المشكلة مع مرسي بدأت منذ تنصيبه… وكنا حريصين على نجاحه…. السيسي لـ«واشنطن بوست»: أميركا تدير ظهرها للمصريين

السيسي

صحيفة السفير اللبنانية:

في أول حوار صحافي منذ إطاحة الرئيس محمد مرسي، في تموز الماضي، وجه القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبد الفتاح السيسي انتقادات حادة لموقف الولايات المتحدة من الأحداث في مصر، متهماً إدارة الرئيس باراك أوباما بتجاهل إرادة الشعب المصري، والإحجام عن تقديم الدعم الكافي لمصر في ظل التهديدات التي يطلقها البعض بخوض حرب اهلية.
وتوجّه السيسي، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، إلى الإدارة الأميركية بالقول: «لقد تركتم المصريين ورفضتم مساعدتهم، وهم لن ينسوا لكم ذلك، فهل تريدون الآن مواصلة ذلك؟».
وبالرغم من ان السيسي يدلي بخطابات في بعض الأحيان، إلا أنه نادراً ما يجلس لإجراء حوارات، ولكنه قدّم شرحاً تفصيلياً لـ«واشنطن بوست» لنحو ساعتين، متحدثاً عن سبب قرار عزل مرسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن السيسي تحدّث في اليوم ذاته الذي أدلى فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالتصريحات الأكثر تأييدا للعهد الجديد في مصر من قبل الإدارة الأميركية، حيث اعتبر كيري أن الجيش المصري كان يستعيد الديموقراطية، وأن ملايين المصريين طلبت منه التدخل.
وقال السيسي إن «المأزق بين الرئيس السابق والشعب نشأ من مفهوم جماعة الإخوان المسلمين للدولة، والايديولوجيا التي اعتمدوها لبناء البلاد، والتى تقوم على استعادة الخلافة الإسلامية، وهذا ما جعل محمد مرسي ليس رئيساً لكل المصريين، بل رئيسا لأهله وعشيرته.
وفي الآتي مقتطفات نشرتها «واشنطن بوست» للمقابلة مع السيسي:
السيسي: المعضلة بين الرئيس السابق مرسي والشعب تنبع من مفهوم «الإخوان المسلمين» للدولة، والأيديولوجيا التي تبنوها لبناء دولة تعتمد على استعادة الإمبراطورية الإسلامية الدينية، وهو ما لم يجعل محمد مرسي رئيسا لكل المصريين، بل رئيسا يمثل أتباعه ومؤيديه.

واشنطن بوست: متى اتضح لك ذلك؟

السيسي: لقد كان ذلك واضحا منذ اليوم الأول ــ يوم تنصيبه ــ حيث بدأ بإهانة القضاء، ولم يوليهم المعاملة الملائمة. لقد كانت خبرة «الإخوان» في إدارة بلد متواضعة للغاية، إن لم تكن غائبة. الجيش تعامل مع الرئيس بالاحترام الواجب المستحق لرئيس تم اختياره من المصريين.

واشنطن بوست: هل أعطيت الرئيس نصيحة بشأن إثيوبيا وسيناء على سبيل المثال وتجاهلك؟

السيسي: لقد كنا حريصين على نجاحه، لو كنا نريد مناهضته، وعدم السماح له بحكم مصر، لكنا فعلنا شيئاً في الانتخابات، والتي جرت العادة أن يتم تزويرها في الماضي، ولسوء الحظ اختار الرئيس السابق الدخول في حروب مع كل مؤسسات الدولة تقريباً. وعندما يدخل رئيس في نزاع مع كل هذه المؤسسات، تتضاءل جداً فرصة نجاحه. وعلى الجانب الآخر، حاول الرئيس استدعاء مؤيديه من الجماعات الدينية.

واشنطن بوست: من أين؟

السيسي: «الإخوان المسلمون» لديهم تواجد دولي في أكثر من 60 دولة في العالم، والفكرة التي تربطهم ليست نابعة من الوطنية، أو الإحساس بالوطن، إنها أيديولوجية ترتبط تماما بمفهوم «التنظيم».

واشنطن بوست: الولايات المتحدة قلقة جدا بشأن اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة.

