جنرالات يرتدون النص التوراتي كما الزي العسكري.. وانوف نزلت الى الارض؟

israeli-army

صحيفة الديار اللبنانية ـ
نبيه البرجي:

 

ملاحظا التماهي بين اللاهوتي والعسكري في العقل الاسرائيلي، تساءل شلومو صاند على ذلك النحو الفذ: جنرال برتبة إله ام أله برتبة جنرال؟

الجنرالات يرتدون النص التوراتي كما يرتدون الزي العسكري. افرام سنيه وصف قادة الاستخبارات في اسرائيل بـ«انبياء الظل». ايام زمان كانوا يصنعون المعجزات او بعض المعجزات. وصف قادة الميدان بـ«ظل الانبياء». انبياء هذا الزمان لا يتعذبون، ولا يلاحقون بالحجارة او بالرماح. ها هم يجتاحون الارض العربية، ويحطمون الطائرات وهي على الارض، حتى ان ارييل شارون قال انه لو شاء لقاد دباباته الى القاهرة.

الآن رئيس للاركان لا يلامس انفه المريخ. ماذا الذي تغيّر؟ لطالما اعتبر الاسرائيليون ان لبنان احد مقاهي الرصيف. في عام 1973، حط ايهود باراك في شارع فردان، وراح يدخل الى الشقة تلو الشقة ليقتل كمال الشاعر وكمال عدوان وابو يوسف النجار. وجاءت الاوامر من اليرزة إياكم واطلاق النار عليهم حتى لا تكون الفضيحة افدح بكثير…

اكثر من ذلك، ارييل شارون يقف في باحة قصر بعبدا، وكاد يلقي القبض على الرئيس الياس سركيس إن رفض احتساء القهوة معه. تدخلت واشنطن آنذاك لمنعه. وعلينا ان نتصور ماذا كان حدث لو اقتحم غرفة نوم صاحب الفخامة…

ما الذي تغيّر حتى جعل انوف الجنرالات تنزل الى الارض؟ سبق واستعدنا ما قاله شارون لاوريانا فالاتشي في صيف عام 1982، وعبر «لونوفيل اوبسرفاتور»: «الجنرالات عندنا يعلمون ان خطوة واحدة الى الوراء تعني اننا سنتقهقر الى الابد». ماذا قال الكولونيل ايليا برنباع ليلة الانسحاب من جنوب لبنان في عام 2000؟ «لا ندري لماذا بقينا هناك لنعود بكل ذلك الحطام».

المؤرخ شلومو صاند هو من قال «ان الآلهة ترجلوا عن احصنتهم». هل حقا ان الجنرالات تركوا جانبا احصنة النار؟

غادي ايزنكوت رئيسا للاركان. يحكى عن سيناريو شكسبيري حمله اخيرا الى المنصب. واقعي ويعرف ان اللائحة التوراتية قد طويت. لا يستطيع ان يكون موشي دايان او ارييل شارون او حاييم بارليف او اسحق رابين او حتى رافاييل ايتان؟ الجنرال افرام سنيه اياه كان يهدد بأنه سيدمر بيروت لكي لا تبقى هناك سوى الكلاب تجول في شوارع المدينة. من يتجرأ الان على ان يقول ذلك؟
ايزنكوت تقلب في مناصب عدة. هو قارىء جيد ويعلم ان سلاح المدرعات كما سلاح المشاة في مأزق، والا لكان سلفه بني غانتس تجول في احياء غزة، وها هم يتحدثون عن «الطائرات الرائعة» على انها هي الرهان الاستراتيجي في اسرائيل…

ما ينشر في الدوريات الغربية المتخصصة يشير الى ان الاسرائيليين البارعين في الصناعة الالكترونية حققوا الكثير في مجال انتاج الاجهزة التي من شأنها تضليل الصواريخ المضادة للطائرات والتي قد يكون حصل عليها «حزب الله». غير ان الدوريات ذاتها تتحدث عن انجازات ايرانية ايضا في هذا المجال. ماذا اذا وصلنا الى تلك اللحظة التي يحكى فيها عن مأزق سلاح الطيران ايضا؟

في كل الاحوال ماذا تستطيع القاذفات ان تفعل، حتى ولو كانت النسخ الاحدث في المصانع الاميركية، سوى ان تدمر. صواريخ ارض-ارض ايضا تدمر. لاحظتم اي شكوك تحيط بالقبة الحديدية التي يسخر منها بعض الخبراء ويعتبرون انها لا تزال حتى الآن… القبة الزجاجية.

الاسرائيليون الذين طالما راهنوا على الفوضى في المنطقة باعتبارها تفضي الى انهاك الجيوش، وربما الى تفكيك الدول ايضا، يشعرون الان ان المؤسسة العسكرية كما المؤسسة الامنية لا تستطيعان اللعب مع المجهول. في سوريا، وبالتنسيق مع بعض الدول العربية، جرت محاولة تفعيل جبهة النصرة. واذا كان رجب طيب اردوغان قد اخفق في الوصول الى دمشق غبر البوابة الشمالية، كانت الخطة البديلة بأن يصل بنيامين نتنياهو عبر البوابة الجنوبية. علينا ان نعرف لماذا حدثت غارة القنيطرة وكيف حدث الرد في مزارع شبعا…

قواعد الاشتباك اعيدت الى حيثما كانت. لاحظوا في اي اتجاه مضت العمليات العسكرية في الجنوب السوري. من لا يستسيغون اسلوب ايزنكوت في التفكير كما في الاداء يقولون انه الجنرال الذي لا يتقن مراقصة الرياح. اي جنرال في اسرائيل يمكن ان يغامر الآن في سوريا او في لبنان او في غزة؟

قيل انه جنرال الاحتواء لا جنرال الاختراق. قواعد اللعبة في الشرق الاوسط باتت اكثر تعقيدا. حين تبحث اميركا عن سبيل لادارة الفوضى (ولا تجد سوى مغازلة الاعداء)، ماذا بوسع اسرائيل سوى ان تأتي بجنرال واقعي رئيسا للاركان حتى لو قال الاميركي فرانك غافني انه خائف على نجمة داود ان تسقط عن كتف… يهوه!!

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.