تدخل “الأصيل” بعد هزيمة “الوكيل”، هل تنجح السعودية في العدوان المباشر؟!

saudi-yemen

خليل نصرالله نصرالله:
لا يختلف اثنان على الدعم السعودي للمجموعات الإرهابية بشتى الوسائل، كما لا يختلف اثنان على أن منبع الفكر التكفيري مصدره المملكة العربية السعودية.
تاريخيا، رفدت المملكة القاعدة بمقاتلين الى أفغانستان والشيشان لقتال “الكفار” السوفيات، انسحب الاتحاد السوفياتي من أفغانستان، تحولت القاعدة الى ارهاب بقرار دولي، ارهاب يجب القضاء عليه، لكن احدا لا يصدق أن الام تقاتل ابنها، بقيت القاعدة السلاح الذي تهدد فيه الولايات المتحدة والمملكة السعودية خصومها، استخدمت القاعدة عام ٢٠٠٣ في العراق، هيّئت لها الارضيّة ورفدتها بالمقاتلين، سرعان ما تحول مسار معركتها من محاربة “الصليبيين” الغزاة الى محاربة “الرافضة” عملاء أميركا، بحسب التوصيف القاعدي، وكانت الفتنة الكبرى في العراق ، نجح العراقيون في تخطي المِحنة لأعوام من الزمن.
مع بداية الحراك العربي وتنقله من دولة الى اخرى، عاد شبح القاعدة، أطل برأسه من ليبيا، ورسخ قواه في سوريا لقتال النظام “النصيري”، عشرات الآف المقاتلين توافدوا من كل العالم الى “ارض الشام” ارتكب الارهاب ابشع الجرائم، سرعان ما انكشفت الحقائق، المملكة السعودية ومعها قطر وتركيا ومن ورائهما واشنطن وتل ابيب يدعمون الارهاب تحت مسمى “دعم الثوار السوريين”، تؤكد المعطيات والمؤشرات أن هذا الدعم المادي والمعنوي ما زال مستمرا حتى اليوم.
بعد الانتخابات العراقية، تحركات مشبوهة في الأنبار، تحت مسمى ثورة، سرعان ما انكشفت طبيعتها أيضا، إنها القاعدة من جديد، هذه المرة البنية التحتية مهيئة، وبشكل مُلفت سيطر الارهاب منتصف العام ٢٠١٤ على مساحات واسعة من العراق، تحت مسمى داعش، “الدولة الاسلامية في العراق والشام”، تبين أن الوظيفة ابتزاز العراق سياسيا وإخضاعه كليا للإرادة الأميركية وقطع التواصل بينه وبين ايران وسوريا،سارعت طهران الى رفد العراق بالسلاح لمواجهة الارهاب وقدمت دعما لوجستيا ايضا واستشاريا، مع تنصل الولايات المتحدة الأميركية من التزاماتها اتجاه بغداد ومماطلة واضحة في تسليم بغداد الأسلحة المدفوع ثمنها عراقيا.
وفي خضم الهجوم الإرهابي كانت المملكة تصف تحرك الارهاب بالتحرك الثوري، اتهمت نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق بضرب السنة، امر كشف من جديد النوايا السعودية والأميريكية، تمددت داعش وكسرت الحدود بين سوريا والعراق، تجند العالم لمواجهته وتم انشاء التحالف الدولي بقيادة واشنطن، المهمة تقويض الارهاب، قال الأميركيون ان القضاء على داعش يحتاج لسنين طوال، وبدا القصف الجوي لمواقع التنظيم في الشمال السوري والشمال العراقي.
