المهندسة سهام الشبل …أم الجنود تعلن الرحيل

syria-siham-shebel

موقع العهد الإخباري ـ
علي حسن:
استراحت المهندسة سهام الشبل أخيرا، فأغمضت عينيها للمرة الأخيرة على لهفة شوق لقاء أبنائها من الجنود السوريين الذين سقتهم من العاطفة والحنان فكانت أمومة بلا رحم وقرابة من غير دماء، ألقت أم الجنود عصا ترحالها على الخطوط الأمامية للقتال على مقربة من بلدة عطيرة المتاخمة للحدود التركية المفتوحة على مصراعيها للساعين إلى الجنة على جثامين الأبرياء.

آذن مغرب رحيلها فأفطرت على الشهادة متأخرة للمرة الأولى عن الموعد الذي دأبت فيه على مشاركة الجنود المرابطين على الجبهات إفطارهم الرمضاني منذ خمس سنوات شكَّلت عمر الأزمة السورية…

آخر عهدهم بها جثمان مثخن بجانب عدد من الجنود الجرحى الذين كانوا رفاق دربها في سيارة الطعام التي كانت تستقلها لنقل الوجبات الساخنة للجنود، حسم صاروخ تاو أطلقته جبهة النصرة المشهد، فأصاب السيارة بمقتل والجنود المرابطين على موعد انتظارها باليتم.

سيرة سهام شبل حضرت بعد استشهادها، وقبل أن يستوعب المحزونون على فراقها الصدمة، انطلقت المراثي تنشر من عطر الراحلة الكريمة ما جهدت هي لستره، فكل ما كانت تقوم به كما ذكرت في أكثر من مناسبة حبا في الله وحبا بالوطن الجريح الذي طالما تمنته بيتا جامعا لكل أبنائه.

“ريم” إحدى أعضاء الفريق التطوعي قالت لـ “موقع العهد” الإخباري: إن جبهات القتال تعرف جيداً من هي “أم خليل” والجنود السوريون ينادونها “ماما سهام” فهي رفيقة الانتصارات وشريكة المقاتلين الأشداء في الأماكن البعيدة وتكاد الجغرافيا السورية تشهد حضورها الدائم والمتكرر، هي متزوجة ولديها ولدان ولكنها تأبى إلا أن تشارك الجندي السوري كل شيء حتى الدماء فكانت نعم الأم والأخت والصديقة والشهيدة.

فيما عبر الجندي “محمد” عن حزنه الشديد لفقدان “الأم سهام”، فلقد زارته مرات عديدة في ريف اللاذقية خلال المعارك الدائرة مع المسلحين وقال إنها كانت تتحدى القذائف الصاروخية والقنص كي توصل الطعام وتجالس الجنود حتى أثناء الاشتباكات، وذكر إنها في إحدى المعارك على “القمة “45 الواقعة على مقربة من بلدة كسب في ريف اللاذقية لم تستطع ملاقاة الجنود بسبب كثافة النيران ولكنها أصرت على الوصول إلى نقاط الاشتباك وقامت بالصعود إلى عربة ال “بي أم بي” لتتمكن من إيصال الطعام وملاقاتهم حيث تجمعها بهم علاقة قوية جعلتها تعرف بـ “أم الجنود”.

وغصت  مواقع التواصل الاجتماعي أمس بصور “أم خليل”، وعبر عدد كبير من الجنود في كثير من المواقع عن حزنهم الشديد على فقدانها معتبرين أن الكلمات تعجز عن وصفها، فهي الأم والأخت والصديقة المعطاءة التي وهبت نفسها في أشد الظروف، وقال بعضهم إن الساحات والجبهات تشهد بعملها فأينما حلت تزرع الحب والفرح والعطاء من ريف اللاذقية إلى حلب وحمص وادلب وحماة والحسكة ودرعا ودير الزور وخناصر واثريا وسيبقى طيفها مصدراً للحنان والعطاء.

رحلت أم خليل قبل أن تصل آخر وجبة أعدتها لأبنائها الجنود لكن رمزية عطائها تجاوزت هذا التفصيل على أهميته.. كثيرون أصيبوا بعدوى الفضيلة حين عرفوا سيرتها ومن رحم هذه السيرة ستخرج نساء كثيرات ليكملن  مشوارها .

يشار إلى أن جنود الجيش السوري أطلقوا لقب “أم الجنود” على أم خليل منذ عدة سنوات حيث كانت تذكرهم بأمهاتهم  وهي من أسس المطبخ المتنقل ومسؤولة فريق “لنحياً معاً” التطوعي والذي يضم أمهات شهداء ومفقودين.

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.