السعودية ، مؤامرة صناعة الخوف.

saudi-alsoud

موقع بانوراما الشرق الأوسط ـ
أحمد الحباسي:

لم يعرف التاريخ البشرى دولة قامت على استحضار كل عناصر التخويف و كل مكونات الإرهاب الديني الفكري ليصبح هذا الاستحضار و هذا الإرهاب الفكري مكونا أساسيا من مكونات الخطاب الديني و السياسي و الإعلامي مثل ما يحدث في نظام المافيا السعودي ، و لعل هذا النظام هو النظام الوحيد في العالم الذي نجح نجاحا غير مسبوق في البقاء لحد الآن كنظام يقوم على احتلال الذهن السعودي و استغلال غفوته السياسية و هبوط منسوب ثقافته و ميله إلى اللهو و المجون و الترف ، طبعا، المؤسسة الدينية السعودية ليست بريئة أو بعيدة عن مأساة الشعب السعودي، لكن من الواضح أن هذه الآلة القمعية الدينية التي تشبه محاكم التفتيش في الغرب ، قد استطاعت أن تغرس أنيابها المسمومة داخل الوجدان السعودي و تستحضر كل الأرواح “الدينية” الشريرة حتى تسقط الفريسة فاقدة للحراك و التفكير طيلة سنوات حكم آل سعود .

كل الدول في العالم لها مخاوفها الأمنية ، هذا طبيعي و منطقي ، لكن أن يربط نظام بقاءه و ديمومته بفرض ضغط نفسي ديني بحجة أنه الممثل الوحيد للدين و أن الخروج عليه هو خروج سافر عن الدين فهذا الأمر لا يحصل في كل دول العالم باستثناء نظام آل سعود ، و الذين يراقبون الحالة السعودية بانتباه يدركون أن المؤسسة الدينية رافعة هذا الشعار الكاذب و الملفق قد نجحت في بقاءه كمحرك معنوي أساسي في منظومة صناعة الخوف لدى عامة الشعب ، و بهذا المنظور ، يمكن الحديث أن ما يحدث في السعودية ليس له مثيل في العالم من ناحية أن يحكم شخص أو عائلة شعبا بقوة الخوف أو بناء على فزاعة ، و أن يتم اختزال الدين في فرد أو عائلة ليصبح الأمر بمثابة سيف ” داموكلاس ” الشهير المسلط على رقاب الرعية ، المثير حقا أن يتم باسم هذا الخوف الديني انتزاع كل حقوق الشعب في التداول على السلطة و في الانتخابات و في حرية التعبير و حرية المعتقد و حرية الانتخاب دفعة واحدة و اعتبار أن المؤسسة الدينية هي الدستور و هي الضامنة الوحيدة لكل هذه المبادئ الكونية المستقرة و من يخرج عن طوعها فهو آثم كفور .

المؤسسة الدينية السعودية الفاسدة هي من تفرض و تبسط سيطرتها ووجهة نظرها على عموم الشعب ، و حين هبت نسائم ما يسمى بالربيع العربي أعلنت هذه المؤسسة حالة الطوارئ و دفعت بفلولها إلى كل الفضائيات و وسائل الإعلام لتلقى باللائمة أولا على الشعوب المنتفضة ثم بالإفتاء بحرمة هذه المظاهرات التي اعتبرتها خروجا غير مسموح به على الحاكم ، لتنتهي الآن بتنبيه الشعب السعودي من مغبة الانخراط في هذا “الجرم المشهود ” ، بالتوازي ، رفع نظام الموت السعودي شعارا يتمثل في كون هذه الثورات هي رجس من عمل الشيطان و أن نظام آل سعود هو الضمانة الوحيدة الذي لن يترك للشياطين مكانا في مملكة الشياطين ، و كما فعل العقل الصهيوني و سوق بأن إسرائيل تبقى الضمان الوحيد لجحافل الصهاينة من أي “مكروه ” فقد استخدم النظام فزاعة الثورات العربية و نتائجها و إرهاصاتها ليقول للشعب السعودي أنه لا عاصم اليوم من هذه الثورات “البذيئة” إلا نظام الشياطين السعودي .

لعل عاصفة الحزم السعودية التي أثارت سخط كل أحرار العالم هي إحدى تجليات منظومة صناعة الخوف السعودية ، و لعل ما يحدث في العراق و سوريا و لبنان هي تجليات مختلفة لفكر صناعة الخوف المختمر داخل العقل الرسمي السعودي ، فالنظـام يتحرك على اليمين و اليسار ليخلق حالة من الفراغ و ليطارد بعض الأشباح و ليخلق حالة من الارتباك في المنطقة تمكنه من أن يقول للمتابعين : انظروا ، ألا ترون ، أنا الوحيد الناجي من الطوفان ، أنا الوحيد الضامن من الطوفان ، أنا الوحيد الذي نجحت سياسته ضد الطوفان ، انظروا ، تمعنوا، استيقظوا ، تذكروا ، مؤسستي الدينية هي الحل ، نظامـي هو المثل ، ماذا فعلتم بهذه الثورات ، ماذا جنيتم من هذه الثورات ، ثم تعالوا معي ، أليس البقاء أهون من الموت ، أليس الرغيف أبجل من الكرامة ، أليس الاستقرار أهم من حقوق الإنسان و حرية التعبير ، أليس الاستبداد أهون من الديمقراطية ، ثم و هذا الأهم من أنتم حتى تنادوا بهذه المطالب المستنسخة من الغرب ، و من أنتم حتى ترفعوا أقلامكم و تفتحوا أفواهكم للمطالبة بمثل هذه المطالب التي ترى فيها المؤسسة الدينية ، صاحبة الأمر و النهى ، رجس من عمل الشيطان ، و كيف تقبلون أو اقبل على نفسي ، أنا الحاكم بأمر الله ، أن اتبع ملتكم و أرفض تعليمات المؤسسة الدينية ؟ …. في عقل النظام ، يجب أن تستمر و تتضاعف حالة الخوف لدى المواطن السعودي ، و إذا كان ديكارت عالم الاجتماع المعروف قد قال “أنا اشك إذا أنا موجود ” فان نظام الثلاثة ورقات السعودي ينتهج خارطة طريق تقـــول ” الشعب خائف ،إذا أنا باق و موجود ” .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.