حروب الكراهية الافتراضية: «غوغل» مسرحاً لهاشتاغ «داعش»

صحيفة الحياة من لندن:

يعتـــمد «داعــــش» على آخر ابتكارات الإعـلام الــــبديـــل والتقنيات الإعلامية الإلكترونية كسلاح أساسي يوازي التقنيات الحربية، ويوسع حضوره في الإعلام الافتراضي ويطوره كأي شركة كبرى أو حزب سياسي يدير حملة علاقات عامة.

حروب الكراهية الافتراضية: «غوغل» مسرحاً لهاشتاغ «داعش»ويتفق خبراء النيوميديا على أن لجوء الجماعات الجهادية إلى وسائل الاتصال الاجتماعي ليس، أمراً مفاجئاً أو غير متوقع، لا سيما أن المعركة الإعلامية توازي بضراوتها المعركة العسكرية على الأرض، ولكنهم يعتبرون أن السيطرة على الموصل شكلت منعطفاً نوعياً في حضور التنظيم الافتراضي، فقد واكبت تقدم مقاتليه نحو المدينة تغطية غير مسبوقة على «تويتر» بلغت أوجها مع دخولهم المدينة التي يقطنها حوالى مليوني عراقي، إذ نشرت 40 ألف تغريدة عن المعارك في «تويتر» في يوم واحد.

 

وتعقب الباحث في قضايا الإرهاب جي إم بيرغر نحو 3 ملايين تغريدة من 7500 حساب من شبكات جهادية على تويتر استخدمت أربعة «هاشتاغات» جهادية معروفة وهي # داعش و# جبهة النصرة و# الجبهة الإسلامية. وانتشرت هذه التغريدات عبر تطبيق «فجر البشائر» الذي أطلقه التنظيم لموقع «تويتر» و الذي يمكن تحميله على جهاز «أندرويد» على الكومبيوتر وينشر على حسابات مستخدميه تغريدات و «هاشتاغات» وروابط وصوراً يختارها مبتكرو التطبيق، وهم أشخاص يشكلون ذراعه الإعلامية.

 

ويظهر محرك «غوغل» أن عدد الروابط الخاصة التي تحوي اسم تنظيم «داعش» في المواقع العربية الإلكترونية والصحف وشبكات التواصل الاجتماعي يصل إلى نحو 4.2 مليون نتيجة، وهو رقم يزداد باضطراد. كما يبرز انتشار التنظيم على موقعي «تويتر» و «فايسبوك» من خلال عبارات «هاشتاغ» محددة يستخدمونها مثل «الخلافة الإسلامية» أو «باقية وتتمدد»أو علم التنظيم الأسود. ويشير تقرير غربي إلى ارتفاع عدد أفلام الفيديو التي يبثها التنظيم على «يوتيوب» والمواقع الإسلامية الأخرى إلى رقم هائل يصل إلى أكثر من 47 مليوناً، تصور عمليات قتل وإبادة وسحل وتنفيذ أنواع مختلفة من العقاب على خرق التعاليم الدينية أو الإساءة إلى التنظيم من أفراد أو جماعات يقطنون في المناطق التي تقع تحت سيطرته في العراق وسورية.

 

قوة افتراضية

 

ويعتمد التنظيم مرونة فائقة في تنويع حضوره في الإعلام الافتراضي للوقاية من الهجمات الإلكترونية أو الحجب، ولمنع تحجيمه تمهيداً لمحاربته، فإلى جانب حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كرسها لنشر بياناته ومواقفه وإعلان المسؤولية عن الهجمات التي ينفذها، يقوم مئات المقاتلين والمناصرين بنشر شتى أنواع المواد التي تساعد في تحقيق هدفين يسعى إليهما وهما: تجنيد الأنصار، وترويع الأعداء بواسطة ما يبثه عبر «يوتيوب» ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى من صور وتسجيلات فيديو للمجازر البشعة التي تصور دفن الضحايا، وهم أحياء مثلما حصل للجنود العراقيين في 17 حزيران (يونيو) الماضي ومشاهد قطع رأسي الصحافيين فولي وسوتلوف، ومن بعدهما حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.

