حان الوقت لصنع الربيع العربي الحقيقي

arabicspring

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:

أيًّا كانت طريقة إرهاب الدولة الصهيوني الممارس على الشعب الفلسطيني المسمى “الجرف الصامد”، إلا أن المقاومة الفلسطينية استطاعت بفضل صمودها وصمود أبناء غزة المقاومة أن تحدث تغييرًا جذريًّا في نسق ردها وقدرتها على استيعات إرهاب الدولة الصهيوني رغم ضراوته وكثرة حممه وشدتها، وأن تحدث شيئًا من التوازن على الجانب المعنوي وهو الأهم طبعًا في معركة البقاء مع كيان إرهابي احتلالي يملك كل أدوات الإرهاب والإجرام، ولا يزال تعتمد له الأموال والمخصصات المالية من قبل حلفائه الاستراتيجيين لمضاعفة قوة إرهابه، وزيادة قدرة إيذائه وتهديده للحياة الإنسانية بصورة خاصة والحياة بصورة عامة.
وعلى الرغم من تعذر المقارنة بين ما يملكه كيان إرهابي احتلالي مقام على أنقاض أرض فلسطين التاريخية المسروقة من أصحابها الحقيقيين من أسلحة فتاكة برية وبحرية وجوية وصاروخية وترسانة نووية وكيماوية وجرثومية، وبين ما تملكه المقاومة الفلسطينية من وسائل دفاع، فإن قوة الحق لدى الفلسطينيين كان لها دور كبير في أن تجعل من تلك الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة أن تحدث اختراقات كبيرة سواء في ما يسمى القبة الحديدية، أو الجدران المسلحة من الأمن ووسائل التجسس والعملاء وشتى صنوف التكنولوجيا المتطورة، ما يعني أن كيان الاحتلال الإسرائيلي أصبح بالنسبة للمقاومة الفلسطينية بمثابة بيت من زجاج.
إن قوة الحق تلك، هي التي أيضًا جعلت مجرمي الحرب الإسرائيليين يبحثون عن أطواق نجاة تنقذهم من الورطة الحمقاء التي وضعوا أنفسهم فيها بسبب العنجهية وغطرسة القوة المبنية، وكذلك تنقذ وضعهم الداخلي المرتبك؛ لأنهم يدركون ويقرون في أنفسهم أنهم ليس لديهم قضية يدافعون عنها أو حق يناضلون من أجله، بل إنهم يعلمون أنهم مجرد قطعان من المرتزقة سرقت أرض فلسطين لتوطينهم فيها، ويحاولون بما أوتوا من أدوات إرهاب وإجرام وقتل وبالتعاون مع حلفائهم إبادة أصحاب الحق الفلسطينيين وتدمير كل ما يمت إليهم وإلى هذا الحق بصلة.
ولذلك وخوفًا من الانهيار الداخلي مع توالي سقوط الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية، وصلت الحماقة الإسرائيلية الممزوجة بالغباء والغطرسة إلى قرار بتوسيع رقعة العدوان الإرهابي على غزة برًّا وجوًّا وبحرًا بعد أن فشلت مساعي الهدنة لإنقاذ كيان الاحتلال من ورطته ووقف عدوانه، تارة بإعلان هدنة من خمس ساعات، وتارة أخرى بالضغط على الأصدقاء والحلفاء والمطبعين التدخل لإنقاذ قادة الحرب الإسرائيليين وكيانهم المسخ، ومحاولة تليين موقف المقاومة الفلسطينية وإجبارها على الرضوخ لمطالب المعتدي، وفي الوقت ذاته لممارسة الضغط على هذه المقاومة داخليًّا، ولإظهارها بمظهر المعتدي الرافض وقف اعتداءاته، بدلًا من إيقاف العدوان الإرهابي والاعتراف بالحق الفلسطيني في الحياة الكريمة والحرية.
ولذلك لا يصح أن يخرج هذا الكيان المستخف بحياة البشر والقائم على الإرهاب والقتل والوحشية والرافض الاعتراف بحقوق الشعوب في الحياة وفي استعادة حقوقها المغتصبة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، لا يصح أن يخرج أيضًا رابحًا من هذا العدوان الإرهابي على قطاع غزة، وهذا ما يجب أن يعمل عليه الفلسطينيون الشرفاء الذين قدموا كل غالٍ ورخيص دفاعًا عن كرامتهم وعرضهم وأرضهم وشرفهم، فالأمن والهدوء والاستقرار والعيش الكريم ليس خاصًّا بكيان الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، وإنما هو حق لكل الشعوب إن الشعوب العربية التي جرى تجييشها ضد أنظمتها تحت شعار “الربيع العربي” مطلوب منها أن تجيش نفسها ضد هذا العدو ولنصرة إخوتهم في غزة، لصنع الربيع العربي الحقيقي وليس الربيع الصهيو ـ غربي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.