المستقلون الشيعة، نعم ولكن..!

faysalashmar11

موقع إنباء الإخباري ـ
فيصل الأشمر:
الادعاء الذي يلجأ إليه بعض السياسيين والكتّاب الشيعة حول احتكار الثنائي حزب الله ـ حركة أمل للجمهور الشيعي ما هو إلا ادعاء إعلامي يتعمد هؤلاء الإشارة إليه لعدة أمور، منها إظهار عجز تياراتهم السياسية عن الدخول إلى بيت الجمهور الشيعي وإثبات حضورها داخله.
في الواقع، لا احتكار للجمهور الشيعي من قبل أية جهة كانت، ولا أحد يجبر شيعياً على أن يناصر جهة أو أخرى من الجهات الحزبية الشيعية، وللعلم فإن جمهور حزب الله بمعظمه من مقلدي آية الله العظمى الخامنئي، فيما جمهور حركة أمل بمعظمه من مقلدي آية الله العظمى السيستاني.
وادعاء لجوء جهة ما إلى تهديد هنا أو إغراء مالي هناك لـ”تطويع” شيعي أو لضمه إليها ادعاء غير حقيقي، وادعاء أن جهة ما “ترش” المال “رشاً” على الشيعة لجلبهم إليها ادعاء مضحك، فما أنفقه أحمد الأسعد في الانتخابات الماضية كان مبالغ مرقومة ومصدره المالي كشفه بنفسه في “ويكليكس” ومع ذلك لم يوفّق في جلب موالين كثراً إليه.
قد تهدد شخصاً أو مائة، وقد تغري بالمال شخصاً أو مائة، لكن هل تستطيع تهديد أو إغراء نصف أو معظم الجمهور الشيعي ليكون معك؟ ها انت بادعائك هذا تهين من تريد أن يكون نصيراً لك: تتهمه بالضعف أمام التهديد أو المال، فكيف سيكون هذا المتَّهَم موالياً لك بعد ذلك؟
لا شك في أن هناك مستقلين شيعة ليسوا موالين لحزب الله أو حركة أمل، ربما لأن مبادئ أو مواقف هاتين الجهتين لا تنسجم مع مبادئهم ومواقفهم، أو لأن لهم ملاحظات على هاتين الجهتين. ولا شك أن كثيرين من هؤلاء لا يستطيع أحد أن يشك بشيعيتهم أو وطنيتهم أو التزامهم خيار مقاومة العدو الإسرائيلي. فالمقاومة فعل والتزام فطريّ لدى الإنسان ولا يحتاج من التزم المقاومة نهجاً إلى شهادة من أحد، ولا يمكن لومه إن اختار درباً من دروب المقاومة يختلف عن الدروب الأخرى.
كما لا شك أيضاً في طروء بعض الذين أسموا أنفسهم بالمستقلين الشيعة، المجتمعين من أطياف سياسية وإقطاعيات دينية وخلفيات شتى، يجمعهم همّ واحد واضح في كتاباتهم وتصاريحهم هو هم مهاجمة الثنائي الشيعي ذي الجمهور الواسع، حزب الله ـ حركة أمل، ليس لأن لهؤلاء منهجاً في المقاومة يختلف عن منهج هذا الثنائي، ولا لأن لهؤلاء رؤىً سياسية واقتصادية لنهضة الشيعة تختلف عن رؤى هذا الثنائي، وإنما لغاية واحدة تضم في باطنها أهدافاً أخرى. والسياسات التي كشفها سفير الفتنة في عوكر جفري فيلتمان في أيام انتدابه على لبنان وعمله الدؤوب لتوسيع إطار “المستقلين الشيعة” و”قادة الرأي” فيهم ما زالت معمولاً بها، والغاية: ضرب الثنائية الشيعية التي أثبتت فعاليتها في مقاومة العدو أولاً وفي الحفاظ على تماسك الجمهور الشيعي ثانياً.
لماذا ضرب هذه الثنائية؟ لهدف أو لأكثر من الأهداف التالية (التي تتنوع بتنوع الأطياف السياسية داخل هذه الفئة من المستقلين الشيعة): إرضاء جهات داخلية وخارجية تعمل على إضعاف وضرب نهج المقاومة، إرضاء أهداف ذاتية شخصية كالتمويل الذي يحصل عليه بعض أصحاب المواقع الإخبارية الموجهة أو الذي يحصل عليه بعض الكتّاب، أو المساعدة في التعيين في بعض المناصب، أو الاستفادة من هذه الحملات في أمور سياسية كالانتخابات النيابية.
وبعد، ربما صار من اللازم حين الحديث عن “المستقلين الشيعة” أن يجري توضيح الاستقلال بصورة أفضل، لأن الفرق واضح بين “المستقلين الشيعة” و”المستقلين عن الشيعة”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.