السيد توني ‌بلير،اذا كانت ‌السعودية أم ‌الإرهاب ‌فمن‌ هو أبوه

السيد توني ‌بلير،اذا كانت ‌السعودية أم ‌الإرهاب ‌فمن‌ هو أبوه

يبدو ان هناك اوامر عليا صدرت من ولاة الامر في السعودية وزعماء قطر وبعض الدول الخليجية الى وسائل الاعلام التي تتحرك بقوة البترودولار، بشن هجوم واسع النطاق لا هوادة فيه، تستخدم فيها كل الاسلحة، حتى تلك المحرمة اخلاقيا، ليس على محور المقاومة وايران وحزب الله او الشيعة هذه المرة، بل على حليف وصديق قديم ومقرب جدا من الملوك والامراء والمشايخ العرب، الا وهو رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.

صديق الامس الوفي، عدو اليوم الخائن، نالته ايضا سهام الاعلام التابع للمجموعات السلفية التي زرعتها السعودية في جميع الدول العربية والاسلامية بفضل المال والجهل، فقد تبارى الجميع على فتح قائمة طويلة عريضة لمثالب الرجل، الذي كان يوما ما منقذا لعروشهم، فاذا به يتحول الى عراب غزو العراق والصليبي الحاقد والكذاب والمتصهين والمستعمر والمسيحي المتعصب والدجال.

رغم اننا لا نختلف مع احد على ان هذه الصفات، بل الاسوء منها تليق بالرجل، فتاريخه ليس مشرفا بالمرة، ولطالما حذر محور المقاومة، العرب والمسلمين، من مخططات هذا الرجل والجهات التي تقف وراءه ولكن دون جدوى، الا ان ما يثير الاستغراب هو ان يُشن هذا الهجوم من الاعلام الممول خليجيا، وبنَفس واحد، تحت يافطة الحمية والغيرة على الاسلام والدفاع عنه، بينما يعرف حتى بسطاء الناس ان اغلب الانظمة الخليجية هي ابعد الناس عن الاسلام واكثرها عدواة له.. اذن ما عدا مما بدا؟

من اجل الوقوف على سر هذه الغيرة على الاسلام من قبل السعودية وقطر والسلفية، تابعنا التصريحات التي ادلى بها بلير خلال الايام القليلة الماضية عسى نقف على هذا السر، فاذا بنا نقف على تصريحات ادلى بها توني بلير يوم الاربعاء 23 من نيسان/ابريل الجاري، حيث دعا فيها الى ان ينحي الغرب وامريكا خلافاتهما مع روسيا والصين بهدف التصدي للتكفيريين لانهم يمثلون تهديدا مشتركا.

هذا التصريح لا نعتقد انه السبب وراء كل هذه الضجة الاعلامية التي تقودها السعودية وقطر والسلفية على الرجل، فظاهر الامور تؤكد ان الجانب الخليجي والسلفي يشاطر بلير تخوفه من التكفيريين، فتابعنا قراءة باقي التصريح فاذا به يقول وبوضوح لا لبس فيه: “استغرب من الدول التي تنفق المليارات على محاربة التطرف لحماية امنها وهي التي تنتهجه في مدارسها ومناهجها ونحن نقيم معها علاقات امنية ودفاعية” ، هنا لا يحتاج المرء الى قدر كبير من الذكاء ليعرف ان رئيس وزراء بريطانيا السابق يقصد السعودية تحديدا.

من حق السعودية وقطر والسلفية، ان يغضبوا على صديقهم الحميم القديم، لماذا؟ لانه يحملهم المسؤولية وحدهم، وخاصة السعودية ويعتبرها الام التي انجبت الوهابية، تلك القراءة المشوهة عن الاسلام والتي تعتبر اس واساس كل المصائب التي ابتليت بها الامة، ونحن ايضا نقف مع هذا المعسكر ونقول لبلير صحيح ان السعودية هي الام التي انجبت التطرف والارهاب والمجموعات التكفيرية، الا ان هذا الوليد جاء من زواج شرعي رغم ان الاب يحاول التنصل الان من الام والابناء الذين تفرقوا في جزيرة العرب وافغانستان وباكستان والصومال والعراق وسوريا وليبيا وحتى اوروبا وامريكا وروسيا والصين.

