بحر قزوين ..المحطة القادمة للمواجهة الروسية – الأمريكية

caspian-sea-map

 

وكالة الأنباء القطرية ـ
الأبحاث والدراسات:

لم تكد روسيا تنهي معركتها في الحرب الباردة / الجديدة / مع الولايات المتحدة الامريكية في شبه جزيرة القرم، إلا واختارت ساحة أخرى للمعركة المقبلة عنوانها ( بحر قزوين )، فموسكو التي تقود مجموعة الدول الخمس المطلة على البحر وهي ( إيران ، روسيا ، تركمنستان ،كازاخستان ، اذربيجان ) استطاعت الخروج بتعهد من تلك الدول يقضي بمنع أي وجود أمريكي في منطقة بحر قزوين الآن أو مستقبلاً.
وتقع منطقة بحر قزوين شمال غرب آسيا على مساحة تقدر بحوالي (370) ألف كيلو متر مربع، وتحظى بأهمية جيواستراتيجية واقتصادية نظراً لما تتمتع به من ثروات نفطية ضخمة لفتت إليها أنظار القوى العالمية والإقليمية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في العقد الأخير من القرن الماضي، وأصبح بحر قزوين بحيرة مغلقة للدول المطلة عليه.
فقد ذكرت مصادر إعلامية أن موسكو استطاعت إقناع شركائها في المنطقة بأن أية دولة من خارج حوض بحر قزوين يجب /ألا تؤثر/ على القرارات المتعلقة بهذا البحر، في إشارة إلى فرض قيود على نشر القوات الخارجية والأمريكية قبل كل شيء.
وصرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في ختام أعمال الاجتماع الوزاري لدول قزوين / الثلاثاء / بأن الدول الخمس تتحمل المسؤولية عن أمن تلك المنطقة الاستراتيجية، وعن كل ما يتعلق بعمليات استخراج النفط والغاز ووضع القواعد التي تلتزم بها الدول الخمس، مؤكدا استعدادها التعاون مع دول من خارج المنطقة بشرط موافقتها أولا على القواعد والمبادئ التي تتفق عليها دول بحر قزوين.
وناقش الاجتماع الوزاري لدول قزوين إضافة إلى الوجود الامريكي في المنطقة، تجديد اتفاقية تقاسم المياه والثروة بين الدول الخمس حيث كان ملف تحديد الوضع القانوني النهائي لبحر قزوين وحقوق الدول المطلة على سواحله أحد الملفات الحساسة في العلاقات الروسية الايرانية والدول الثلاث الأخرى المتشاطئة على هذا البحر المغلق، أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان.
وقد استبقت روسيا تصريحاتها بشأن الوجود العسكري الخارجي في بحر قزوين، بتحركات على الأرض مطلع العام الجاري تمثلت في الإعلان عن خطة لتعزيز قدرات أسطولها من السفن الحربية والذي يضم الآن أكثر من 30 سفينة من مختلف الفئات في المنطقة ، كما زودت شركة /كا أر أ تي/ الروسية ، القوات المسلحة بمحطات الرادار /موسكو1/ الذي يستطيع رصد الطائرات وصواريخ /كروز/ من على بعد 400 كيلومتر، ويحدد نوعها ومدى خطورتها من دون أن يكشف عن وجوده.
وتأتي أهمية المنطقة في أن جزءاً كبيراً من مخزون النفط لم تمتد إليه الأيدي بعد، مما يجعل المنطقة محط تنافسات شديدة بين شركات الاستثمار العالمية لبسط النفوذ، وتأتي على رأسها قوتان كبيرتان هما الولايات المتحدة وروسيا إضافة إلى قوى إقليمية أخرى .
ووفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية فإن ثروات بحر قزوين النفطية تتراوح ما بين 15 و 40 مليار برميل وهو ما يمثل 1.5% إلى 4% من الاحتياطات العالمية النفطية، بالإضافة إلى احتياطيات الغاز الطبيعي التي تتراوح ما بين 170 تريليون متر مكعب وهو ما يمثل 6% إلى 7% من الاحتياطيات العالمية لإنتاج الغاز.
وتدور المفاوضات الخاصة بثروات بحر قزوين في ظل مجموعتين متنازعتين، المجموعة الأولى تضم كلا من روسيا واذربيجان وكازاخستان، وتضم المجموعة الثانية كلا من إيران وتركمانستان.
واستنادا إلى اتفاقيتي عامي1921 و1940 لم تعد إيران تعترف بشرعية الحدود البحرية مع أذربيجان،وتطرح في كل مرة مقترحاتها لحل المسائل المتنازع عليها .
وتقترح إيران بقاء بحر قزوين للاستخدام المشترك من قبل الدول المطلة عليه أو تقسيمه إلى 5 أجزاء متساوية بحيث تحصل كل دولة على نسبة 20 % من قاع البحر دون النظر إلى طول امتداد حدودها البحرية. أما روسيا وأذربيجان وكازاخستان فتقف مبدئيا ضد مثل هذا التقسيم مع الأخذ بعين الاعتبار بعد النقاط الجغرافية وابقاء سطح البحر للاستخدام العام المشترك، واستنادا إلى الاتفاقيات الثنائية بين روسيا وكل من كازاخستان وأذربيجان فإنه عند تقسيم قاع البحر تحصل روسيا على 19 % وتحصل أذربيجان على 18 % وكازاخستان على 27 % والباقي 36 % تحصل منه إيران بين11 و14 % والباقي يكون من حصة تركمانستان.
لكن منذ بداية تسعينات القرن الماضي نظمت الدول المطلة على بحر قزوين آلية المناقشات لتحديد الوضع القانوني النهائي للبحر حيث شكلت لجان عمل مهمتها صياغة حلول وسطى لتلك المسألة. وثمة إجماع عريض على أن المشكلات السياسية واللوجستية التي تكتنف إيصال غاز قزوين ونفطه إلى الأسواق العالمية تجعل المنطقة مختلفة عن أماكن أخرى غنية بالطاقة كبحر الشمال وفنزويلا، فالمنطقة لا تفتقر فقط إلى المنافذ المائية بل تحيط بها دولتان رئيسيتان (روسيا وإيران) تعدان منافسين تجاريين لها وهما تتحكمان بالمسارات الأكثر جدوى لمد خطوط الأنابيب خاصة إيران.
وهكذا يعود بحر قزوين لدائرة الضوء مرة ثانية مرتبطاً بزيادة مخاوف واشنطن من التغلغل الروسي في بعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، الأمر الذي يرشح هذه المنطقة لتصبح مسرحاً لنزاعات تكون فيها روسيا والولايات المتحدة طرفاً مباشراً أو غير مباشر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.