الصحافة الروسية: تلاشي داعش وانتصار التحالف ضد الارهاب

موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:

قبل أيام قليلة ضجت وسائل الإعلام بأخبار سعيدة لم يَسبق لها مَثيل عن استسلام مجموعات من داعش الارهابي للقوات السورية ومجاهدي حزب الله اللبناني، بينما من جهة أخرى أنهت القوات الحليفة السورية والروسية، عملية واسعة لتدمير آخر قوى داعش وما يُسمّى بجيش الخلافة في سورية، إذ تم مؤخراً القضاء على أكبر تجمّع للتنظيم، وبذلك تأكد حرمانه من مختلف إمكانيات تجميع عناصره أو إعادة تشكيله لقوى ضاربة، أو شنّه لهجمات واسعة على الدولة السورية، وتم بالتالي قصم ظهر القوات الإرهابية التي تمركزت في محيط دير الزور، وهي المدينة التي تبرز في التاريخ الحديث كـ”ستالينغراد سورية لا تقهر”.

وفي جانب آخر من الحدود السورية، على الجانب العراقي بالذات، نلاحظ تحقيق انتصارات متتالية على الداعشيين والإرهابيين عموماً، وفتح الحدود مع الأردن، بفضل تراصّ القوات النظامية والحشد الشعبي وطليعته حزب الله، الذي قدّم في سورية والعراق، أُلوف الشهداء فداءً لمهمة التحرير والاستقلالية.

ومِن جهة الشرق السوري الأبعد، فقد فقدت منظمة “منافقي خلق” الإرهابية هي الاخرى قواعدها المعنوية والتاريخية والعسكرية والبشرية والسياسية والإعلامية في العراق والجمهورية الإسلامية الايرانية، ولم تعد القوى الداعمة للإرهاب الدولي من دولٍ ومنظمات وممولين، وبضمنها قيادة العمليات الخاصة المشتركة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية الداعمة للمنافقين، بقادرين على توظيفهم في مخططهم الأوسطي الكبير للنيل من الأمة ومستقبلها، وبذلك فقدت القوى الخارجية ومعها الكيان الصهيوني أحد الأعمدة الارهابية المساندة لها.

وفيما يَخص المُنافقين الذين كانوا خلال فترة طويلة خنجراً في خاصرة الامة وظهر العالم، فقد كان يتم تدريبهم بشكل سري فى موقع لوزارة الطاقة الأمريكية فى نيفادا، بحسب المراجع الموثقة والمتاحة للجميع.. وكان بعضاً من هذه التدريبات السرية جزءاً من جهود إدارة أوباما ومَن تولى مقاليد الامور قبله لـِ”مكافحة الإرهاب!”، ويستطرد مرجع نيويوركر، أنه تم تعليم عملاء المنافقين كيفية تعقّب المكالمات الهاتفية والرسائل النصية داخل إيران، والتي كان يتم ترجمتها وإعلام مسؤولي المخابرات الأمريكية بها.

ويُلاحَظ هذه الأيام، أن الإعلام الروسي يُواكب دقائق الانتصارات المتتالية في سورية، وقد بات المواطن الروسي البسيط يتفهم، أكثر من ذي قبل، ضرورات الحرب الروسية الدولية على الإرهاب، والانعكاسات المدمرة لهذا الإرهاب على الدولة الروسية وشعبها، في حالة تمكنه من نقل الهجمة القتّالة إلى داخل روسيا التي تضرب طوقاً أمنياً حديدياً في مواجهة عناصر الارهاب في مختلف مواقع التجمعات الشعبية، ووسائط المواصلات الفوق والتحت أرضية.

الصحافة الروسية تشاركنا فرحة النصر العظيم، ومن المفيد هنا لفت النظر إلى إشارات صحيفة “غازيتا دوت رو” الروسية الشهيرة، والموقع الإخباري الروسي المعروف “مير تيسين”، يوم السبت الثاني من الشهر الحالي، إلى أن نهاية داعش قَرُبت، إذ تم في بلدة “عقيربات” السورية الواقعة في ريف محافظة حماة الشرقي، تدمير “البؤرة الأخيرة والأضخم لعمليات الإرهاب”، وأضافت خبراً خطيراً ولافتاً إلى ذلك هو، أن المدينة “تم تحريرها بهجوم مشترك لفرقة الدبابات الرابعة للقوات السورية، والفيلق الهجومي الخامس للمتطوعين، ومفارز المخابرات العامة المصرية”، وبذلك “ضمن هذا الانتصار تحرير المنطقة المركزية من سورية كاملةً من الإرهاب”..

لأول مرة يتم الإشارة في الحرب على الإرهاب في سورية إلى مشاركة مصرية من هذا الطراز اللافت للانتباه، وإن صح ذلك، إنما يعني أن مصر تضع ثقلها إلى جانب جبهة القتال لاستئصال داعش وأخواتها. فمصر تعاني هي الأخرى من هجمات إرهابية متتالية وبشعة، لا تستهدف سيناء وشعبها فحسب، بل والدولة المصرية وقياداتها وجيش اكتوبر العظيم ومستقبل البلاد ومؤسساتها الأمنية ونواتها الصلبة.

