النفخ الصهيوني في بوق الكراهية

israeli-star

صحيفة الخليج الإماراتية ـ
مأمون كيوان:

حسب أرقام “إسرائيلية” رسمية أفضت ما تسمى “الكارثة” بالعبرية “شؤآة”، كلمة بديلة لكلمة “هولوكوست”، إلى مقتل “6 ملايين يهودي”، ويمثل هذا العدد من القتلى ثلثي يهود أوروبا، وثلث يهود العالم . ويوجد على قيد الحياة في الكيان الصهيوني حالياً نحو 280 ألفاً من الناجين من المحرقة، ونحو مئة ألف منهم يعيشون تحت خط الفقر، ومن بينهم نحو 46 ألفا مرضى اجتماعيون وفقاً لأرقام إحصائية “إسرائيلية” . ولمساعدتهم خُصص “صندوق دعم الناجين من المحرقة” نحو 96 في المئة من ميزانيته، البالغة 170 مليون شيكل، تأتي من لجان الادعاء اليهودية في ألمانيا، و”تتكرم” حكومة “إسرائيل” بدفع 7 ملايين شيكل، أي ما نسبته 4 في المئة فقط .

ويعني هذا أن الناجين من المحرقة يتعرضون لإهمال فاضح في دولة تزعم أنها الملاذ الآمن ليهود العالم لتجنبهم “هولوكوست” جديداً . بل وتقيم سنوياً مراسم إحياء ذكرى “المحرقة” . فقد أقيمت في الكيان الصهيوني في 7 إبريل/ نيسان الجاري المراسم التقليدية بحضور رئيس الكيان شمعون بيريز ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري . وعلى غرار أسلافه أكد نتنياهو التزامه “ضمان رفاهية الناجين من المحرقة” . ووصفهم بأنهم “رمز النهضة الوطنية” . وقال: “تحوّل حماة غيتو (وارسو) من ضحايا عاجزين لا حيلة لهم إلى مقاتلين شجعان تمكنوا من مقاومة الجيش الألماني على مدى شهر تقريباً . مجسدين بذلك حقيقة روح المكابيين . وبعد تلك الفترة بخمس سنوات تمكن جنود جيش الدفاع (وكان منهم الكثير من الناجين من المحرقة) مستمدين هذه الروح من هزيمة الجيوش العربية التي جاءت للقضاء على دولة “إسرائيل” الفتية بما في ذلك البقية الباقية من المحرقة” .

وبالتالي فإن النهضة اليهودية مرتبطة بصميمها باستعداد وقدرة اليهود على الكفاح بكل ما أوتوا به من قوة ضد أولئك الساعين إلى إبادتهم . إن الاستعداد والقدرة على الدفاع عن أنفسنا هي التي أتاحت تحقيق المشروع الصهيوني وهي التي تضمن استمرارية وجودنا ومستقبلنا” .

وتفاخر نتنياهو بما أسماه “النصر الصهيوني” المتمثل في أنه يقيم في “إسرائيل” الآن، ولأول مرة منذ قيامها، أكثر من ستة ملايين يهودي . وقال: “لقد صعدنا من جحيم المحرقة إلى قمة صهيون، من الحضيض إلى القمة . هذا هو انتصارنا وهذا ما يعزّينا ويدعونا إالى الفخر والاعتزاز . إننا نفتخر بدولة “إسرائيل” بصفتها منارةً من التنوير والتقدم والحرية وسط الظلام السائد في مناطق واسعة تحيط بنا . ولا ينبغي إلا النظر إلى ما يدور حولنا حيث نشاهد شعوباً تكافح من أجل الحق في الحياة وحقوق الإنسان الأساسية . وتكفي هذه النظرة وحدها لإدراك عظمة الإنجاز الذي حققته دولة “إسرائيل” . وإننا نعتدّ بالإبداعات العظيمة التي أنجزناها على مدى سنوات استقلالنا ال65 . ونتباهى بالنور الكبير المنبعث من صهيون ليستضيء به شعب “إسرائيل” والأغيار (غير اليهود) على حد سواء، وهو النور الموحي بالتقدم والازدهار” .

وعلى النقيض من مزاعم نتنياهو تتوافر مؤشرات تفيد أن “إسرائيل” في واقع الأمر هي الدولة – المعسكر أو دولة الجيش التي تحولت من الدولة-الملجأ إلى “مسادا” جديدة . ومن تلك المؤشرات الرقمية، على سبيل المثال إشارة تقارير “إسرائيلية” إلى أن عدد القتلى من الجنود “الإسرائيليين” الذين سقطوا في الحروب والعمليات منذ قيام “إسرائيل” وصل إلى 23085 قتيلاً . وأنه خلال العام الماضي ارتفع هذا العدد ب،92 حيث سقط 37 جندياً، و12 من قوات الأمن (الشرطة)، و43 من الجنود المعاقين الذين توفوا . كما ارتفع عدد الجنود “الإسرائيليين” الذي لا يعرف مكان دفنهم إلى 555 جندياً . وتقدم وزارة الأمن مساعدات لنحو 10245 من ذوي القتلى، بينهم 4964 أرملة، و2324 يتيماً (حتى جيل 30 عاماً) . ويصل العدد الكلي إلى 17533 شخصاً .

بالمقابل، تُقدر الخسائر البشرية الفلسطينية في الفترة 1936  ،1939 بنحو سبعة آلاف شهيد وعشرين ألف جريح وخمسين ألف معتقل، وفي الانتفاضة الأولى 1987  ،1993 استشهد 1600 فلسطيني، وأصيب 135 ألفاً بجروح، وفي أربعة أعوام من انتفاضة العام ،2000 استشهد 3600 فلسطيني، وأصيب 42 ألفاً بجروح . ويضاف إليهم عشرات آلاف الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في مواجهات عسكرية ضد الجيش الصهيوني في الأردن وسورية ولبنان . وراح ضحية الحروب الست، أعوام ،18 و،1956 و،1967 و،1973 و1982 و2006 التي شهدها الصراع العربي  “الإسرائيلي” ما يزيد على 250 ألف قتيل من سوريا ولبنان ومصر والأردن والعراق ودول عربية أخرى .

وبمقارنة رقمية سريعة يتبين أنه لا يمكن إجراء أية مقارنة أو مقاربة بين العنف العربي والفلسطيني المقاوم إزاء اليهود الصهاينة والعنف النازي ضد اليهود، بل تصح مساواة الصهيونية بالنازية لجهة فلسفة العنف العنصري المشتركة ومرتكزاتها المتمثلة في الاستعلاء القومي وكراهية الآخر .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.