الصحافة الأميركية: مخاوف اقتصادية في 2013… وسجال حول تصدير السلاح لكوريا الجنوبية

american-newsstand

صحيفة الاتحاد الإماراتية ـ
إعداد: طه حسيب:

هل يفاقم الخوف مشكلات الأميركيين؟ ولماذا تتناقض صفقة تصدير طائرات من دون طيار لكوريا الجنوبية مع سياسة أوباما الرامية لضبط التسلح؟ وماذا عن مؤشرات الاقتصاد الأميركي في مطلع العام الجديد؟ وإلى أي مدى تعرضت حرية الصحافة لانتهاكات في العام المنصرم؟ تساؤلات نسلط عليها الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.

تداعيات الخوف

تحت عنوان «في العام الجديد لنواجه مخاوفنا»، استهلت «واشنطن بوست» افتتاحية أول أيام عام 2013 بتذكير الأميركيين بالكساد الكبير الذي ضرب الولايات المتحدة قبل قرابة 80 عاماً، وتقول الصحيفة آنذاك (أي في عام 1933) كان الأميركيون قد انتخبوا رئيسهم الجديد، وفي انتظار خطوات يتخذها لمواجهة الكساد وفي خطابه الافتتاحي، تحدث روزفلت عن قناعته الراسخة بأن الشيء الوحيد الذي يتعين علينا أن نخشاه هو الخوف نفسه… هذا الكلام قديم ومكرور، آنذاك كانت هناك أسباب للخوف تفوق- حسب الصحيفة- الخوف ذاته، منها: الجفاف والمرض والجوع والفشل الاقتصادي وهتلر. روزفلت آنذاك حاول رفع معنويات البلاد ولعب بكلامه على وتر مهم في الشخصية الأميركية، أملاً في تحقيق التعافي المنشود… إنها فكرة تتعلق بتأثير الخوف كونه يحد من آمال الناس، وهذا يضرب ميزة هي الأهم في الشخصية الأميركية ألا وهي: التفاؤل الدائم. وإذا كان من الصعب العثور على الاستثناء الأميركي في ظل الحكومة المحدودة والقوى السياسية المنقسمة وما بها من تأثيرات تطغى على قناعة الأميركيين بأن الأمور تسير نحو الأفضل. الآن باتت كلمات روزفلت عن الخوف أكثر مصداقية مقارنة بما كانت عليه قبل 80 عاماً، أي عندما كانت البلاد تواجه ظروفاً كارثية. لكن مشكلات الأميركيين الآن ليست عصية على الحل، بل يمكن إدارتها، غير أن الخوف هو الذي يفاقمها، فالبعض يخشى انخفاض معاشات التقاعد أو فرض قيود على حمل السلاح أو تراجع الخدمات الصحية، وهناك تساؤلات صعبة حول التقدم الاقتصادي وأفضل وسيلة لتوزيع الموارد العامة، وكلها تساؤلات يمكن الإجابة عليها من خلال نقاش عاقل ومتزن، لكن الخوف يجب أن لا يكون له مكان.

طائرات من دون طيار

في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي، وتحت عنوان «طائرات من دون طيار لكوريا الجنوبية»، أشارت «نيويورك تايمز» إلى أنه بعد مرور أقل من شهر على إطلاق كوريا الشمالية صاروخها البالستي الأخير، طرحت إدارة أوباما على كوريا الجنوبية طائرات تجسس من دون طيار، كي يتسنى لسيئول رصد أية أعمال عدائية قد تقدم عليها كوريا الشمالية. قرار الإدارة الأميركية أثار بعض المخاوف، ويتعين على الكونجرس طرح بعض التساؤلات قبل أن تتبلور هذه الخطوة كجزء من استراتيجية شاملة أو تصبح مجرد محاولة لمعاقبة كوريا الشمالية. وحسب الصحيفة، فإن الصفقة المقترحة تصل قيمتها إلى 1.2 مليار دولار وتتضمن أربع طائرات من طراز «جلوبال هوك» كانت كوريا الجنوبية طلبتها قبل عدة سنوات، هذه الطائرات ستعزز من القدرات الاستخباراتية لكوريا الجنوبية، خاصة عندما تقرر هذه الأخيرة إنهاء السيطرة الأميركية على قواتها أثناء الحرب بحلول عام 2015، وهو الموعد الذي اتفقت واشنطن وسيئول على تفعيله، علماً بأن كوريا الجنوبية قد استردت في عام 1994 سيطرتها على قواتها في زمن السلم، وحسب الصحيفة لدى كوريا الجنوبية مخاوف تجاه صواريخ بيونج يانج النووية، لكن صفقة الطائرات من دون طيار التي تنوي سيئول الحصول عليها من واشنطن ستضعف اتفاقاً يعرف بـ«نظام التحكم في تقنيات الصواريخ» الذي وقعت عليه 34 دولة عام 1987 ويقضي بتضييق صادرات الصواريخ البالستية وغيرها من الأنظمة التي تعمل في نطاق يقل عن 300 كيلو متر لا يساهم فيها العنصر البشري. هذا الاتفاق تعرض لصفعة هذا العام عندما وافقت الإدارة على تطوير كوريا الجنوبية صواريخ بالستية. فهل صفقة الطائرات من دون طيار التي تسعى كوريا الجنوبية للحصول عليها، مهمة لدرجة تستوجب الاستثناء؟ وهذا التساؤل في حد ذاته يشكل عبئاً على الإدارة الأميركية كي توضح لماذا لا تضر هذه الصفقة بأهداف أوباما الرامية لضبط التسلح، في حين أنها توفر ذريعة للصين وروسيا وغيرهما لبيع أنظمة تتعارض مع هذه الأهداف. وترى الصحيفة أن الطائرات من دون طيار يمكن تطويرها بحيث تصبح قادرة على حمل السلاح، وإذا مضت واشنطن في هذه الصفقة، فإنه يتعين عليها الحصول على تعهد من كوريا الجنوبية بألا تقوم بتسليح هذه الطائرات. ولدى الصحيفة قناعة بأنه على الرغم من برنامج السلاح النووي الكوري الشمالي وسلوك بيونج يانج الذي يشكل تهديداً، فإنها أقل من الناحية العسكرية مقارنة بالجنوب. ومع ذلك تتخوف الصحيفة من أن حصول سيئول على طائرات من دون طيار، قد يزيد من خطر اندلاع الحرب بين الكوريتين، وللحيلولة دون ذلك يتعين تكثيف التنسيق الأميركي- الكوري الجنوبي.

