حزب الله في وجه الارهاب والشرق الاوسط الجديد – تاريخ الارهاب (ج1)

موقع الوقت التحليلي:

الأحداث الجارية في الشرق الاوسط , حرب عالمية في منطقة تتوسط القارات الثلاث, المنطقة الاستراتيجية التي تشكل قلب العالم النابض الذي كان وما يزال موضع مطامع غربية كبيرة.

الأطماع الغربية وعيونها على تلك المنطقة قديمة جديدة  يحكيها التاريخ القديم والحديث. متناول حديثنا في التاريخ الحديث, حيث اجتاحت الشرق الاوسط الاطماع الغربية تتقاسم هذه المنطقة كما تتقاسم الذئاب الفريسة, عبر مشاريع متعددة الرؤوس هدفت بداية الى الاستفادة من الانتداب الفرنسي البريطاني للمنطقة, لايصال حكومات وحكام الى هرم السلطة في دول المنطقة, حكام يدفعون كل ما يريده الغرب من اجل الحفاظ على الكرسي وتجميع الثروات وتوارث السلطة عبر الدعم الخارجي والتغطية مقابل رعاية المصالح الخارجية ووضعها فوق كل اعتبار, ويستعدون للتضحية بكل شيء مقابل رعاية مصالحهم وتثبيت حكمهم ولو كان ذلك على حساب مصالح دولهم وشعوبهم وقضايا امتهم.

  تطور المشروع الغربي وسط نجاح في تثبيت حكومات دول مؤثرة كالسعودية والاردن وما تبعها من دول الخليج الفارسي ومصر لاحقا. فكان انجاز المرحلة الاولى, التي مهدت للمرحلة الثانية وهي زرع الكيان الاسرائيلي على الارض الفلسطينية العربية ليكون سيدا  وسط دول حليفة له ولكن ضعيفة المقومات ويصبح  الكيان الاسرائيلي الدولة الراعية للمصالح الغربية في تلك المنطقة فانتهى الانتداب الغربي الاصيل حينها وبدأ زمن الكيان الاسرائيلي الوكيل.

 فتهافت الخيرات الغربية على الكيان الاسرائيلي, في ظل تسخير مقدرات دول المنطقة عبر الحكومات المتخاذلة لخدمة الدولة المصطنعة الجديدة, وهذه المرحلة ايضا تمت بنجاح وسط تخاذل الانظمة العربية تلك وتأدية دورها باخلاص عبر اقناع منظمة التحرير بمغادرة فلسطين والاعتماد على العرب لحل القضية الفلسطينية واستغراق الاخيرة في اعطاء الثقة لمن خانوا اصل القضية واستعاضوا بعد تسليم الامانة للغرب, باطلاق حملات تضييع وتمييع القضية فيما عرف بالمفاوضات التي كان لها الاثر الاكبر في وصول الكيان الاسرائيلي والمنطقة الى الوضع الحالي.

وما ان وضع الكيان الاسرائيلي اقدامه على الارض العربية وفي الشرق الاوسط بمعاونة الغرب ودعمه وحمايته وخذلان الحكومات العميلة,  بدا الكيان الاسرائيلي  يسود شيئا فشيئا واخذ  من سياسة فرق تسد نقطة اعتلام,  وبدأ ببث النعرات الطائفية والعرقية والمناطقية التي استعرت واشتعلت في المنطقة , وبدأت الحروب وانطلاقة عصر وفصل من فصول الارهاب المحصن بدولة وعملاء حولها. فكانت بداية زمن الارهاب في الشرق الاوسط.

 لكن شيئا خارج حسابات الفراعنة الجدد حصل , حيث خرجت من تحت صخور القهر والظلم, ودموع شيوخ واطفال حرمت تراب الوطن وسلبت اجمل واروع احساس المواطنة, واكل الشتات امنها وسعادتها, ومحى الشقاء ابتسامتها, وهي تشاهد ارتفاع ناطحات السحاب والحدائق المعلقة في دول النفط, وازدهار حيفا وتل ابيب وجنة الخلد الاسرائيلية على التراب الفلسطيني, فلم تجد نفسها الا وفي اليد حجر والقلب حرارة للانتفاضة.

