السوخوي قرب القاعدة البريطانية: الرد السوري على التجربة الصاروخية الإسرائيلية

  syrian-airplane9

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:

يبدو أن القيادة العسكرية السورية أرادت الرد بطريقة مبتكرة وقوية على التجربة الصاروخية الإسرائيلية في البحر المتوسط.
الرد بحق كان مميزاً، فحسب الصحف البريطانية، قام تشكيل مكوّن من قاذفتين من نوع “سوخوي 22” بتنفيذ تحليق بالقرب من منطقة حظر الطيران حول قاعدة أكروتيري الجوية التابعة لسلاح الجو البريطاني في قبرص.. فما هي حقيقة ما حدث؟
تمتلك القوات الجوية السورية حوالي 20 طائرة من طراز سوخوي 24 من النسخة “أم كي” المخصصة للهجوم الأرضي، تتمركز في قاعدة طياس كسرب القاذفات 819، تسلمتها في مطلع التسعينيات، “وليس فى السبعينيات كما يظن البعض”. هذه النسخة في الأساس مخصصة للقصف، ولا يوجد لديها إمكانيات استطلاع، خصوصاً أنه توجد نسخة استطلاعية من هذه الطائرة تدعى (أم ار) لا تمتلكها سوريا” .
بعض الزملاء اتخذوا من هذه النقطة الأخيرة دليلاً على عدم صحة الرواية البريطانية لتحليق السوخوي 24 السورية، لكني على العكس، مقتنع تماماً، لأن هذه الطائرة نفذت مهمة “المسح الجوي البصري” للمياه الإقليمية السورية، وليس “مهمة استطلاع بعيد المدى”، وهناك فارق كبير بين المهمتين، لأنه لو كان القصد هو عملية استطلاع بعيدة المدى، فإن الطائرة الأمثل لهذه المهمة هي الميج 25، لكن الغرض الأساس من هذه المهمة هو المسح البصري للمياه الإقليمية السورية لرصد السفن القريبة، بجانب الرد على التجربة الصاروخية الأسرائيلية رداً أضخم بكثير مما فعلته إسرائيل.syrian-airplane7
أقلعت الطائرتان السوريتان من قاعدة طياس الجوية، واتخذتا خط طيران ثابت في اتجاه قاعدة أكروتيري البريطانية، مع علمهما أن هذا الإقلاع سيسبب ارتباكاً كبيراً لدى قاعدتي إنجرليك التركية وأكروتيري البريطانية، نظراً لأن الطائرتين السوريتين كانتا في مجال الرصد الراداري الغربي فور اقلاعهما.
وصلت الطائرتان إلى قرب منطقة حظر الطيران حول قاعدة أكروتيرى التي تبلغ 22 كم في زمن يبلغ 15 دقيقة وتجاهلتا تماما محاولات الاتصال اللاسلكي بهما من برج القاعدة البريطانية، ما جعل قيادة القاعدة تقرر إقلاع طائرات الحالة الأولى “وهما طائرتان من طراز تايفون” لمحاولة الاتصال البصري مع طاقم الطائرتين السوريتين لتحذيرهما من اختراق منطقة حظر الطيران حول القاعدة.
وهنا يجب أن نلاحظ أن المقاتلات البريطانية لم تقم بعملية اعتراض جوي للطائرتين السوريتين، و لم تكن تستطيع أن تهاجمهما تحت أي ظرف نظراً لوجودهما في المياه الدولية. لم تخترق الطائرتان السوريتان منطقة حظر الطيران وعادتا إلى قاعدتهما، مع ملاحظة أن قاعدة انجرليك أقلعت منها طائرتان من طراز أف 16 تابعتان لسلاح الجو التركي لمتابعة الطائرات السورية.
هذه الحادثة أدت المطلوب منها وأكثر .. حيث استفادت سوريا منها في عدة أوجه:
1- الردع: الطائرتان السوريتان كان من الممكن أن تنفذا إغارة على القاعدة البريطانية، خصوصاً أن مدى هذا النوع يتعدى 2000 كيلومتر، ويستطيع حمل تشكيلة كبيرة من الصواريخ الموجهة بالراديو أو تلفزيونياً أو بالليزر مثل فئة كاب “كاب 500 إل الموجّه بالليزر – كاب 500 كي آر الموجّه تلفزيونياً” أو صاروخ كي أتش 58 المضاد للرادار والذي يبلغ مداه 120 كيلو متراً، ما يسمح للسوخوي السورية أن تضرب رادارات القاعدة البريطانية دون الدخول ضمن نطاق منطقة حظر الطيران، وبالتالي يعتبر هذا التحليق بمثابة رسالة لكل القواعد الجوية القريبة من سوريا بأنها في مدى التدخل الجوي والصاروخي.
كما أن هذا النوع من القاذفات يتمتع بالقدرة الفعالة على استهداف القطع البحرية بصواريخ مثل الصاروخ الرهيب “كي أتش 31” بمدى يصل إلى 110 كيلومتر، وهو أحدث ما وصل إلى القوات الجوية السورية، وتسلمت 90 صاروخاً من هذا النوع عام 2010. وهنا أيضاً توجه القوات الجوية السورية رسالة إلى القطع البحرية الغربية.
2- الثقة: معنوياً، فإن هذا التحليق يعطي ثقة وارتفاعاً في المعنويات للقوة الجوية السورية، التي تستعد بجانب الدفاع الجوي لمعركة مصيرية. في مثل هذه الظروف يعتبر اتخاذ قرار بالتحليق القريب من قاعدة جوية معادية قراراً جريئاً يعطي ثقة لمن اتخذه ومن نفذه.syrian-airplane8
3- الرصد: بالطبع فإن المسح البصري للوضع الميداني في منطقة المياه الإقليمية والدولية يعطي معلومات مهمة، كما أن تجربة الاحتكاك المباشر مع الرصد الراداري الغربي ومعرفة مدى درجة استنفاره واستنفار طائرات الحالة الأولى في مطاراته تعتبر إضافة مفيدة للمعلومات المتوفرة لدى القيادة العسكرية السورية، والتي سيكون لها الأهمية القصوى فى حال بدأت سوريا في مرحلة “الرد” التي تحدثنا عنها سابقاً. ولكن النقطة المهمة هنا هي أن السوخوي السورية استطاعت تأكيد خبر وجود 6 مقاتلات تايفون بريطانية وصلت حديثاً الى القاعدة البريطانية التي كانت تحتوي فقط على قاذفات التورنيدو.
4- الرد: الهدف الرئيسي من وجهة نظري من هذا التحليق هو الرد السوري القوي على التجربة الصاروخية الإسرائيلية بأسلوب يقارب تقريباً هذه التجربة.. وفي نظري الرد كان أقوى من التجربة الإسرائيلية بكثير، وأوصل رسائل عديدة مفادها أن سوريا، إن كانت صمتت سابقاً على انتهاك اجوائها لأسباب سياسية، فإنها الآن لن تسكت على أي انتهاك، حتى لو كان أمام مياهها الإقليمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.