وفي خضم هذه الزلازل، كان الحوثيون في اليمن يتقدمون باتجاه صنعاء، يهزمون القاعدة ومسلحي الأحمر والإصلاح، نجحوا في ذلك. في تلك الآونة يعترف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعجزه عن إدارة خزينة الدولة، يسارع الى رفع سعر المشتقات النفطية لتعويض الخسائر في خزينة الدولة، يجتاح الشارع اليمني غضب عارم سرعان ما تحول الى ثورة شعبية عارمة تصدر مشهدها أنصار الله، وعلى مراحل عدة نجح أنصار الله باسقاط النظام الجديد التابع للسعودية، تلازم ذلك مع تقدم مقاتلي اللجان الثورية التي شكلها أنصار الله مع بداية ثورتهم الى اكثر من محافظة ويطهرونها من وحش القاعدة، مناطق واسعة انهار فيها الارهاب، صفعة جديدة على وجه الداعمين له، جن جنون الرياض، استقال عبد ربه منصور هادي وحكومته في محاولة لإحداث فراغ دستوري في البلاد وبالتالي ذهاب الأوضاع نحو الصدام، تداركت اللجان الثورية الامر، بعد ان نكث هادي بتوجيه خليجي باتفاق السلم والشراكة، واصدرت اعلانا دستوريا يتم بموجبه تشكيل مجلس رئاسي مؤلف من ستة أشخاص يدير شؤون البلاد في مرحلة انتقالية لعامين كحد أقصى ويهيأ لانتخابات رئاسية وبرلمانية، اصبح هادي خارج السلطة، وفي ليلة ظلماء يفر الرئيس المستقيل الى عدن جنوب البلاد، يعلن من هناك العودة عن استقالته، تؤيده دول الخليج وعلى رأسها السعودية، كذلك الولايات المتحدة، تنقل دول مجلس التعاون سفاراتها على عدن، يهدد هادي بنقل العاصمة الى هناك، ثم يدعو الى حوار في الرياض ترعاه دول مجلس التعاون، في خطوة غير مدروسة أوحت بأن شيئا ما يحضر لليمن، يرفض الحوثيون كل ذلك، خاصة ان هادي فقد الشرعية.
من جديد القاعدة والارهاب، داعش في اليمن، يؤكد مراقبون أن طائرات تركية نقلت عناصر ارهابية الى جنوب البلاد عبر مطار عدن، ترافق ذلك مع تحركات مشبوهة في الجنوب، يؤكد مطلعون أن هادي مع قيادات عسكرية تابعة له فروا الى الجنوب بدأوا بتشكيل ميلشيات مسلحة واستغلال تعاطف الجنوبيين الطامحين للإستقلال، تحركت اللجان الشعبية باتجاه مناطق في الجنوب سرعان ما انهارت أمامه المليشيات الحديثة المنشأ.
محصلة ما جرى كله أن داعش لا بيئة حاضنة واسعة لها في اليمن، هزم الحوثيون القاعدة في ١٢ محافظة، تقدموا نحو الجنوب، سقطت تعز في الوسط، القاعدة موجودة جنوبا، أتى بها السعوديون وعلي عبدالله صالح سابقا للقول ان الجنوب بيئة حاضنة، اتهم الجنوبيون بانهم موالون للقاعدة، الحقائق على الارض تنفي صحة هذه الاتهامات، ففي الجنوب ثورة ضد السلم الذي مارسه صالح بدعم من السعودية ضدهم.
انهزم الارهاب، اذا ترك الحوثيون وحدهم سيستيقظ اليمن على صبح مشرق لا ارهاب، فكانت الخطوة الخليجية بتوجيه أميركي بدء الحرب على اليمن، الحجة مساندة الشعب ضد انقلاب أنصار الله ودعم الشرعية المتمثّلة بالرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، تقول السعودية الشبل الأكبر في مجلس التعاون إنها تحركت تلبية لنداء هادي.
بدأت الحرب، تشير المعطيات الى انها “حرب مفتوحة”، ومن بدأها لا يمكنه التراجع خاصة أنه رفع سقف أهدافها، القضاء على التمرد “الحوثي”، وبالتالي وبعد اعلان السيد عبد الملك الحوثي الاستعداد للدفاع عن اليمن وتوجيه رسالة الى الدول المعتدية بضرورة إيقاف العدوان وإلا فإن كل الخيارات مفتوحة غامزا نحو نجران وجيزان وعسير، فإن كرة النار التي أشعلتها السعودية قد تتدحرج وتحرقها.
في المحصلة، الحرب اشتعلت، الذي أشعلها هو الأصيل (الدول الداعمة للإرهاب) بعد ضعف وتراجع وانحسار تأثيرات الوكيل (داعش والقاعدة).
فهل تنجح السعودية بدعم أميركي ومباركة إسرائيلية وتركية من تحقيق الأهداف المرسومة؟ أم تسقط أوراق التوت في اليمن على أيدي أنصار الله وتكون خسارة تنسحب مفاعيلها على الأوضاع في سوريا والعراق وحيث للإرهاب مرقد او موطئ قدم؟
الإجابة رهن الأسابيع المقبلة من خلال مسار العدوان والرد عليه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.