الشهيد مصطفى بدر الدين، لعيونك يا سوريا

mostafa-badreddine-hezbollah

صحيفة الوفاق الإيرانية ـ
أحمد الحباسي:
رحل الشهيد مصطفى بدر الدين لسبب بسيط وبسبب بسيط لم يتحدث عنه احد منذ إعلان نبأ الاغتيال قرب مطار دمشق، الموت حقيقة ثابتة والساعة آتية لا ريب فيها، أحب من أحب وكره من كره، لذلك رحل الشهيد، ولذلك سيرحل شهداء كثيرون طيلة مسيرة المقاومة العربية.

دائما ما بحث الجميع عن «الكواليس» وما وراء هذه الفاجعة ودائما ما كتبت المقالات وتنوعت الآراء، ودائما ما فجع الأحباء وشمت الأعداء، لكن الحقيقة لا تموت بالتقادم أو بالوقت أو بالنسيان وضعف الذاكرة، كل نفس ذائقة الموت، وكل بطل نهايته الموت، وكل مقاوم نهايته الشهادة، هكذا حصل في دمشق منذ ساعات وهكذا حضرت الساعة وهكذا رحل الشهيد العزيز وسط دهشة الجميع، هكذا قام الشهيد بدوره وهكذا حقق ما حقق من انجازات بطولية يعلمها العدو قبل الصديق وهكذا جاء وقت الوداع وترك المشعل.

سيكتب الكثير وستخرج الإشاعات وسيقول البعض أنها نهاية مؤلمة وسيفرح البعض لهذه النهاية، صدقوني، الشهيد كان يعلم ماذا سيحصل بعد نهايته لكن هناك من لا يزال يتساءل لماذا وكيف ولماذا، أيها الناس، رحل مصطفى بدر الدين، كفوا عن الأسئلة وانتبهوا وعودوا إلى رشدكم، فالرجل قد قام بالواجب المتاح وفي العمر المتاح فما أنتم فاعلون؟ كفوا عن الدموع والآهات وتنبهوا لان الأعداء كثر ينتظرون لحظة انهيار المعنويات وهبوط العزيمة وشلل التفكير، دعوا التفكير في هذه الجريمة وكيفية حصولها لأهل الإختصاص في امن المقاومة ومخابرات الجيش السوري، لأنكم مهما فكرتم وبحثتم وتساءلتم لن تعرفوا حقيقة ما حصل وما سيحصل، هذه لعبة مخابرات دولية وهذه معركة متعددة الأطراف وهذه ساحة حرب مفتوحة على كل الاحتمالات والأسئلة والخيانات وبيع الذمم واختلاط وسقوط المفاهيم .

هناك حقيقة ثابتة كحقيقة الموت، قافلة حزب الله لن تتوقف وقافلة الشهداء لن تتوقف، الإنتصارات التاريخية تحتاج الأبطال والشهداء، في المعارك الكبرى لا سبق إلا للأبطال والفاعلين والصابرين والكابسين على الزناد، أيضا لن يتوقف الحزب لموت شهيد مهما كانت مرتبته وذكاءه وانجازاته وموقعه، هكذا تبنى العقيدة القتالية على التضحية ولا شيء غير التضحية، في المعارك الكبرى الأبطال مجرد مشاريع شهادة دورية متواصلة، المعارك الكبرى سباق بطولة يتداول عليها خيرة المقاتلين بدون نظرة وداع ولا لحظة تراجع ذهني، آخرهم الشهيد عماد مغنية، آخرهم الشهيد سمير القنطار، هل توقفت المسيرة، هل تعطلت، هل اختلف الرفاق، هل انفرط عقد التحالف، هل ارتبكت القيادة، هل توقع الأعداء نهاية حزب الله، بالعكس فكل صحافتهم تقول العكس وتفكر بالعكس وتنصح بالموضوعية والإنتباه، هؤلاء هم الأعداء وهكذا يفكرون فلماذا نرتبك أو تحاصرنا الأسئلة.

لن نعدد انجازات الشهيد، فهذا أمر يخجل الراحل حتى في عليائه، فالأبطال لا يتحدثون عن انجازاتهم ولا يريدون، وتخليد روح الأبطال لا يكون بسرد انجازاتهم بل بالضغط على الزناد وفتح العيون ومزيد تحقيق الإنتصارات وتراكمها، هذه قافلة مرصودة للشهادة ولتحقيق الإنتصار ودفع ضريبة الدم فلماذا نتذكر الماضي مع أنه بإمكاننا الفوز في المستقبل وتحقيق الإنتصار الذي استشهد من أجله الشهداء، هذه وصية ونحن علينا واجب الوعد الصادق بتحقيق الإنتصار الناجز المذل للأعداء، خليجيين كانوا أو صهاينة وأمبرياليين وغرب، نحن نعلم من قتل الشهيد ولن نتكلم في هذه اللحظة، ونعلم أن هذه المعركة قد دخلها كثير من اللئام والجبناء والعملاء الخونة لضرب قيادات المقاومة، لكن حزب الله كما يعلم الصهاينة كالعنقاء سينهض ليستعيد جذوته الحارقة للأعداء، وهو سيدفع ضريبة الدم لتبقى سوريا عصية على الفتح العثماني والفتح الصهيوني والفتح السعودي الماجن، سيسقط الشهداء لكن لن تسقط الشام ولن يركع الشعب السوري ويرفع الراية البيضاء، هذه حقيقة تشبه في كثير من التفاصيل حكاية انتصار حزب الله صيف تموز 2006 حين وعد السيد بالنصر فجاء الوعد الصادق بالنصر .

من خطط ومن نفذ وكيف ولماذا ومتى وهل، هذه هي الأسئلة التي يلوكها البعض لمحاولة فهم ما حصل بالضبط، هؤلاء يتناسون أنها معركة وأنها مخابرات وأنها طائرات استطلاع وخزائن معلومات وخيانات وبيع ضمائر وتحدي، يريدون أن تتحقق الإنتصارات دون خسائر في الأرواح، يريدون قيادات لا تموت، يريدون برجا عاجيا وأمنا لا يخترق، يريدون حراسة لا تنام وسيارات مصفحة ومتاريس لا تخترق، لا، أيها السادة المعارك لا تخاض بالريموت كونترول وبالهروب من مواقع القتال، القيادات تكون في الصفوف الأولى وتقف جنبا إلى جنب مع الأبطال، لهذا تسمى قيادات ولهذا تسمى بطولات ولهذا يتقدم الأبطال وهكذا تستحق النياشين ولهذا نمجد الأبطال، رحل الشهيد مصطفى بدر الدين، من المؤكد أن كلهم بدر الدين، كلهم بدر الدين، كلهم الشهيد مصطفى بدر الدين، ولأجل عيون سوريا استشهد بدر الدين، وسوريا تستحق شهادة مصطفى بدر الدين، أيها الشهيد وداعا، وداعا أيها البطل وليخسأ الخاسئون .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.