حرب القوائم السوداء بين موسكو وواشنطن

obama-poutin

وكالة الأنباء القطرية ـ قنا:
بوادر أزمة تلوح في الافق بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، على خلفية اشتعال حرب “القوائم السوداء” بين البلدين خلال اليومين الماضيين، والمرشحة بقوة للاستمرار حتى موعد اللقاء المرتقب للرئيسين فلاديمير بوتين – باراك أوباما في ايرلندا الشمالية على هامش قمة الثمانية.
تعود المماحكات القانونية بين موسكو وواشنطن إلى نهاية عام 2012، حين صوت الكونجرس الأمريكي بقاعتيه – الشيوخ والنواب – على ما يعرف بإسم “لائحة ماجنيتسكي” والتي تقضي بفرض عقوبات على مسؤولين روس متهمين بالتورط في انتهاكات لحقوق الإنسان، وتحديداً في وفاة الخبير القانوني الروسي سيرجي ماجنيتسكي في السجن عام 2009 ، على خلفية اتهامه لعناصر من الشرطة وموظفي مصلحة الضرائب الروس بالوقوف وراء عمليات اختلاس وتبييض أموال، وشملت العقوبات الامريكية حرمانهم من الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة وتجميد أرصدتهم فيها.
ورداً على التوجه الأمريكي لاصدار “لائحة ماجنيتسكي”، فقد أقر مجلس الدوما الروسي (البرلمان) يوم 15 ديسمبر2012 قانوناً يتضمن فرض عقوبات مالية وحظراً على الأمريكيين الذين ارتكبوا جرائم بحق المواطنين الروس الذين يعيشون في الخارج، أو الأمريكيين الذين كانوا متورطين بجرائم انتهاك حقوق المواطنين الروس في الولايات المتحدة.
وتنطبق أحكام هذا المشروع على المسؤولين الأمريكيين المتهمين بتسهيل عملية الافراج عن أشخاص متورطين في جرائم ضد مواطنين روس، أو باختطافهم أو سجنهم بطريقة غير شرعية، أو المسؤولين الذين نشروا عبارات غير مبررة ومنحازة ضد مواطنين روس، أو شاركوا بأي شكل آخر في الاضطهاد الذي لا أساس له لهؤلاء المواطنين.
وأعدت موسكو “قائمةً سوداء” تتضمن إسم المدير السابق لسجن جوانتانامو الأميرال جيفري هاربيسون، الذي عين موظفاً في القسم الروسي بوزارة الدفاع الأمريكية بتهمة تورطه بانتهاك حقوق الإنسان.
ولم يكد يمضي أقل من أسبوعين على ذلك القانون حتى وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 28ديسمبر2012 على قانون آخر حمل إسم “ديما ياكوفليف” يهدف لفرض حظر على تبني المواطنين الأمريكيين للأطفال الروس، وعلى نشاط منظمات تقوم بانتقاء الأطفال الروس داخل روسيا وتسليمهم لمواطنين أمريكيين لتبنيهم، والقانون الروسي حمل اسم الطفل الروسي “ديما ياكوفليف” الذي توفي في الولايات المتحدة عام 2008، بعد أن نسيته أمه الأمريكية بالتبني داخل سيارتها، وسط حر شديد.
وقد بلغ عدد الأطفال الروس الذين تم نقلهم من روسيا للولايات المتحدة لأغراض التبني 3400 طفل في عام 2011 وحده، ويعيش أكثر من ثلاثة ملايين روسي في الولايات المتحدة الآن، وتمثل الجالية الروسية حوالي 1 % من سكان الولايات المتحدة.
ووصل توم دونيلون مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي إلى موسكو اليوم الأحد 14 أبريل، في زيارة تستغرق يومين يلتقي خلالها سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، ونيقولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن الروسي، ويوري أوشاكوف مساعد الرئيس فلاديمير بوتين.
كما يتوقع أن يسلم دونيلون بوتين رسالة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما وكانت كاثلين هايدين الناطقة الرسمية باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي قد أعلنت أن زيارة مستشار أوباما إلى روسيا تتيح فرصة لإجراء مشاورات بين المسؤولين من الجانبين قبل اللقاء المرتقب بين بوتين وأوباما على هامش قمة مجموعة الدول الثماني الكبرى في ايرلندا الشمالية.
وتلقّى الكونجرس الأمريكي الجمعة قائمة من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما تضم أسماء 18 شخصاً يشتبه بضلوعهم في انتهاكات لحقوق الإنسان داخل روسيا، وتحوي القائمة 16 شخصاً لهم صلة مباشرة بقضية الناشط الروسي سيرجي ماجنيتسكي وشخصين آخرين ،وسيخضع الأشخاص المدرجة اسماؤهم في القائمة لحظرعلى منح تأشيرات دخول، وتجميد أي أصول مملوكة لهم في الولايات المتحدة.
وزارة الخارجية الروسية من جهتها أسفت للضرر الذي لحق بالعلاقات الروسية -الأميركية بعد نشر واشنطن لـ”قائمة ماجنيتسكي” التي تفرض عقوبات على عدد من المسؤولين الروس.
وردّت موسكو بالمثل ونشرت قائمة تضم 18 أميركياً يمنع دخولهم الأراضي الروسية، موضحة أنهم متورطون في إضفاء شرعية على أعمال التعذيب بمعتقل جوانتانومو الأميركي وقيامهم باعتقالات واختطاف مواطنين روس في دول أخرى.
ونقل بيان صدر يوم السبت 13 أبريل عن ألكسندر لوكاشيفيتش الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية قوله، إن الجانب الأمريكي وفقاً لبنود “قانون ماجنيتسكي” نشر أسماء مواطنين روس تفرض عليهم عقوبات مالية إضافة لحظر السفر إلى الولايات المتحدة ،وإن موقفنا المبدئي من هذه الخطوة “غير الوديّة” معروف جدياً، ونحن نعتبرها “ضربة قوية” للعلاقات الثنائية والثقة المتبادلة.
“لائحة ماجنيتسكي ” كانت محل أزمة سابقة كذلك بين روسيا وبريطانيا، ففي سبتمبر من العام الماضي أرسلت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي، قائمة بأسماء 60 مسؤولا روسياً إلى السفارة البريطانية فى موسكو، لمنعهم من دخول الأراضي البريطانية على خلفية القضية.
وذكرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية وقتها، أن القائمة السوداء تضم أسماء قضاة ومسؤولين بالخدمات الأمنية ومكتب النائب العام فى روسيا، قامت بإعدادها لجنة بالكونجرس الأمريكي، وتم إرسالها إلى السفارة البريطانية فى موسكو، وسيتم العمل بها، عند تقدم هؤلاء المسؤولين بطلبات الحصول على تأشيرة الدخول إلى الأراضي البريطانية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.