القوات الأمريكية في طريقها للإزدياد في أفغانستان..ما هي الغايات والأبعاد؟

فرش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين طريق الموت أمام الشعب الأفغانستاني عندما قرر زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان، في إطار إستراتيجية جديدة للمنطقة لن تجني نتائجها سوى مزيد من الحرب وإستمرار حالة الفلتان الأمني.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطاب ألقاه من قاعدة فورت ماير قرب واشنطن، إن استراتيجيته الجديدة تجاه أفغانستان تهدف إلى الحيلولة دون تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للمتشددين الإسلاميين المصممين على مهاجمة الولايات المتحدة، حسب تعبيره.

تعتبر هذه الخطوة غير متوقعة من الرئيس الأمريكي الذي أكد مرارا وتكرارا أثناء حملته الانتخابية علي نيته الانسحاب من الحرب في أفغانستان بهدف تقليص الأموال الأمريكية المهدرة في هذه الحرب طويلة الأمد، إلا أنه برر هذه الخطوة بأن مستشاريه للأمن القومي أقنعوه بتعزيز قدرة الولايات المتحدة على منع حركة طالبان من الإطاحة بالحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة في كابل.

وأكد ترامب أن القوات الأمريكية ستقاتل لتنتصر، إلا أنه لم يحدد جدولا زمنيا لوجود القوات الأمريكية في أفغانستان، كما لم يحدد ترامب عدد الجنود الذين سيتم إرسالهم.

العدد الحقيقي للقوات الأمريكية في أفغانستان

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال، أن بعض المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية أعلنوا أن البنتاغون لديه الأن ما يقارب 12000 عسكري أمريكي في أفغانستان، وهذا العدد هو أكثر بـ3500 عن العدد الذي أعلنت عنه الوزارة.

وقد أعلن البنتاغون في وقت سابق أن 8500 جندي أمريكي يتواجدون في أفغانستان، لكن وفقا لتقرير وول ستريت الأخير فيوجد أيضا 3500 عسكري اخر يقومون بمهام مختلفة داخل أفغانستان.

في الحقيقة إن البنتاغون أعلن فقط عن عدد القوات المستقرة لأمد طويل في أفغانستان، في حين لم يعطي أي معلومة حول الجنود الذين ينفذون مهام اخرى تختلف عن مهام تلك الوجبة من الجنود.

وانتشرت هذه المعلومات بعد يوم واحد فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اليوم الماضي عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه أفغانستان.

وأوضح الرئيس الأمريكي في كلمته، أن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها من أفغانستان، لأن الانسحاب سيؤدي إلى فراغ يستفيد منه الإرهابيون ويساعد على توفير أرضية ملائمة لهم.

رغم أن ترامب لم يشكف عن عدد القوات التي سينشرها في أفغانستان، إلّا أن البنتاغون أعلن أنهم سيكونون حوالي 4000 جندي أمريكي.

وطبقا لوول ستريت، مع احتساب هؤلاء الـ4000 جندي الجدد، سيصل عدد الجنود الامريكيين المتواجدين في افغانستان الى ما يقارب الـ16000 جندي.

ردود افعال من داخل افغانستان

في اولى ردود الافعال الحادة التي تلت اعلان الرئيس الامريكي ترامب عن استراتيجيته الجديدة تجاه افغانستان، اعلن رئيس افغانستان السابق حامد كرزاي عن مخالفته الشديدة لهذه الاستراتيجية كونها تُصر على استمرار الحرب في افغانستان وادان هذه الاستراتيجية. وقال كرزاي في صفحته على الفيسبوك ان على امريكا اللجوء الى المفاوضات والحل السلمي لإنهاء الحرب في افغانستان والمنطقة لأن مطالب الشعب الافغانستاني تتمثل في احلال السلم والاستقرار في البلد والمنطقة، لا توسيع الحرب والدمار.

في حين اعلن مستشار الريئس التنفيذي ورئيس النهضة الاسلامية في افغانستان، مولوي محمد مختار مفلح، عن موقف الرئاسة التنفيذية في افغانستان وقال ان استراتيجية ترامب الجديدة وتحديدا ما يتعلق بزيادة القوات الامريكية في افغانستان، لن تجدي نفعا ولن تُقدّم اي حل لأمة افغانستان بل ستزيدها سوءا.

واعرب مولوي مفلح عن رفض الشعب الافغانستاني لهذه الاستراتيجة لأن المعتقدات الدينية للأفغانستانيين تختلف كثيرا عن الامريكيين, وقد اظهرت تجربة تواجد الجنود الامريكيين في افغانستان طيلة السنين الماضية انها فاشلة وتُزيد الاوضاع سوءا لذلك سيكون حراما على البسطال الامريكي القذر ان يطأ قدمه على ارضنا التي سقطت فيها دماء الشهداء. واشار في كلامه الى تصريح ترامب حينما قال اننا نرغب بالاستيلاء على معادن افغانستان واستنتج ان التواجد العسكري الامريكي لا ينسجم مع اهداف الشعب الافغانستاني ويكمن هدفهم في السيطرة على افغانستان اكثر لكن في الوقت ذاته اوضح ان دول المنطقة المناوئة لامريكا لن تبقى ساكتة حيال هذا الموضوع.

واردف قائلا ان التواجد العسكري الامريكي لن يكون لمحاربة طالبان لأن هنالك وثائق تدل على دعمهم لهذه الحركة الارهابية اضافة الى دعم المجاميع المعارضة للحكومة فكيف ستقضي عليهم وهي تدعمهم. وأكد ان احد اهم اهداف التواجد الامريكي هو جر الحرب الى شمال افغانستان وزعزعة امنها للتمكن من هناك بتطهير معارضيها لكي يكون الطريق سالكا امامها تجاه دول اسيا الوسطى.

وفي ردة فعل أخرى، قال زويبر شفيقي، مدير صحيفة “ويسا” والخبير البارز في الشأن الافغانستاني السياسي، في حديث له مع راديو بشتو: “الاستراتيجية الامريكية الجديدة قائمة على استمرار الحرب وقتل الابرياء ولا تتضمن احلال الامن في افغانستان”، وهذه الاستراتجية تأتي ضمن خطة التواجد الامريكي الطويل الأمد في المنطقة. وقال ان على دول المنطقة اجبار امريكا لإنهاء شرها ومؤامرتها ضد الشعوب ويجب عليهم ان يعينوا مصيرهم بأنفسهم. لأن استمرار التواجد الامريكي يعني استمرار تواجد الارهاب.

يبدو ان الوضع العام في الشرق الاوسط وتحديدا في افغانستان لا يُبشّر بخير في ظل المساعي العديدة للولايات المتحدة بإقحام أنفها في شؤون اغلب دول المنطقة سياسا وعسكريا واجتماعيا وتعاون بعض الدول معها لتحقيق اهدافها ويستوجب ذلك وقوف جاد بوجه هذه التدخلات والمؤامرات التي ستكتوي بها شعوب المنطقة في حال عدم تصديهم للمخططات الغربية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.