السيسي: نحن نتساءل حقا: أين دور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكل القوى الدولية الأخرى المهتمة بأمن وسلامة ورفاهية مصر؟ هل قيم الحرية والديموقراطية تتم ممارستها حصريا في بلادكم، من دون أن يكون للبلاد الأخرى الحق ذاته في ممارسة القيم ذاتها، والاستمتاع بالبيئة ذاتها؟ هل شاهدتم عشرات الملايين من المصريين المطالبين بالتغيير في التحرير؟ ما هو رد فعلكم تجاه ذلك؟ لقد تركتم المصريين، وأدرتم لهم ظهوركم، وهم لن ينسوا ذلك. والآن هل تريدون الاستمرار في إدارة ظهوركم للمصريين؟ المصالح الأميركية والإرادة الشعبية للمصريين يجب ألا تتضارب. لقد طلبنا دائما من المسؤولين الأميركيين أن يسدوا نصحاً للرئيس السابق للتغلب على مشاكله.

واشنطن بوست: وماذا فعلت الولايات المتحدة؟

السيسي: النتيجة واضحة للغاية. أين هو الدعم الاقتصادي لمصر من الولايات المتحدة؟ وحتى خلال العام الذي تقلد فيه الرئيس السابق المسؤولية، أين كان الدعم الأميركي لمساعدة مصر على استعادة اقتصادها، والتغلب على احتياجاتها؟

واشنطن بوست: هل ستترشح للرئاسة؟

السيسي: أريد القول إن أهم إنجاز في حياتي هو تجاوز هذه الظروف، وضمان أن نعيش بشكل سلمي، وأن نمضي قدماً في خريطة الطريق، ونتمكن من إدارة الانتخابات المقبلة من دون سفك قطرة دم مصرية واحدة.

واشنطن بوست: ولكن هل ستترشح في الانتخابات؟

السيسي: ربما لا يمكنك أن تصدق أن ثمة أشخاصا لا يطمحون للسلطة.

واشنطن بوست: هل أنت شخص كهذا؟

السيسي: نعم، آمال الشعب هي هدفي، وعندما يحبك الشعب، فإنّ ذلك هو الأكثر أهمية بالنسبة لي. آلام ومعاناة الشعب، متعددة جدا، كثير من الناس لا يعرفون هذه المعاناة، أنا الأكثر إدراكاً بحجم المشاكل في مصر، وهو السبب الذي يدفعني إلى التساؤل: «أين دعمكم؟».

واشنطن بوست: هل شعرت بإمكانية حدوث حرب أهلية إذا لم يتدخل الجيش؟

السيسي: توقعت أننا في حال عدم تدخلنا، سيتحول الأمر إلى حرب أهلية، وقبل أربعة أشهر من مغادرة مرسي الرئاسة، أخبرته بهذا الأمر. ما أريدكم أن تعرفوه وأريد للقارئ الأميركي أن يعرفه، هو أن هناك شعباً حراً قد ثار ضد نظام سياسي غير عادل، وهذا الشعب الحر يحتاج إلى دعمكم.

واشنطن بوست: ألم يحذر الأميركيون الحكومة الموقتة من حدوث المزيد من الصراعات الأهلية أو سفك الدماء؟

السيسي: الولايات المتحدة تمتلك الكثير من النفوذ والتأثير على «الإخوان المسلمين»، وأود حقيقة أن تستغل الإدارة الأميركية نفوذها عليهم لحل الصراع. من سيخلي تلك الميادين ويفض تلك الاعتصامات ليس الجيش. هناك شرطة مدنية، وهي مكلفة بأداء تلك المهمة. في 26 تموز خرج أكثر من 30 مليون إلى الشوارع لدعمي، وهم ينتظرون مني أن أفعل شيئاً.

واشنطن بوست: كيف يمكن طمأنة الولايات المتحدة من أنك لا تريد أن يحكم الجيش مصر، وأن الجيش يريد العودة إلى ثكناته؟

السيسي: سجلي كلماتي وخذيها على محمل الجد الشديد، الجيش المصري يختلف عن سائر جيوش العالم.

واشنطن بوست: هل ترغب حقاً في حكم مدني في مصر؟

السيسي: نعم… بالتأكيد.

واشنطن بوست: هل ستقبل مصر بمراقبين دوليين في الانتخابات المقبلة؟

السيسي: نحن جاهزون لاستقبال مراقبين دوليين للانتخابات من أي مكان في العالم. المصريون ينظرون إليكم أيها الأميركيون، لا تخيبوا آمالهم، لا تديروا لهم ظهوركم.

واشنطن بوست: هل انزعجت من تعليق صفقة طائرات «اف 16»؟

السيسي: نعم، ليست تلك طريقة للتعامل مع جيش وطني.

هل اتصل بك الرئيس (باراك) أوباما بعد الثالث من تموز؟

كلا.

هل اتصل بك وزير الخارجية جون كيري أو وزير الدفاع تشاك هايغل؟

هايغل. غالباً بشكل يومي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.