ندرك أن زوتشيه تؤشر على المبدأ الخاص بأن الحركة التاريخية الاجتماعية هي حركة مستقلة لجماهير الشعب، وهذا بدوره يَعني أن الحركة التاريخية الاجتماعية هي حركة تقوم بها جماهير الشعب بذاتهم من أجل الدفاع عن استقلاليتها وتحقيقها. بكلمة أخرى، هي حركة تخوضها جماهير الشعب لتعيش وتتطور بصورة مستقلة بكونها سيدة للعالم ومصيرها، تخلّصاً من شتى أنواع العبودية والقيود.

وتعني زوتشيه لكورية الاشتراكية والمستقلة منذ التحرير وإقامة الدولة،  حالة متقدمة جداً ومميزة من الأستقرار السياسي وإقامة إشتراكية متطورة، ونتيجة لهذا المسعى منذ البدايات الوطنية والتقدمية، خرجت أفكار الزوتشية إلى حيز الوجود كفكر ثوري يقدم الإجابات والحلول عن طريق النضال من أجل التحرر والوحدة وبناء الدولة الإشتراكية القوية والمزدهرة. الزوتشية أيضاً هي الفكر والبوصلة الموجهة للحزب وأداة العمل للدولة والجيش، وأسلوب حياة للرفاق الكوريين والشعب الكوري بأسره.

وقد أثبتت الزوتشية على مر الأيام انها فكرة شاملة تعني أن اصحاب الثورة والبناء هم جماهير الشعب وأنهم هم أيضاً القوة المحرّكة في الثورة والبناء، وبمعنى آخر إنها فكرة تفيد أن الانسان مسؤول عن مصيره هو، وأن له القدرة أيضاً على صوغ هذا المصير.

لقد دفع الشعب الكوري ثمناً باهظة لقاء تأسيس دولته التي هزمت إمبريالية قطاع الطرق وشذاذ الآفاق اليابانيين، وبرغم عداء الغرب وحصاره الظالم الجائر، استطاعت جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية أن تطوّر قدراتها العسكرية والنووية لتصبح رقماً صعبأ في المعادلة الدولية وعلى الساحة السياسية، فنالت إحترام الشعوب الحرة في العالم، ونموذجاً رائعاً يستحق كل التقدير والاحترام.

وأنا أرى أنه يجب علينا الإستفادة من التجارب التي مرت من خلالها جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية، إذ أنها أثارت الرعب في قلوب أعدائها خلال فترة زمنية قصير، حين صنعت لنفسها مجداً منقطع النظير. ومما يدهش حقاً، أنه وبرغم الحصار المفروض على كوريا زوتشيه، من طرف قوى الشر الدولية وأزلامها، أثبتت بأنها اقوى من الحصار وأقوى من الظالمين، فغذائها وزراعتها وصناعتها ودوائها وسلاحها تحقق بنتيجة جهدها واكتفائها الذاتي، فأثبتت أن نظرية زوتشيه وسونكون هما فلسفتان وطريقان منيران لها وللعالم حين يأخذ هذا العالم بها.

 *كاتب من سورية وعضو مرشح في المجلس العربي للتضامن مع الشعب الكوري ومناصرة توحيد شطري كوريا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.