اهتمام اميركي-اوروبي-دولي بمستقبل لبنان: هل يمكن طرح اتفاق بديل عن الطائف اليوم؟

Lebanone - Government

تبدي عدة جهات اميركية واوروبية ودولية اهتماما فاعلا في هذه الايام بمستقبل الوضع اللبناني على ضوء التطورات الجارية في سوريا والمنطقة ومن اجل البحث بمعالجة الازمات والمشاكل التي يعاني منها لبنان واللبنانيون حاليا وكيفية ايجاد الحلول العملية لهذه المشاكل.

ويتزامن هذا الإهتمام مع تواصل المفاوضات الاميركية-الدولية مع ايران بشأن الملف النووي والاستمرار بالمفاوضات الاسرائيلية-الفلسطينية ، مما يعني ان البحث عن حلول غير تقليدية للازمة اللبنانية سيترافق مع احتمال حصول تقدم في معالجة ازمات المنطقة ومنها ملف الازمة السورية والملف النووي الايراني وملف الصراع العربي-الاسرائيلي، اضافة لما يطرح من افكار واقتراحات بشأن مستقبل الاوضاع في عدد من الدول العربية وامكانية بروز خرائط جديدة لدول المنطقة.

وتكشف مصادر مطلعة :ان عدة مؤسسات امركية واوروبية ودولية وبالتعاون مع مؤسسات لبنانية ومحلية تتولى حاليا اعداد دراسات حول الاوضاع اللبنانية وما يواجهه لبنان من تحديات مختلفة وكيفية ايجاد الحلول لهذه المشكلات، مع الاشارة الى انه خلال زيارة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور علي فياض الى باريس مؤخرا طرح المسؤولون الفرنسيون عليه امكانية عقد لقاء لبناني حواري جديد على غراراللقاء الذي عقده الفرنسيون في سانت كلوز قبل عدة سنوات.

وتتركز الاهتمامات الدولية والاوروبية والاميركية حاليا حول امكانية البحث في عقد اتفاق سياسي جديد بين الاطراف اللبنانية قد يكون بديلا عن اتفاق الطائف والذي يتعذر استكمال تطبيقه حاليا وتجاوز الاوضاع الداخلية والاقليمية لظروف اقراره قبل اكثر من عشرين سنة.

فما هي الموضوعات المطروحة اليوم للنقاش من قبل الجهات الدولية والاميركية والاوروبية حول الاوضاع اللبنانية؟ وهل يمكن ايجاد نظام او اتفاق بديل عن اتفاق الطائف يعالج الازمة السياسية التي يواجهها لبنان اليوم؟

الموضوعات المطروحة

بداية ماهي اهم الموضوعات التي تطرحها الجهات الدولية والاميركية والاوروبية حول الاوضاع اللبنانية في هذه المرحلة؟

مصادر مطلعة ومواكبة لتحركات المؤسسات الاميركية والاوروبية والدولية حول الاوضاع اللبنانية تشير الى ان هناك عدة موضوعات اساسية تطرحها هذه المؤسسات للبحث اليوم ومنها :

اولا:تداعيات الازمة السورية على الوضع اللبناني امنيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا نظرا لخطورة هذا الملف الحساس والذي سيكون له نتائج خطيرة مستقبلا على الوضع اللبناني.

ثانيا: مستقبل سلاح حزب الله والمقاومة الاسلامية وامكانية استيعاب هذا السلاح من خلال حلول سياسية ودستورية بالتزامن مع ما يجري من مفاوضات دولية-اميركية مع ايران وكذلك الحلول بشأن الصراع العربي-الاسرائيلي.

ثالثا: الصيغة المستقبلية للنظام اللبناني في ظل فشل تطبيق اتفاق الطائف كاملا والازمات التي يواجهها الوضع اللبناني وتغير الظروف الداخلية والخارجية منذ عقد هذا الاتفاق وضرورة معالجة هواجس مختلف الطوائف اللبنانية. كما يجري اعداد دراسات موسعة حول اللامركزية الادراية وكيفية تطبيقها بما يتناسب مع الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية ولا سيما بعد اكتشاف وجود الغاز والنفط في لبنان.

رابعا:مستقبل الوجود المسيحي في لبنان والمنطقة وكيفية الحفاظ على هذا الوجود في ظل انتشار المجموعات المتطرفة والتكفيرية وما يجري من احداث في المنطقة.

البديل عن اتفاق الطائف؟

لكن السؤال المركزي والاهم الذي بدأ يطرح سواءا لدى الاوساط الاميركية والاوروبية والدولية وحتى بعض الاوساط السياسية اللبنانية: هل يمكن البحث حاليا عن بديل لاتفاق الطائف يكون حلا للأزمة اللبنانية ويعالج الهواجس والمخاوف لدى مختلف الطوائف والاطراف اللبنانية؟ وهل يمكن التوصل لنظام سياسي جديد في لبنان بدون حصول حرب جديدة ومن خلال الجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات؟

يبدو ان طرح هذا السؤال ،والذي بدأ ينتقل من المجالس الخاصة والنقاشات غير العلنية الى البحث العلني والجدي ،لا يلقى جوابا واحدا وواضحا وحاسما.

فبعض الاطراف كتيار المستقبل والقوات اللبنانية وبعض قوى 14 اذار يرفضون كلية البحث بالموضوع او طرح هذا الملف ويعتبرون ان هذا الطرح سيؤدي لمشاكل عديدة وقد اعلن عن ذلك صراحة رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في حوار مع صحيفة الجمهورية وكذلك فان مسؤولي ونواب تيار المستقبل يعلنون رفض هذا الطرح حاليا.

واما حزب الكتائب والتيار العوني وبعض الاوساط المسيحية الدينية كالبطريرك الماروني مار بشارة الراعي فهم اعلنوا مرارا ضرورة البحث عن حلول جذرية للازمة والاتفاق على عقد اجتماعي جديد وايجاد حلول دستورية لسلاح حزب الله.

اما الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فقد دعا مرارا لعقد مؤتمر تأسيسي جديد لبحث الوضع اللبناني وللبحث بهدوء بشأن اتفاق الطائف دون طرح بديل معين، من جهته الرئيس نبيه بري لم يطرح أي رأي بهذا الشأن ، في حين أن الرئيس حسين الحسيني يدعو لتطبيق اتفاق الطائف واعتماد النسبية وقد وقع بيانا مشتركا مع عدد من الشخصيات لتطبيق النسبية في الانتخابات.

على صعيد الجهات الدولية والاوروبية والعربية لا تزال الامور في اطار جس النبض وليس هناك مواقف واضحة ،لكن يبدو ان العديد من الاوساط الداخلية والخارجية اصبحت مقتنعة بضرورة البحث عن حلول جذرية للازمة اللبنانية وعدم الاكتفاء بحلول سطحية او انية.

فهل سيتم طرح هذا الموضوع علنا ام سنظل ندور حول الامور السريعة والهموم التي يواجهها المواطن اللبناني اليوم امنيا واقتصاديا ومعيشيا؟

 

مجلة الأمان – قاسم قصير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.