 حينها اتخذ المكر وجها اخر,  فصار الاعلام يصور من يحمل الحجر قهرا ارهابيا ضد السلام. فصار الحجر ارهابا والانتفاضة من قلب محترق ينشد الحياة التي سلبت منه في وضح النهار تحت أعين الامم المتحدة ومجالسها العفنة العمياء، محاربا للسلام, واصبح يطلق على الفلسطيني لقب ارهابي وعلى المستوطن الغربي الذي يسكن بيته ويسرق ارضه ويتنعم بخيرات بلاده مواطنا له حقوق !!

لكن, من كان مسلوب الكرامة لم تأخذه في الحق لومة لائم, فمن اعين القهر والظلم ولد احرار متمردون, خرجوا من رحم الارض كما يخرج النرجس من بين الصخور, يشق طريقه الى وجه الشمس, كما شقت المقاومة طريقها الى النور.

 ومع انتصار ثورة ليست عربية, وليست شرقية ولا غربية, انما اسلامية أصيلة حقيقية, الثورة الاسلامية المباركة بقائدها العظيم الذي ما زال التاريخ والحاضر يجسد حكمة وثقابة ووضوح رؤيته وبعد نظره, ثورة هزت عروش الغرب وصغارهم العملاء,  ثورة ناصر المستضعفين الامام روح الله الموسوي الخميني, الذي كان له حينها كلام الفصل الذي اعاد فيه كل الحسابات الغربية والحقائق المطوية المقلوبة للوراء , فأطلق شعاره ان رأس الارهاب الغدة السرطانية اسرائيل التي يجب اقتلاعها من الوجود لانها مشروع كبير جدا لن يترك في المنطقة بيتا عامرا.

 فكان حدث  بزوغ فجر المقاومة الاسلامية اللبنانية حزب الله بدعم الجمهورية الاسلامية الايرانية وتوجيهاتها, حركة  مقاومة تميزت عن باقي الحركات بأصالة فكرها وانتماءها, وصوابية وحكمة رؤيتها التي استمدها من وحي الثورة الطاهرة للشعب الايراني الأبي, وصدقية توجهاتها وبصيرتها وجذرية شعاراتها.

 وبدأ العد العكسي للحلم الغربي وبدأت رحلة تشخيص الارهاب بدقة وانتزاع الحقوق بالقوة واعادة صياغة المشهد في المنطقة وفق ارادة شعوب تتوق لاستعادة كرامتها بزنود شبابها السمراء ودمها الاحمر.

 وكان حزب الله بانتصاراته المتتالية التي كان يخرج منها مكبدا الكيان الاسرائيلي هزيمة وراء هزيمة يدق فيها مسمارا تلو المسمار في نعش الكيان الارهابي.

 ومع تجربة رائدة ونشأة استثنائية, أصبح الحزب تنورا جهاديا تقتدي فيه العديد من حركات التحرر في فلسطين واجتاز الحزب الطابع الشيعي واجتاح الساحات السنية التي اعتبرها الحزب ضمن مسؤولياته فمد يد العون الى فلسطين السنية, ليؤسس تجربة فريدة لحركة شيعية متدينة تجتاح العالم العربي وتخرق حدود الطوائف وتصبح السند والقدوة للشباب العربي الطامح لاستعادة طعم العزة والكرامة التي سلبه  اياه الكيان الاسرائيلي  ومن  معه  من حكام القصور العميلة, فأبصرت الأمة العربية والاسلامية طريق لبتر يد الارهاب واقتلاع قلعته المصطنعة العدو الصهيوني بنهج واسلوب فعال, وتجربة يلتمس الأحرار  نتائجها على الارض.

