خطاب الأسد ومهام المرحلة

assad-kassam-speech

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

من أبرز ميزات خطاب القسم الدستوري للرئيس الدكتور بشار الأسد انه جريا على عادته كان موضوعيا وواقعيا للغاية في رسم الأهداف المباشرة مبتعدا عن إنشائيات الخطابة ومبالغاتها الدارجة وهو بهذه السوية يقيم تواصلا حيا مع الشعب العربي السوري ويعبئه بمضمون المهمات المرحلية من غير اوهام لأننا في غمار الحرب المصيرية ومعاركها المتواصلة فلا وعود ولا أوهام ولا تعابير انتصارية من خارج الإمكانات الواقعية لمسار الكفاح السوري ضد حلف العدوان وقوى الإرهاب والتكفير وأمراء الحروب .

أولا  الأسلوب الواقعي الذي يميز خطب الرئيس بشار الأسد منذ انطلاق العدوان على سورية بات ميزة نوعية فلم يسبق لهذا القائد ان اعتمد المبالغة او التبسيط والتخفيف المتعمد في توصيف التحديات أم في توقع الإنجازات مما يشهد لارتباطه الوثيق والعميق بواقع سورية ومعرفته الدقيقة  لقدرات الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة وإمكاناتها الفعلية في جميع المجالات.

ركز خطاب القسم الدستوري على مبدأ الحرب على الإرهاب كإطار شامل للمواجهة التي تتداخل في صلبها وتتزواج أدوات الحسم العسكري والمصالحات المحلية المكرسة لإخراج المتورطين السوريين من صفوف الجماعات الإرهابية التكفيرية متعددة الجنسيات وفي الواقع السوري قدمت الدولة الوطنية بتوجيه من الرئيس الأسد نموذجا يتصف بالمصداقية في جميع المناطق التي شهدت مصالحات محلية.

منطق المصالحات المحلية دقيق ومختار على قياس الخصوصية السورية لأن ما يجري في سورية هو مواجهة بين دولة وطنية مركزية وجماعات من اللصوص والمرتزقة والإرهابيين والمسلحين المتمردين الذين جرى تجميعهم محليا منذ العام 2011 وليس الصراع مع معارضة ذات برنامج ومكونات على المستوى الوطني العام ومن هنا فالمصالحات المحلية هي أدوات الفك التي تستخدمها الدولة الوطنية السورية لاسترجاع المتورطين إلى حضنها ومن ضمن الأدوات قرارات العفو الحاضنة لخط المصالحات بالتوازي مع نجاح القوات العربية السورية في ترجيح كفة الميزان القتالي والميداني تأسيسا للمصالحات.

ثانيا  قدم الرئيس بشار الأسد في خطابه اولوية مكافحة الفساد في مضمون عملية الإصلاح الداخلي وكان موفقا في الربط بين الفساد الإداري والمالي وبين نتيجته السياسية الواصلة حد الخيانة الوطنية وفي الواقع السوري كثير من الأمثلة والنماذج التي تؤكد تلك الحقيقة فالعديد من كبار الموظفين والمسؤولين الذين تحولوا إلى “منشقين” وأفرزتهم تجربة الصراع الصعبة التي تخوضها سورية كعملاء لحلف العدوان يمثلون نماذج معبرة عن تراكمية الفساد وتحولاته .

وقد أراد الرئيس الأسد ان يرفع من سقف النضال ضد الفساد في هذه الفترة بالذات حيث تتقدم قضية الدفاع عن الوطن وهو يعبيء الشعب العربي السوري  بضرورة التصدي لآفة الفساد الذي قد يبدأ بالرشوة وينتهي بالعمالة والخيانة لأنه أصلا يقوم على مبدأ تقديم المصلحة النفعية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية والتحلل من أي رادع اخلاقي او مهني وبالتالي وطني.

عرض الرئيس الأسد لأولوية مكافحة الفساد بما يتخطى النصوص والقوانين الإصلاحية موجها الدعوة إلى تثبيت سلوكيات شعبية بالتصدي للفاسدين على أنهم بذرة اختراق خطير تهدد بنيان الدولة الوطنية وصلابتها في وجه العدوان لأنها تقود واقعيا لتشويه صورة تلك الدولة وتنسف مفهوم الخدمة العامة التي هي عصب الدول الوطنية وركيزة صمودها وتقدمها .

ثالثا  مواصلة الحرب على الإرهاب حتى تخليص سورية من جميع عصاباته وأوكاره هي المهمة الأولى الحاسمة التي تحشد لها جميع الجهود والقوى بالتوازي مع مكافحة الفساد وثالث المهام هي إعادة البناء وهنا لم يرسم الرئيس الأسد لشعبه خططا وردية عريضة بل تحدث عن منطقة نموذجية سينطلق فيها العمل هي كفرسوسة بدمشق الكبرى ويقينا فإن العارفين يؤكدون وجود خطط وخرائط تكاد تكون منجزة في مناطق سورية عديدة لكن الرئيس بشار الأسد دقيق وواقعي ويحترم شعبه ولذلك نجده مصمما على التصريح بأهداف ووعود واقعية بدون مبالغات وهو يفضل في نهجه مفاجأة الإنجاز العملي الذي يسبق الوعد على تبرير الوعد المتأخر او المعلق لأي سبب كان وهذا هو نهجه العملي الذي يمتاز بالدقة والتحديد الواقعيين .

من نافل القول ان خطاب القسم حمل تعبيرات سياسية صارمة في قراءة مسار الحرب على الإرهاب داخل سورية وعلى مستوى تطورات المنطقة والعالم حيث الاستنتاج الطبيعي بأن أيا من المتورطين في العدوان على سورية لن ينجو من التبعات والارتدادات وكان البارز في الداخل هو وعد الأسد للرقة وحلب وهذا مضمون امر العمليات اللاحق للقوات المسلحة السورية ولوحدات الدفاع الوطني المشاركة في مسيرة سورية الوطنية الكبرى بقيادة الأسد لدحر امراء الحرب وعصابات التكفير .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.