بين روسيا وأميركا: عرض العضلات الإعلامي مستمرّ – علاء حلبي

russia_USA_flags

صحيفة السفير اللبنانية ـ
علاء حلبي:

بلغت الحرب الإعلامية المستعرة بين روسيا والولايات المتحدة ذروتها، مع دخول الروس مباشرة على خطّ الحرب السورية. جلّ ما يشغل شبكة «سي أن أن» الأميركية حالياً، نشر سلسلة مقارنات مصورة (انفوغرافيكس) بين الأسلحة الروسية والأسلحة الأميركية، بعنوان «صراع بالوكالة في سوريا والمنطقة»، لتسليط الضوء على القدرات العسكرية لكل من موسكو وواشنطن وميزات الأسلحة والفوارق بينها.

سلسلة الـ «انفوغرافيكس» متوافرة باللغة العربيّة عبر حساب «سي أن أن» العربي على «تويتر»، وعبر موقعها العربي، ولا تحيد في سياقها العام عن حرب المنابر الإعلاميّة بين الدولتين. ويقول الكاتب والأكاديمي السوري محمد صالح الفتيح إن الحرب الإعلامية الراهنة بين روسيا وأميركا «برزت ملامحها الأولى أيام الحرب مع جورجيا صيف العام 2008 وصولا إلى الأزمة الأوكرانية». ويقول الفتيح لـ «السفير» إنّ «المواجهة الإعلاميّة الروسية الغربية تصاعدت تصاعدا ملحوظا خلال الشهر الحالي مع انطلاق العمليات العسكرية الروسية، ومنذ الأيّام الأولى لبدء العمليّات العسكريّة الروسيّة في سوريا، عندما نشرت وسائل الإعلام الغربية روايات حول سقوط مدنيين سوريين بالقصف الجوي الروسي». ويضيف: «عندما استخدمت روسيا الصواريخ الجوالة انطلاقاً من بحر قزوين، وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها روسيا مثل هذه الأسلحة، لجأ الإعلام الأميركي إلى التشكيك بفعالية الصواريخ، وانتشرت رواية مفادها أن بعض تلك الصواريخ قد ضلّ هدفه وسقط في إيران».

يرى الفتيح أنّ «المواجهة الإعلامية الروسية الغربية الراهنة، تحمل الكثير من ملامح الحرب الباردة. وهناك الكثير من المبالغة التي دفعت بعض الصحف البريطانية اليسارية للقول بأن هناك حملات منظمة تهدف لإظهار بوتين على أنّه بعبع، والهدف إقناع الجمهور البريطاني بأن روسيا عادت عدوةً لهم».

ويرى الكاتب السوري المقيم في بريطانيا أنّ «الأداء الإعلامي الروسي تحسن تحسنا ملحوظا خلال العامين الماضيين، خصوصاً خلال الفترة الأخيرة، إذ أدركت المؤسسة الإعلامية الروسية أهمية استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وتشجيع الإعلاميين على النشاط عبرها. ويظهر هنا خاصة دور المراسلين الميدانيين الروس في كل من سوريا وأوكرانيا الذين لا يكتفون بنشر أخبار ميدانية، بل ينشرون تفنيدا غير مباشر للروايات الغربيّة».

تجلّت الحرب الإعلاميّة بوضوح، بالحملة التي شنّتها وسائل إعلام أميركيّة بارزة منها «نيويورك تايمز» و «سي أن أن»، على التدخّل الروسي، من خلال تقارير تتمحور حول استهداف طائرات روسيّة لمدنيين سوريين. في الوقت نفسه، نشرت قناة «روسيا اليوم» تقريراً مصوراً فنّد ما جاء في وسائل الإعلام الغربية، ورد بمقارنة بين ما حققته أميركا وحلفها، وما تحققه روسيا. كما تطرّق التقرير للفشل الأميركي في تسليح وتدريب مقاتلين «معتدلين»، وأعطى مثالاً عن «الفشل الأميركي في ليبيا».

إضافة إلى ذلك، بدأت قناة «روسيا اليوم» بنشر سلسلة مصورة (انفوغرافيكس) عن القدرات الروسية العسكرية، وميزات الطائرات الروسية والأسلحة المستعملة لقصف مواقع «داعش». وإلى جانب «روسيا اليوم» جندت موسكو سلسلة من القنوات والإذاعات والصحف الروسية لنقل الحدث السوري، وإعداد تقارير عن القدرات الروسية، ودقة الأهداف، ليتصدر المشهد السوري وسائل الإعلام الروسية بكل تفاصيله، مع إجراء مقارنات بين ما تحققه روسيا وما عجزت الولايات المتحدة عن تحقيقه.

برنامج «قصارى القول» الذي تبثه قناة «روسيا اليوم»، تناول في حلقته التي عرضت أمس الأوّل «سبب عدم قيام الطائرات الأميركية بقصف إمدادات داعش في سوريا»، لتنتقل الحلقة تلقائيا لإجراء مقارنة مع الأهداف التي قصفتها موسكو. كذلك تقوم روسيا يوميا بنشر بيانات لعدد الغارات التي نفذتها القوات الروسية، مع مقارنة لما قصفته أميركا وتحالفها في سوريا، لتغدو الساحة السورية منبرا لـ «فرد العضلات»، واستعراض القوة، في إطار الحرب الأميركية الروسية، التي وإن بدت باردة في الواقع، إلا أن لهيبها يستعر بوضوح على الأرض وعبر الشاشات.

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.