القوقاز ووحدة الشعوب الشقيقة

alaa-sagheh-caucasus

موقع إنباء الإخباري ـ
علاء ساغه*:
منطقة القوقاز واحدة من أجمل المناطق في العالم، إن لم يكن أكثرها فيضاناً بالجَمال والروعة والجذب، حتى لتخالها قطعة من الجَنّة. والقوقاز كذلك لوحة فنية تشكيلية تضاهي جماليتها جَمالية كل اللوحات الاخرى، ويتمتع أبناؤها بأصالة نافذة ويملكون ذخيرة كبيرة وحيّة من تراث ضارب جذوره في التاريخ.
يُحدّثنا التاريخ، أن القوقاز لَعب وما يزال يَلعب دوراً جيوبوليتيكياً هو الأخطر والأدق في منطقة شاسعة في أسيا، وقد مارس وما يزال يُمارس تأثيرات سياسية على أوروبا وجنوب القارتين القديمتين. لذلك بالذات، تلاحقت سَنابك خيل جيوش القوى الاستعمارية في تدنِيسها تلك البقعة الأثيرية، بهدف فرض سيطرتها الأبدية عليها. لكن القوميات والإثنيات وشعوب القوقاز نجحت في تكنيس تلك القوى من مناطقها بوحدتها في الشمال الجغر افي على وجه الخصوص. وقد شمل هذا التكنيس كذلك وعلى مَدار عقود كثيرة، عدداً من المجتمعات المدنية في بعض مناطق القوقاز الجنوبي، حيث تحيا شعوب شقيقة مُتناغمة في سياساتها وتطلعاتها، ومُنسجمة في استراتيجياتها التي تنبع من تراكمات ثقافية وحضرنية كانت أنتجتها بوحدتها المتواصلة الى اليوم.
شعوب القوقاز الشمالي والجنوبي الذي يَشمل قوميات شقيقة، يُفاخر اليوم بما أنجزه من وحدة تاريخية، صَدّت عواصف هوجاء كادت تعصف به جرّاء أنهيار الاتحاد السوفييتي، ما ولّد موجات مؤسفة من العنف وتطلعات لتحويل تلك المنطقة الى بؤرة توتر “مُستدامة” تَحرق الجميع وتُهلكهم، إذ كان المخطط الأجنبي الدولي يتطلع الى “تطبيع الارهاب” والتعايش مع العنف في القوقاز، فتهجير شعوبه برمتها وإحلال الأجنبي الدخيل مكانها.
لكن الاستقرار الذي تمكنت روسيا بوتين العظيم من إرسائه في القوقاز قد فوّت الفرص على كل مَن رغب بالتسلل إلى القوقاز لتدميره، وأوقف كل مّن سوّلت له نفسه النيل من القوقازيين والروس. ومن تلك القوى الإهلاكية للقوقاز وروسيا ما يُسمّى بِ مؤسسات بحثية و معاهد دراسات مزعومة، سنّت رِماحِها للنيل من القوقازيين والشراكسة وأشقائهم، وبضمنهم الشعب الروسي – الأخ والرفيق الأكبر لكل تلك الشعوب التي كادت رياح التغيير الاجنبي تعصف بها، بأعاصير لم يَسبق توليدها بهذه الدّقة في التاريخ ضد أممٍ صغيرة ومسالمة ما انفكت تتطلع إلى سلام عالمي مكين وازدهار عَميم للجميع.
في المخططات المَكتومة التي فضحتها وسائل إعلام عالمية، أن القوقاز في شقّيه الشمالي والجنوبي، كاد يكون موقعاً مولِّداً للأبد لمختلف الحَركات والمنظمات الارهابية، التي إرتأى أربابها القُصر أن تَغدو المنطقة مَصدراً دهرياً لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي تشمل روسيا الشاسعة، وتتمدّد على شقيِّها الآسيوي والاوروبي، وتشمل أراضيها الواسعة جانبي جبال الاورال، لتبسط إرهابها على إقليم “الشرق الاوسط” – الذي هو برأي المُخطّطين السريين – “يجب!” أن يبدأ من الأراضي الغربية للصين(!)، وينتهي بشمال أفريقيا، ليربط مختلف الدول التي تقع على جانبي هذه المنطقة الكبيرة بحَراكات عُنفية، تعمل على تغيير البُنية السكانية لشعوب تلك المناطق، ثقافاتهم وتقاليدهم، وتركيباتهم الذهبية والعقلية، “بروافع!” لتثبيت وتعزيز أليات تعمل على تقهقر حضاراتهم وتوجّهاتهم، “فيتحقّق” والحالة هذه تغذية بُنى الارهاب الدولي بضغوطات تُسرّع بِناء وانتشار وتوسّع الفَقر والفاقة لتلك الشعوب.
لقد تمكنت روسيا من تجفيف الاموال التي كان يجب ان تُغدق على جحافل المتطرفين، المتطلعين لتأكيد قواعد جديدة ونمط حياة يومي عنفي ومستقبل فوضوي “بامتياز!” للمنطقة التي تقوم على محيطات من النفط والغاز والمعادن، ومختلف الثروات التي تكفي استهلاك الدول الصناعية المتربولية، وتضمن تشغيل لا توقف فيه لمصانعها، فاستقرار مستقبلها ورخاء شعوبها لمئات السنين المُقبلة، وهو “بالضرورة!” مُقامٌ على جُثث الفقراء وأجساد المَقموعين في الأرض!
شعوب القوقاز لن تقبل بتغيير بُنيتها الديمغرافية بأخرى طارئة ودخيلة، ولن ترضى النظر بتبديل طبائعها وتحالفاتها وتوحّدها ضمن أسرة العائلة الروسية، التي ضَمنت لها عبر التاريخ حماية كياناتها وكينونتها، والاستقرار ونفض غبار القوى العالمية عن عباءاتها الانسانية المتميزة، وأوقفت متاجرة القوى الاجنبية بأرواح شعوبها ومستقبلها الزاهر، الذي سيستمر بوحدتها القومية والسوسيولوجية والسيكولوجية مع الشعوب الاخرى ضمن روسيا الفيديرالية الكبرى، المُضحِّية بأرواح أبنائها البَررة لدحر المخطط الارهابي الدولي الابشع في تاريخ البشرية، ليس على أراضيها على وجه الحصر، بل وفي سوريا والعالم برياحه المختلفة.

*كاتب مُتخصّص بشؤون القوقاز وعضو ناشط في رَاَبِطَة الَقَلَمِيِّين الاَلِكْتْروُنِيّةِ مُحِبِّيِ بُوُتِيِن وَرُوسيِّهَ فِيِ الأُردُن وًالعَالَم العَرَبِيِ ومسؤول (ديوان المتابعات القوقازية) في الرابطة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.