جنيف والمراوغة الأميركية

Insurgents in Syria 2

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

ذكرت تقارير اميركية نشرت خلال اليومين الماضيين أن الاستخبارات المركزية تواصل تدريب مسلحين سوريين وجاء في المعلومات ان ألف عنصر تلقوا تدريبا على يد ضباط أميركيين خلال السنة الماضية في حين تواصل حكومات السعودية وتركيا وقطر جهودها لضمان تدفق المزيد من السلاح والمال والمسلحين إلى سوريا في محاولة يائسة لتعويض انكسار قرار العدوان الأميركي.

اولا من الواضح ان الإدارة الأميركية تقود مناورة مستمرة للتنصل من أي التزام جدي بوقف إرسال المسلحين وبالكف عن دعم الجماعات الإرهابية على الرغم من الوقائع والمعلومات المعلنة عن هيمنة فصائل القاعدة على البنية الرئيسية للجماعات المسلحة في سوريا وبعد اندلاع معارك عنيفة بين هذه الجماعات المتناحرة بحكم طبيعة تكوينها اللصوصي والارتزاقي وسواء كانت عمليات الدعم والتسليح والتدريب تجري بإشراف أميركي مباشر ام بواسطة الحكومات التابعة للولايات المتحدة في المنطقة فالحصيلة هي نفسها ولا مجال لتصديق الروايات الصحافية عن تمرد الحكومتين السعودية والتركية ناهيك عن القطرية على المشيئة الأميركية في هذا المجال بفعل الارتباط التاريخي والعضوي الوثيق لهذه الحكومات بالإدارات الأميركية والأكيد أن المخططين الأميركيين يراهنون على المزيد من الاستنزاف للدولة الوطنية السورية وللمجتمع السوري والاقتصاد السوري وعلى ابتزاز روسيا التي ساهمت في كسر الهيمنة الأحادية الأميركية على العالم التي تحكم خلالها أباطرة واشنطن بالعلاقات والسياسات العالمية لحوالي ثلاثة عقود من الزمن .

ومن الأدعى للسخرية وصف بعض المسلحين بالمعتدلين فهؤلاء جميعا ينساقون في تشكيلات إرهابية ترتكب الجرائم المنظمة ضد المواطنين السوريين وممتلكاتهم وضد المرافق العامة وهم في الغالب مرتزقة ولصوص يعتاشون على الفوضى وقد تهاوت كذبة الجيش الحر وخرافة سليم ادريس بكل بساطة عندما قرر بندر بن سلطان ضم بعض الكتائب والفصائل.

ثانيا شكل ردع العدوان الأميركي على سوريا انعطافة مهمة في التوازنات الدولية والإقليمية دون ان يعني رضوخ الولايات المتحدة لمنطق الحل السياسي الذي تتبناه روسيا وتدافع عنه وتخوض معركة مستمرة لتثبيته في سياق حملتها لعقد مؤتمر جنيف ويقوم التصور الروسي على إلزام الدول المتورطة في الحرب على سوريا بوقف جميع انواع تدخلاتها وبتجفيف المستنقع من حول العصابات الإرهابية التي ستواجه ظروفا خانقة إذا تم التوصل لتفاهمات وآليات ميدانية توقف الانتهاك المنظم للحدود السورية خصوصا وقد قادت التطورات والأحداث إلى تبدل كبير ونوعي في المزاج الشعبي العام داخل مناطق سيطرة العصابات التي خسرت حاضنها الشعبي إلى حد بعيد وتعزز اتجاه العودة لحضن الدولة الوطنية السورية نتيجة ما اكتشفه الكثير من السوريين المخدوعين بفكرة التمرد المسلح عن الطابع اللصوصي والتناحري الغاشم لسلطة العصابات الإرهابية التي شكلت جرائمها صدمة مروعة للناس .

إن تآكل التمرد المسلح باندلاع الحروب اللصوصية في صفوف العصابات وظهور مشروع التكفير وحضور القاعدة القوي في الميدان تمثل عوامل محفزة لعزوف الناس عن التمرد المسلح ومكوناته وللانحياز إلى الدولة الوطنية التي حافظت مؤسساتها على درجة عالية من التماسك والصمود وواصلت دفع الرواتب وتأمين معظم التقديمات المعتادة لجميع المواطنين في المناطق الخارجة عن سيطرتها وفي اصعب الظروف الأمنية.

ثالثا يواصل الجيش العربي السوري ومعه قوات الدفاع الوطني القتال في سبيل فرض الاستقرار ومن الواضح ان هذه العملية سوف تتطلب وقتا يطيل من أمده استمرار حلف العدوان في دعم الإرهاب خصوصا مع الموقف الأميركي المراوغ وفي ظل استمرار التآمر السعودي القطري والتركي على سوريا رغم جميع الوقائع التي تبرهن على ان هذه الأطراف تدفع كلفة كبيرة لخيبة رهاناتها على تدمير الدولة الوطنية السورية ومع ظهور ملامح التوازنات الجديدة في المنطقة وما تثيره من مخاوف على مستقبل النظامين السعودي والتركي ودورهما .

القيادة السورية تتصرف على قاعدة أسوأ الاحتمالات وهي تعمل لمواصلة الصمود ولتوفير مستلزماته السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية مستندة إلى ترسيخ الوعي الشعبي للمخاطر وللمشاريع الاستعمارية التي تستهدف البلاد كما تعمل سياسيا ودبلوماسيا مع شركائها وخصوصا روسيا وإيران لمحاصرة حلف العدوان ولإحباط مناوراته وفي هذا السياق يأتي الموقف السوري بإعلان الالتزام بالذهاب إلى جنيف دون شروط مسبقة مقابل حالة البلبلة والاهتراء والتردد التي تسيطر على الجبهة المعادية وخصوصا على واجهة العملاء التي باتت رهينة السيطرة التكفيرية الفاضحة على تكوين العصابات الإرهابية المتناحرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.