وبعد وصول الحربة الى عنق الكيان وخروجه من لبنان, وبعده غزة التي كررت انجازات مقاومة لبنان على طريق الانتصار العظيم, وما تلاها من تحركات على مستوى الضفة الغربية واراضي ١٩٤٨ , ووصول الكيان الى مراحل خطيرة جدا تهدد وجوده, وهذا ما كتبنا حولها في مواضيع مستقلة تصف حالة الوهن والشلل التي تصيب الكيان الاسرائيلي , واضطرار الغرب وامريكا الاب الاول للكيان الصهيوني ومن معها من دول غربية للتدخل لحماية ابنها الذي تتداعى قدراته امام ضربات المقاومة في المنطقة.

فكان البديل تفويض  الكيان الاسرائيلي بحروب كبرى  شنها على حزب الله انقلبت خسارة استراتيجية  له  واظهرت ضعفا كبيرا يعبر عن وهم يحيط وجود كيانه, تلتها حروب غزة التي قضت على اخر قدرات الفعل والردع الاسرائيلي .

 هذه النتائج اضطرت امريكا للتدخل المباشر,عبر مشروع الشرق الاوسط الجديد , مشروع عبر عنه ساستها وكبار منظريها , بدأت معالمه تطل عبر مشروع ١٥٥٩ الذي زكاه مشروع اغتيال الحريري  الزعيم  السني الفاعل,  وعلى ظهره  مشروع المحكمة الدولية الذي وجه اتهامات زور مشبوهة وما رافق تلك المرحلة من اغتيالات سياسية وولادة تيار ١٤ اذار الذي ولد على خلفية الانسحاب السوري من لبنان , وبروز خطاب طائفي من قبل تيار ١٤ اذار واتهام الحزب بالاغتيالات والتعاون مع النظام السوري الحليف, وهذا ما اشعل بذرة الحديث الطائفي من جديد واعاد الحديث في الوسط العربي واللبناني عن حزب الله الشيعي وتعمد التعرض للحزب بمفردات طائفية واظهاره بانه يهدد الطائفة السنية وينفذ مشروعا ايرانيا كبيرا اطلق عليه مشروع الهلال الشيعي , وأطلق حديثا يعيد اخراج حزب الله من اطاره العربي الاسلامي لحصره في اطار حركة شيعية ضيقة, وهذا ما أمن غطاءا لاعتداء علم ٢٠٠٦ الذي خرج منه الحزب أكبر وأقوى, مما اضطر محور الغرب  وحلفاؤه  في الداخل الى الانتقال الى مرحلة متطورة تقتضي توريط الحزب بحرب داخلية مع السنة , تم التجهيز لها واستجرار الحزب الى مواجهة عبر استهداف شبكة الاتصالات التابعة للحزب التي يستفيد منها الحزب لحجب التنصت الاسرائيلي عنها, وما تبع ذلك من مناوشات نفذ فيها الحزب عملية جراحية نظيفة ثبت فيها قواعد وحدود للعبة عبر ما عرف ب ” ٧ ايار” الذي استأصل فيه الحزب مجموعات شبابية استجلبت من مناطق شمال لبنان الى بيروت لمواجهة الحزب فقام الحزب بتفكيك هذه المجموعات واقفال الطريق امام الفتنة من اول اطلالة عملية لها.

 وسط هذا الوضع وثبات الحزب وعدم تأثره بل خروجه بصورة اكثر حصانة ومناعة, تم تحويل وجهة الاستهداف الى غزة حيث تم شن حرب عنيفة عليها باءت بالفشل ايضا.

 فكان لا بد من تغيير اصول اللعبة من قبل امريكا والغرب, للالتفاف على العجز الاسرائيلي عبر استكمال مراحل من الشرق الاوسط الجديد تفعل وتوضع حيز التنفيذ وفق مسار الامور والمتغيرات. فماذا بعد في الجزء الثاني من “حزب الله في وجه الارهاب في الشرق الاوسط الجديد _ تاريخ الارهاب (الجزء الثاني) “.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.