يبدو ان التصريح الذي سحب صاعق القنبلة الاعلامية التي تفجرت في وجه بلير، هو ما قاله بعد يوم واحد من تصريحه الاول والذي جاء كاعتراف واضح بفشل كل مخططات الغرب والرجعية العربية والكيان الاسرائيلي لاسقاط النظام السوري، حيث دعا الى تسوية مع النظام السوري، وهو ما ادى الى اثارة غضب السعودية وقطر الراعيين الرئيسيين للمجموعات التكفيرية المسلحة في سوريا، ضد حليفهما القديم.

ففي مقابلة إذاعية لبلير نقلته صحيفة ديلي ميل، يوم الخميس 24 نيسان/ابريل والتي تحدث فيها عن التطورات التي تشهدها الازمة السورية وقال في جانب منها: “أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو التوصل إلى أفضل اتفاق ممكن حتى لو كان ذلك يعني بقاء الرئيس الأسد في الحكم لفترة مؤقتة” هذا التصريح بالاضافة التي التصريحات السابقة واللاحقة كلها تدل على ان الغرب لم يعد متمسكا بالهدف الذي كان يسعى لتحقيقه مع السعودية وقطر وتركيا والكيان الاسرائيلي والمتمثل باسقاط نظام الاسد، بل ان هذا الغرب استدار الان نحو حلفاء الامس ومنهم السعودية متهما اياها بتفريخ الارهاب دون ان تكون لها القدرة على لجمه وقت الضرورة، كما يحدث الان في سوريا.

تصريحات بلير تؤكد حقيقة ان الغرب فشل في مؤامرته ضد سوريا، ويفكر الان بجدية باعادة العصابات التكفيرية الى القمقم بعد ان فشلت المهمة، خوفا من تمددهم الى مناطق اخرى ومنها اوروبا، بيد ان هذا الغرب يواجه رفضا سعوديا وقطريا لحقيقة ان المؤامرة ضد سوريا فشلت، وهذا الرفض رافقه تاكيد واصرار سعودي غير مسبوق على دعم العصابات التكفيرية حتى النفس الاخير، مما اثار حفيظة الغرب من هذه السياسة غير المدروسة والطائشة والمدفوعة بحقد اعمى لايعرف الحدود على النظام السوري، والتي قد تُخرج الامور عن السيطرة.

اخيرا الشجار الحاصل بين الغرب وعلى رأسه امريكا وبريطانيا والانظمة الخليجية وعلى راسها السعودية وقطر، ليس شجارا حول كيفية انقاذ العالم من الارهاب والتطرف والتكفير، بل هو عبارة عن سوء فهم بين المعلم والتلميذ، فبريطانيا هي التي اسست واوجدت النظام السعودي وحمته ودعمته و روجت للوهابية، اما امريكا فهي التي حافظت ودافعت عن هذا الوجود بكل ما تملك من امكانيات، كما ان السعودية كانت ومازالت وفية للغرب الذي هو عماد وجودها وديمومتها، والاثنان شاركا وبتنسيق لا مثيل له في ضرب حركات التحرر في منطقة الشرق الاوسط وكل عناصر القوة والعنفوان في الامة عبر اثارة النعرات الطائفية والترويج للوهابية المتخلفة والسلفية المتكلسة فكانت القاعدة والعصابات التكفيرية، وبذلك اعطبوا بوصلة الامة التي كانت تشير وبوضوح الى ان العدو هو والكيان الاسرائيلي، واخذ المسلمون اليوم يقتل بعضهم بعضا متناسين الكيان المحتل والقدس ، لذا فسوء الفهم القائم بين بريطانيا والسعودية اليوم والذي اشرنا الى جانب منه عبر السجال القائم بين بلير والسعودية، هو حول كيفية الاستفادة من التكفيريين، وطبيعة الاهداف التي يجب تحقيقها عبر هؤلاء، وألية السيطرة عليهم وقت الضرورة ولجمهم، لذلك لا نكشف سرا اذا قلنا للسيد بلير اذا كانت السعودية هي أم الارهاب فان بلدكم، بريطانيا، هو ابوه الشرعي، وهناك وثائق رسمية ودامغة وبالالاف، تؤكد هذه الحقيقة.

منيب السائح – شفقنا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.