 

ويقول أحد الذين انشقوا عن التنظيم لشبكة «سي أن أن» أنه كان يجند الغربيين من خلال رسائل مباشرة على «تويتر». ويكرس «داعش» جهداً كبيراً من نشاطه الإلكتروني من أجل الاتصال بشعوب من الصعب الوصول إليها كون المسلمين الغربيين بغالبيتهم لا يتكلمون العربية.

 

وفي مرحلة لاحقة، بدأ التنظيم تركيز اهتمامه على نوعية مادته الإعلامية، لا سيما بعد انخراط محترفين ومتمرسين في الإخراج السينمائي، ما ساعده على إنتاج أفلام ذات جودة فنية عالية متجاوزاً الكليبات غير الواضحة والمرتجفة التي كان ينشرها تنظيم «القاعدة» والجماعات الأخرى. والواقع أن الفيديوات التي يبثها التنظيم عالية الجودة ومصوّرة بتقنية (HD)، وتحتوي على رسوم غرافيكية معقدة. كما أن غالبيتها مسجلة باللغة الإنكليزية بهدف تجنيد الشباب في المجتمعات الغربية. وقد تجاوز عدد القصص التي نشرت على الإنترنت متضمنة عبارة «الدولة الإسلامية» بالإنكليزية 40 مليوناً وبالعربية 60 مليوناً.

 

وتشير تقارير إلى أن التنظيم بث خلال الأشهر العشرة الأخيرة أكثر من مليون تسجيل فيديو على اليوتيوب والإنترنت. ورصد خبراء غربيون أنه بعد أن كان تنظيم «القاعدة» يستخدم المنتديات المغلقة والسرية للغاية، لجأ «داعش» إلى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والدعاية التحريضية، وفي شكل خاص «تويتر» في تطور غير مسبوق.

 

وعزا الباحث في معهد واشنطن آرون زيلين هذا التبدل إلى تحول الكثير من هذه المنتديات إلى هدف لاستخبارات دول غربية متعددة انتهت بإغلاقها. ويعد منتدى «شموخ الإسلام» من أهم المنتديات التي أغلقت عام 2012. وكثف عدد كبير من المنتمين إلى «داعش» جهدهم لإنشاء حسابات على «تويتر» وإلى حد ما «فايسبوك»، لأنه من السهل إنشاء حسابات جديدة عليه، بعد قيام «تويتر» بشطب الكثير من هذه الحسابات لنشرها تهديدات بالقتل. وأطلق «داعش» حملة دعائية عبر «تويتر» سماها «حملة البليون» لاستقطاب أكبر عدد من المؤيدين.

 

http://alhayat.com/Articles/8200422/حروب-الكراهية-الافتراضية---غوغل--مسرحاً-لهاشتاغ--داعشوتشير وثائق رسمية بريطانية إلى «أن الشرطة البريطانية صادرت أكثر من 28 ألف مادة إلكترونية ذات صلة بالإرهاب، تضمنت 46 تسجيل فيديو صدرت عن هذا التنظيم. ونقلت جريدة «واشنطن بوست» عن البروفيسور في الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، بروس هوفمان قوله: «إن الإرهابيين نجحوا في استغلال الإنترنت كوسيط لتجنيد الإرهابيين»، وأكد أنه «لا توجد وسيلة عقلانية لإيقاف ذلك».

 

وكان «داعش» شرع في تكثيف حضوره في وسائل الاتصال الاجتماعي لكسب المتطوعين منذ حزيران 2014، مستخدماً لهذا الغرض فيديوات وبيانات تعكس تمدده الجغرافي في العراق وسورية ودول عربية وأفريقية أخرى، وعارضاً منجزاته العسكرية في سياق استراتيجية واضحة المعالم لكسب الرأي العام ولرفع منسوب صدقيته، حتى أنه فاجأ العالم بجعل الصحافي البريطاني الرهينة جون كانتلي وسيلته للوصول إلى المشاهد الغربي، حيث ظهر على «يوتيوب» وهو يقدم ريبورتاجات متجولاً في شوارع مدينة الموصل والرقة السورية، ويقود سيارة ودراجة نارية تابعة لشرطة «الدولة الإسلامية».

 

ويرى الباحث في مركز بروكينغز تشارلز ليستر «أن داعش نما وتطور من مجرد مجموعة إرهابية صغيرة إلى تنظيم بيروقراطي يسيطر حالياً على آلاف الكيلومترات المربعة ويسعى إلى أن يحكم الملايين من الناس».

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.