إلى جانب ذلك، نراقب ونتفحص تأثيرات الانتصار السوري – الروسي المشترك على الإرهاب، وعلى تلكم العناصر الصهيونية في روسيا، والتي تواصل قيادة الهجمة على الحقيقة والشعب الفلسطيني والعرب عموماً وتشويه قضايانا وقلب الحقائق، لكنها تستشعر كما يتضح، أن زمنها بدأ بالانحسار السريع، تماماً كما هو زمن بيبي نتنياهو الذي يُعارض بشدة انتشار قوات روسية، أو الشرطة العسكرية الروسية، على الأراضي السورية المُحتلة صهيونياً في عام 1967م، ويُطالب والمنظمات الصهونية بنشر قوات أمريكية بدلاً من الروسية، خشية افتضاح دور كيانه في دعم الإرهاب الدولي وتأليبه على التحالف السوري – الروسي المشترك، وخوفاً من نجاح روسيا بكشف إمداد تل أبيب للإرهابيين بمختلف صنوف الأسلحة ـ ومنها المحرمة دولياً ـ عبر “الجولان” المُحتل، ومعالجة الكيان الغاصب جرحى التنظيمات الارهابية، كالنصرة وداعش وغيرهما، في المستشفى العسكري “الحدودي” القائم قريباً من خط التماس في الجولان، وفي المشافي داخل فلسطين المحتلة، وبعد شفائهم إعادتهم الى جبهات القتال للنيل من تحالف دمشق – موسكو الإستراتيجي الشريف.

تُبرز الصحافة الروسية الأخبار السورية، بدون انقطاع، وبشكل يَكاد يكون يومياً، وبخاصة الفضائيات الرئيسية الإخبارية، وهي عديدة، وصحف الإنترنت والمراسلون الحربيون الروس في سورية والعراق ومنهم الشهير يفغيني بادّوبني (فضائية روسيا-1)- “الذي بشـّر المشاهدين الروس في تقريره الإخباري مساء الأحد 03سبتمبر الحالي ببدء تلاشي داعش”.

لكن هناك جزء هامشي من “المُراسلين” الذين يعملون في الكيان الغاصب لترويجه بدون أدنى خجل، وبذلك هم يَستفزون مشاعر العرب والجاليات الروسية في الأردن والدول العربية.. إلا أن هؤلاء “المرسلين” غير مؤثرين على مجريات العملية الإعلامية، وأقوالهم لا تصلح للتوثيق في يوميات العلاقات العربية الروسية التاريخية والمضيئة.

الحرب العادلة في سورية على الإرهاب الدولي، تعمل على تصحيح صورة الأوضاع في المنطقة العربية في أذهان الروس، وها هو الإعلام الروسي يَستمر بتسليط الأضواء على العمليات البطولية للقوات السورية والروسية والعناصر الحليفة لجيشي الدولتين، وقوات حزب الله اللبناني، كما يتحدث هذا الإعلام عن مهام تكنيس القرى والمدن السورية والعراقية من الإرهاب، ويَعرض لتقارير استخدام سورية للتقنيات الأرفع والأكثر تطوراً في تنفيذ مهامها العسكرية، من دفاعية وهجومية.

والمُثير للاهتمام والمُلاحظة في هذا السياق، أن وسائل الإعلام الروسية على اختلافها من مقروءة ومسموعة ومرئية، تُعيد نشر وبث بيانات وأخبار القيادة العسكرية الروسية بحذافيرها، ما يبعث على الاطمئنان بتوجّهات هذه القيادة، التي يَتبدّى بأنها وعلى رأسها الرئيس الحكيم ونافذ البصيرة فلاديمير بوتين، لا تتهاون في هذا المجال السيادي والمصيري للدولة الروسية، فتلتزم الصحافة بنشر حرفي لهذه البيانات والاخبار والتصريحات التي ترد من مختلف الهيئات الرسمية والعسكرية، لا سيّما وزارة الدفاع والغرفة العسكرية الروسية السورية العراقية المشتركة.

نُدرك تماماً أن الصهيونية لن تتخلى عن مهمتها الاستيطانية والاستعمارية والإحلالية المتحدة في طبيعتها وجوهرها مع الإمبرياليتين الأمريكية والبريطانية، ولن تَحيد عن مهمتها التاريخية في “الحراسة الأوسطية” التي استولدها لها وأسندها إليها الاستعمار الانجليزي، ومن ثم الأمريكي، والدعم المالي والعسكري الألماني لدويلة الصهيونية السياسية والحربية، ولا يُخالجنا أدنى شك، بأن الصهيونية لن تتوقف عن مؤامراتها لتمزيق البلدان العربية ونهب ثرواتها وتجييرها غربياً. لكن هذه التوسعية الصهيونية التي وُلدت في لندن بعد “باريس نابليون بونابرت”، وتعمّدت بدماء فقراء وعجائز يهود وقوميات شعوب ألمانيا وروسيا وبولندا المناهضين للصهيونية، تحاول تلميع صورتها القبيحة داخل روسيا وخارجها، وتستمر تسعى إلى تزوير المزيد من صفحات التاريخ، بخاصة الحالية، لمَنع العالم مِن التعرّف على جوهرها الاستعماري، وهنا بالذات تبرز أهمية جادّة وقصوى في وحدة المناضلين السياسيين والفكريين لإبراز الحقائق السياسية كما هي دون رتوش، وكشف ركائز التحالف الدولي للصهيونية التي تعتاش على دماء البشر وآلامهم، ومن ضمنهم جماهير اليهود الرافضين لتسييس اليهودية الدينية، والساعين الى وقف أدلجتها، ذلك أن أدلجة الحركة الصهيونية الدولية تدرجت منذ جمعيات “أحباء صهيون” في روسيا، ومع استيطان طلائع اليهود الصهاينة لأمريكا، وترسّخت في مؤتمر بازل بسويسرا في العام1897م ويعود للشرطة السرية الروسية الألوية في تعرية أهداف هذا المؤتمر وغيره من مخططات الصهيونية، التي سبقته أو تلك التي تلته.

*رئيس رَابِطَة القَلمِيّين العَرب حُلفَاء رُوسيِا.   

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.