حماة الديار صناع النصر.. وجنيف 2

syria-geneva2-officieldelegation

موقع إنباء الإخباري ـ
دمشق ـ سمر عبود:

“الكل يسمعني … أنا ماني منشق … وقوّصني هلأ”

قالها ضابط من أسرى الجيش العربي السوري في كلية الشؤون الإدارية بحلب بوجه مرتزقة الحرية.. أطلّ بوجهه المشبع ضرباً، يأبى الخضوع، يقول بأعلى صوته لست منشقاً، فيسأله أبناء الظلام: وهل تقول هذا من اجل عائلتك فيقول “من شان الله ” متحديا الموت الذي يقطر من بين أحداقهم.

هذه واحدة من سلسلة حكايات بطلها الجندي السوري الذي يحارب العالم أجمع منذ قرابة الثلاث سنوات.

فما زال هذا الجيش يتقدم على جيوش من الإرهابيين، مُدَّت بالعتاد والسلاح، وبعقيدة تشرّع القتل وقطع الرؤوس وشيّ الاجساد واغتصاب النساء.

هذا الجيش الذي قدم من خيرة شبابه فداء لوطن هو من وضع حروف الصمود على سطور جنيف المنعقد اليوم، فالجيش هو الذي أقام أعمدة النصر خلال جولات وجولات، وهو الذي انتصر من أجل الوطن.

تطرق باب مخيلتي من جديد صورة كنت قد كتبت عنها عن أبطال الجيش، فمنذ مدة ظهر فيديو عرض أمامنا أبطالاً من جنودنا، وهم شهداء مشفى الكندي في حلب، جنوداً قهروا الموت بالموت وقاموا، حقاً قاموا، نهضوا بنا إلى الأعلى.

كثير من الجنود استشهدوا منذ أيام قليلة، دفاعاً عن صيدنايا وحلب وغيرها من المناطق، فمن هم هؤلاء الجنود وما هو محرّكهم، ولمَ ينشدون الموت دون خوف ولا ريبة؟ ألم يملّوا، ألم يتعبوا؟ ألم ترهقهم الليالي ولا الجروح ولا أنين رفاق السلاح ولا نزف وطن؟

هؤلاء الجنود هم أناس بسطاء، فضّلوا الوطن على كل شيء، على الحياة والرفاهية وحق النوم والاستحمام والطعام وغيرها، زادهم هو عقيدتهم التي تستنشق عطرها من المقاومة، من محبة الوطن. منهم من أوقف دراسته وأتى طوعاً إلى الجيش طامحاً بالشهادة، وطامحاً بدرء شبح الموت عنه.

أتذكرون محمد الضاهر، ذلك الشاب الذي كتبته فوق سطوري المرة الماضية؟ ها قد خضع لعملية، وغداً سيخضع لأخرى، ينام على سرير حديدي، وابتسامته تُخضع الألم. كلما كلمته يقول لي أنا بخير، لم أسمعه يوماً يتألم أو يشكو لي، بالرغم من أنني أعرف أن الألم يعتصره.  ذلك الشاب لا يزال مصمماً على العودة ويرفض التسريح بأي حال من الأحوال، هو ورفاقه الذين ينتمون إلى كل الطوائف ومن كل المناطق، بخلاف ما يقول الإعلام. هم أنبياء هذا العصر وملائكة تمشي على الأرض.

هؤلاء هم حماة الديار، الذين يسكنون العراء ويلتحفون نسمات الهواء ويساهرون نجوماً تساقطت على كتف القمر. هم من يقدمون سطوراً من بطولات سيذكرها العالم طويلا.

منذ الأمس ونحن نتابع باهتمام مجريات جنيف 2، فهل حقاً ستتفاوض تلك الوفود القادمة؟ وماذا سيقدم الوفد السوري؟ إن كان منتصراً فالجيش كتب النصر، وما زال يكتب سطوره على كل رقعة من الأرض.

ماذا سيقدم لنا جنيف؟

برأيي المتواضع جنيف 2 ما هو الا مسرحية لإرضاء المشاهد، فالنتيجة قد كتبت هنا، على يد حماة الديار، وبقلم سورية فقط، ونتائج جنيف المعلومة مسبقاً قد تباحث فيها الكبار طويلاً، وأقصد بهذا سوريا روسيا وإيران، مع أمريكا، فهي التي تحارب هنا بواسطة عملائها. فما يحصل هنا أيها السادة ليس ثورة ولا طلباً للإصلاح. ما يحصل هو حرب بالنيابة، فكيف لا يتحاورون مع السيد؟

وبرأيي أن الحوار أثمر عن نصر سوريا دون أدنى شك، وبقاء سوريا شوكة في حلق كل من أراد أن يصنع “شرق أوسط” جديداً، مخلفاً إسرائيل، الدولة القوية الوحيدة، بعدما دمر كل الدول العربية. أما سوريا فهي أثبتت أنها عصيّة.
نعم نزفت، نعم خسرنا الكثير، لكننا صامدون وأقوياء، وحلفاؤنا جيدون.

كيف سيفاوض السيد عبداً؟ فوفد الائتلاف أعلن بدايةً أنه لن يفاوض، ومن ثم يقرر أنه موافق، فكيف يقول العبد لا حين يقول السيد نعم؟
لن ننكر أنه ربما يكون ثمناً لجنيف، ولكن أنا ـ وغيري الكثيرون ـ كما وثقت بجيشي الصامد الجبار وكما أثق برئيسي الذي أثبت أنه نابغة سياسي، أثق اليوم أكثر من ذي قبل بان قراراتهم ستكون لمصلحة الوطن.

لا بد أن لا ننسى أننا نتعامل مع ساسة كبار، يبرعون في فن التفاوض ولا يحتاجون إلى دروس فيها، فإن المعلم وغيره ملوك في الإغراق في التفاصيل، وهنا أود أن أشير لمسألة الاستفتاء التي تفتح باباً للشعب أن يقرر، وهذا ذكاء سياسي حين تقول نعم للتفاوض، لكن كل النقاط سنضعها تحت مجهر الاستفتاء.

حتى وجود أو عدم وجود ايران ليس ذا اهمية، فها قد أصبحت الأمور جليّة أكثر الآن، فحين قررت واشنطن رفع بعض العقوبات التي ستلحقها إلغاءات أخرى هذا يعني أنها عنصر فاعل في المفاوضات.

توقيت انفجار بيروت اليوم ليس مصادفة، فهو إفلاس، لأن السعودية فشلت بكل ما فعلت حتى الآن، وهنا أرادت أن تحاول أن تنفس عن غضبها العارم في فشلها.

نهايةً، أحب أن أقول إن نتيجة جنيف ستكون ـ كما أرى ـ قراراً بتشكيل حكومة وطنية مؤقتة  لن يكون فيها أحد من معارضة الخارج، ووقف القتال على الأراضي السورية، ورفع العقوبات ومحاربة الإرهاب كنهج وقرار دولي، ما يعزز  مكانة الدولة ويعطي الجيش الصلاحية أن يتحرك بشكل حر أكثر لأنه لن تكون هناك رقابة دولية، ولا مهاترات مثل اتهامه بقتل المواطنين، فحين يتفقون أن على الدولة محاربة الإرهاب فمن سيقول غير هذا، ومن سيخلق الأعذار للتدخل الخارجي؟
أنا على ثقة أنه لن يكون هنالك تدخل قوى خارجية. روسيا وايران حلفاء، فالأمر من دمشق يصدر والنصر بأقدام ملائكة يكتب، وهم حماة الديار.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.