تسخين جبهة الجنوب السوري لماذا في هذا التوقيت؟

الميادين . نت ـ
عبد الله سليمان علي:
ليست المرة الأولى التي تشهد فيها الجبهة الجنوبية خرقاً لما قيل أنه تفاهم روسي– أردني قضى بتجميد الأعمال القتالية فيها. فقد شهد النصف الثاني من العام الماضي معركتين فاشلتين هما “لهيب حوران” و”قادسية الجنوب”.
الجبهة الجنوبية شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في كثافة التصريحات والتسريبات حول مصيرها
لكن هذه المرة الأمر مختلف. فمعركة “الموت ولا المذلّة” التي أعلنت عنها بعض الفصائل المسلّحة يوم الأحد، استهدفت مدينة درعا نفسها وليس الأرياف كما في المعارك السابقة.

تهدف المعركة حسب بيان إطلاقها إلى السيطرة على حيّ المنشية. تكمن أهمية هذا الحيّ أنه يُشرف على جمرك درعا القديم كما يُطلّ على وادي الزيدي الذي يفصل بين حيّ درعا المحطّة والبلد.

ما يلفت الانتباه ابتداءً هو التزامن بين إطلاق المعركة في درعا، وبدء معركة استئصال جماعة “جند الأقصى” في إدلب وريف حماة. لا رابط جغرافياً بين المعركتين فالأولى في الجنوب والثانية في الشمال، لكن على ما يبدو هناك روابط عديدة تجمع بينهما ليس أقلّها وقوف “هيئة تحرير الشام” وراء كل منهما.

الجبهة الجنوبية التي طالما كانت محوراً رئيساً لعدد من المشاريع المشبوهة، شهدت في الآونة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في كثافة التصريحات والتسريبات حول مصيرها، حيث ضمّها الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس إلى ما رأى أنه “منطقة سنّية تمتد من درعا إلى دير الزور تدخل في تكوين الفيدرالية السورية”.

وكان آخر هذه التسريبات من نصيب الأردن حيث تحدّثت بعض الصحف عن نية الأردن استنساخ تجربة “درع الفرات” في المنطقة الجنوبية بالتفاهم مع روسيا. وبالرغم من عدم إمكانية التثبّت من صحّة هذه المعلومات، إلا أنه كان من اللافت أن تنطلق “معركة الموت ولا المذلّة” بعد أيام فقط من تسريبها، ثم أن يكون هدف المعركة هو قطع الطريق أمام الجيش السوري للوصول إلى الجمرك القديم وبالتالي إلى معبر نصيب الذي شدّدت التسريبات على أنه سيكون بوابة التدخّل الأردني في حال حصوله.

ومما لاشك فيه أن “جبهة النصرة” التي كانت أكبر الخاسرين جرّاء عملية “درع الفرات” بقيادة تركيا، لا تريد أن تتكرّر خسارتها في الجنوب بقيادة الأردن وفق السيناريو نفسه، لذلك كان من مصلحتها المُسارعة إلى إجهاض الفكرة الأردنية في مهدها.
و”النصرة” بذلك لا تستكمل الخطة التي بدأتها في إدلب لإفشال مؤتمر أستانا خاصةً أن الأردن تعهّد لموسكو بإقناع فصائل الجنوب بالانضمام إلى المؤتمر. بل هي تداعب أيضاً هواجس الرياض التي كان رئيس استخباراتها قد وجّه انتقاداً لكل من الأردن ومصر بسبب تفاهمهما مع روسيا. وهو ما يتلاقى مع أحد أهدافها من محاربة “جند الأقصى” والسيطرة على ريف حماة الشمالي، أي مغازلة أنقرة من طرف خفي لاسيما أن الأخيرة قد لا تمانع في امتلاك أوراق قوة إضافية قبل انعقاد مؤتمر جنيف تتأتى من خلط الأوراق في منطقة حساسة مثل ريف حماة. ومن المعلوم أن أبو جابر الشيخ قائد “الهيئة” يتمتّع بعلاقات جيّدة مع أنقرة والرياض مذ كان قائداً عاماً لـ “أحرار الشام”، ما يعني أن “الهيئة” قد تكون في سياق محاولة إحياء علاقات الدعم الاقليمية.

وبالرغم من أن “معركة الموت ولا المذلّة” انطلقت بتوقيع من “غرفة عمليات البنيان المرصوص” إلا أن المعلومات التي حصلت عليها الميادين نت تؤكّد أن رأس الحربة في هذه المعركة هم 300 مسلح من “الهيئة” (أي النصرة لعدم تواجد باقي الفصائل كالزنكي في الجنوب) و200 آخرون من “أحرار الشام” ومثلهم من “بيت المقدس” وبضعة مئات من المسلّحين المرتزقة. أما دور فصائل الجيش الحر بحسب تعليمات “غرفة الموك” فهو المشاركة في الهجوم لضمان عدم خروجه عن السيطرة وألا يسبّب أضراراً للأردن.

ميدانياً، تمكّن الجيش السوري من امتصاص صدمة الهجوم الأولى والدفاع بفاعلية عن غالبية مواقعه، فيما تستمر الاشتباكات. وفي الوقت الذي تحدّث فيه بيان صادر عن “البنيان المرصوص” عن السيطرة على كتلة النجار في حيّ المنشية، أفاد مصدر عسكري في تصريح لـوكالة “سانا” بأن وحدات من الجيش تصدّت لهجمات التنظيم على محاور أحياء المنشية وحميدة الطاهر وساحة بصرى والمؤسسة في مدينة درعا. ولفت المصدر إلى أن وحدات الجيش سيطرت على الموقف القتالي بعد تكبيد التنظيم الإرهابي خسائر كبيرة بالأفراد والعتاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.