الاقتصاد يراوح مكانه

في مقالها المنشور بـ«واشنطن تايمز» يوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان «عام جديد والاقتصاد على حاله»، نقلت «نيتا غي» صورة سلبية عن المشهد الاقتصادي الأميركي، مستندة في ذلك إلى تقرير عن مكتب الميزانية في الكونجرس، والذي يشي بأن عام 2013 لن يكون سعيداً. وحسب الكاتبة، فإن ثقة المستهلكين والثقة الموجودة لدى أصحاب المشروعات الصغيرة لا تزال ضعيفة، وثمة حالة من عدم الثقة لدى العامة تجاه الخطوات التي سيتخذها الرئيس والكونجرس لتفادي ارتفاع كبير في الضرائب. وتبدي الكاتبة عدم تفاؤلها – من الناحية الاقتصادية- فسوق العمل لن يتعافى في عام 2013، فعدد المنضوين في صفوف العاطلين في ديسمبر الماضي وصل إلى 350 ألفاً، وأصحاب المشروعات الصغيرة في وضع لا يسمح لهم بتوظيف عمال جدد، وكثير من رجال الأعمال وجدوا أنفسهم، ضحية لرفع معدلات الضرائب، خاصة إذا طبقت إدارة أوباما ضرائب مرتفعة على العائلات التي يزيد دخلها السنوي عن 250 ألف دولار. وثمة مخاوف طرحها تقرير مكتب الميزانية في الكونجرس مفادها أن فرض ضرائب مرتفعة على المشروعات الصغيرة قد يسفر عن فقدان 200 ألف وظيفة. وتأمل الكاتبة أن يتفق الكونجرس مع الرئيس خلال عام 2013 على منع الاقتراض السنوي اللازم لتمويل حكومة تزداد اتساعاً، والبالغ تريليون دولار ، فالولايات المتحدة لا تستطيع العودة إلى النمو ما لم تتوقف الحكومة عن مضايقة الاستثمارات الخاصة.

الحرية على الإنترنت

في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي، وتحت عنوان «بالنسبة للصحفيين والإنترنت 2013 يجب ألا يكون تكراراً لـ 2012»، نشرت «كريستيان ساينس مونيتور» افتتاحية استنتجت خلالها أن الهجمات غير المسبوقة التي طالت الصحفيين في عام 2012، والتحركات الرسمية لفرض رقابة على الإنترنت توضح لنا كيف أن الأنظمة المتسلطة تخشى الحقيقة، وفي عام 2013 ربما يبدأ من يسعون إلى توصيل الحقيقة إلى الناس في النجاح. وحسب الصحيفة شهد العالم خلال عام 2012 هجمات استثنائية على الصحفيين ووصل عدد الصحفيين القابعين في السجون إلى أرقام قياسية، ولقي 132 صحفياً مصرعهم أثناء تأديتهم لعملهم، كما تم فرض قيود على تراخيص الإنترنت. وتشير الصحيفة إلى أن الأنظمة القمعية، كتلك التي في الصين أو سوريا رأت كيف أن الإعلام الرقمي يستطيع بسهولة فضح الأكاذيب والفساد والانتهاكات التي تساعد الأنظمة المتسلطة على البقاء. كما أن (الصحفي- المواطن) في سوريا تمكن من إضعاف الدعم الدولي الذي يتلقاه نظام الأسد من خلال بث مقاطع على «يوتيوب» تفضح المجازر التي يتعرض لها نشطاء الديمقراطية، وفي الصين تمكن صحفيون غربيون من فضح فساد مسؤولين كبار في الحزب الشيوعي. وقادة الصين وإيران هم الأكثر قلقاً تجاه الإنترنت، فإيران تحاول تدشين «إنترنت» خاص بها، بينما تواصل الصين بناء «جدران نارية» بين مواطنيها والشبكة العنكبوتية، وضمن هذا الإطار، نجد أن الصين أصدرت قراراً في ديسمبر الماضي يلزم أكثر من 500 مليون من مستخدمي الإنترنت تسجيل أسمائهم الحقيقية عند دخول الشبكة.

صحيح أن عام 2012 كان سيئاً بالنسبة للصحفيين، لكن فضح هذه الحقيقة قد يساعدهم في العام الجديد على تسليط الضوء ومواجهة الرقابة الرسمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.