القلمون: ماذا جرى في جرود فليطة؟.. خرق أمني يوقع «النصرة» في «كمين مزدوج»

free - syrian - army - kalamoun

صحيفة السفير اللبنانية:

رغم البرد القارس في مرتفعات القلمون وجرودها، إلا أن حرارة المواجهات العسكرية هناك مرشحة للارتفاع إلى درجات غير مسبوقة، لاسيما بعد الخرق النوعي الذي حدث مساء أمس الأول عبر نجاح الجيش السوري و«حزب الله» في استهداف اجتماع موسّع لعدد من قيادات الجماعات المسلحة، على رأسهم «أمير جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك التلّي.
وتضاربت الأنباء حول مصير التلّي بين نجاته أو إصابته، وصولاً إلى الحديث عن مقتله، حيث سارع حساب «مراسل القلمون» على «تويتر»، وهو بمثابة الفرع الرسمي لمؤسسة المنارة البيضاء الذراع الإعلامية لـ «جبهة النصرة»، إلى تكذيب خبر إصابة التلي من دون أن ينفي وجوده في المكان المستهدَف، بينما أكدت مصادر إعلامية مختلفة إصابة التلي، وبعضها تحدّث عن مقتله، من دون أن يتأكد ذلك.
وكان أحد المقار السرية في جرود فليطة يشهد في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، اجتماعاً موسّعاً لعدد من قادة الفصائل المسلحة عندما استهدفه قصف صاروخي ومدفعي أدّى إلى مقتل وجرح عدد من القيادات المشاركة فيه.
وكشفت مصادر أمنية أن المجموعات الإرهابية المتمركزة في منطقة القلمون تعرّضت في الساعات الثماني والأربعين الماضية إلى «كمين مزدوج»، ما أدى إلى سقوط 50 إصابة في صفوفهم بين قتيل وجريح.
ولفتت إلى أن الكمين، الذي شارك فيه الجيش السوري و«حزب الله» كان ضخماً جداً، وتركز في جرود فليطة ووادي عجرم في جرود عرسال، حيث أتتهم النيران من أكثر من مكان واتجاه، تداخل فيه الفعل الجوي الذي تولاه الطيران الحربي السوري بالفعل الميداني البعيد المدى، الذي تولاه الجيش السوري وكذلك «حزب الله» عبر قصف مدفعي عنيف ومركز على المنطقة واستخدام صواريخ حرارية.
وقد استهدفت تلك المجموعات خلال اجتماع ببعض «أمرائها» تحضيراً لعمل أمني يستهدف بعض القرى في المنطقة. ويشبه هذا الكمين إلى حد بعيد ما تعرّضت له قيادات تلك المجموعات عشية الهجوم على منطقة يبرود.
وتشير المعلومات إلى أن اكتشاف موعد انعقاد الاجتماع ومكانه يعود إلى جهد استخباري مشترك بين الجيش السوري و«حزب الله»، الذي يعتبر أهم خرق أمني يحدث على جبهة القلمون منذ اندلاع المعارك فيها، نظراً للسرية والتدابير الأمنية الخاصة التي يحيط التلي نفسه فيها، فضلاً عما يُشاع عنه من كونه يمثل عقلية أمنية ذات خبرة عالية.
ومن بين القيادات التي لقيت حتفها نتيجة القصف أبو طلال الحمد الذي يتولى قيادة «لواء فجر الإسلام» منذ اعتقال قائده عماد جمعة من قبل الجيش اللبناني في حزيران الماضي.
وأكد مصدر إعلامي مقرّب من «جبهة النصرة» مقتل الحمد، مشيراً إلى مقتل قيادي آخر معه من دون تسميته، لكن يُعتقد أنه قائد في «تجمع كتائب الصقور المحمدية»، فيما تحدثت وسائل إعلام سورية ولبنانية عن مقتل 20 مسلحاً، من بينهم سبع قيادات ذكرت منهم «أمير النصرة» في فليطة كرم أمون، وهو من عرسال، ومساعده صفوان عودة، وإصابة حوالي ثلاثين.
ويثير حضور أبو طلال للاجتماع المستهدَف الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً في ظل المعلومات التي تحدثت قبل يومين عن نجاح مساعيه في رأب الصدع بينه وبين تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» – «داعش» بعد صدور القرار بفصله في تشرين الأول الماضي، وأنه بالفعل جدد بيعته للتنظيم التكفيري منضماً إليه مرة أخرى.
وفيما يبدو أنه استغلال ساذج لملف الجنود اللبنانيين المخطوفين، وجّه «مراسل القلمون»، في تغريداته التي أعقبت استهداف الاجتماع، الاتهام إلى الجيش اللبناني باستهداف «العساكر المحتَجَزين»، ومن ثم قيام الجيش بفبركة خبر إصابة التلي للتغطية على جريمته. ونفى الجيش اللبناني أن يكون قد قصف أو استهدف أي مواقع في جرود عرسال.
وهي المرة الثانية التي يحاول فيها إعلام «النصرة» الهروب من نتائج القصف الذي يطال مقاره ومواقعه من خلال التمترس وراء الجنود المختَطَفين، مدعياً أن القصف يستهدف التخلص منهم، حيث سبق له أن ادعى في 23 أيلول الماضي أن طائرات التحالف الدولي استهدفت مقر احتجاز الجنود، وأن أحد الصواريخ سقط بالقرب منه.
ويشير هذا الاستغلال المتكرر إلى أن «النصرة» تسعى إلى تحويل الجنود اللبنانيين المختَطَفين لديها إلى «قبة حديدية» لضمان عدم استهداف معاقلها في القلمون إطلاقاً. ومع ذلك يكمن في ثنايا هذا الخطاب تهديد مبطن بأنه في حال تجاوز الاستهداف خطوطاً معينة فإن الردّ سيكون من خلال الجنود المخطوفين، وبالتالي تحميل الجيش السوري أو «حزب الله» المسؤولية عن مصيرهم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.