خطاب السيد نصر الله: إنها معركتنا

nasrallah-victoryday2013

موقع قناة المنار ـ
حسام مطر:

يمكن القول بإختصار بأن سماحة السيد حسن نصر الله قد أكمل اليوم رسم الملامح الأخيرة لمشهد الصراع في سوريا, إنها حرب إقليمية “صافية” على محور المقاومة, هي نسخة محدثة عن عدوان 2006 ولكن على سوريا هذه المرة.  بعد عامين على الصراع في سوريا أصبح الصراع واضحاً, زالت الشبهات والملابسات, المكون الداخلي للصراع يكاد أن يختفي, الأدوار الخارجية أصبحت أكثر من جلية, كل ذلك أتاح لحزب الله أن يتدرج في عرض رؤيته وتصوره وتفسيره للأزمة بالشكل الذي يجعل من العرض موثقاُ ومقنعاً وواضحاً.  تجاوز حزب الله اليوم مع خطاب السيد نصر الله, خط اللاعودة في الأزمة السورية, نزع القفازات البيض التي إرتادها منذ عامين, الحرب في سوريا هي حربه , والهزيمة غير واردة.

إعلان السيد نصر الله اليوم يعتبر من أبرز الإنعطافات في الأزمة السورية, يمكن التأريخ لما قبلها وما بعدها. ليس حزب الله فصيلا مسلحاً بالمعنى التقليدي ولا حزب سياسي تقليدي, هو لاعب إقليمي ذو قوة عسكرية “كاسرة للتوازنات”, وهذا ما سيتضح خلال الأيام والأسابيع المقبلة. لقد حاول المحور الأميركي الإستفراد بسوريا طوال الفترة الماضية, وحاول عزل الله وإيران من خلال التهويل المذهبي, ولكن بعدما أصبحت النوايا الأميركية أكثر من واضحة, لم يعد للمساحة الرمادية أي وزن, هي حرب عنوانها المقاومة. بالإضافة لما تقدم يمكن إيجاز جملة ملاحظات فيما يخص الخطاب:

– سعى السيد نصر الله الى بناء شرعية ووعي خاص بالمعركة في سوريا خاصة من الناحية اللبنانية, فدور الحزب في سوريا ليس توريطاً للبنان في الأزمة السورية, بل العكس تماماً, المطلوب هو حماية لبنان من تأثيرات الأزمة وخاصة القوى التكفيرية.
– كان السيد مهتماً بكسر سردية الخلفية المذهبية لا سيما في مخاطبته للرأي العام العربي والإسلامي, وهذا ما قام به السيد بالإستناد الى الأسس الثلاث لرؤية الحزب للأزمة السورية , إنها حرب أميركية, هدفها محاصرة المقاومة , وان العنصر المهيمن على المعارضة السورية هو المجموعات التكفيرية التي تستهدف السنة والشيعة معاً.
– رسم سماحة السيد الأبعاد الجيو سياسية والإستراتيجية لما يجري في سوريا ولكن بلغة مستساغة من الجمهور, وهي أبعاد لطالما كررها الأميركيون والإسرائيليون على مدى عامين, إسقاط سوريا يعني حصار المقاومة, بما ينتج كسر توازن الردع القائم, بما يتيح للإسرائيلي حينها أن يلجأ للحرب مجدداً. التدخل في سوريا إذن يضمن إستمرار الهدوء على جبهة الجنوب, منطق متفق عليه في السياسة, الهجوم أحيانا يكون من أفضل طرق الدفاع.
– لم يتحدث السيد بلغة الحسم العسكري, وإن أكد على ضرورة الإنتصار وهذا يتحقق بحفظ سوريا من السقوط. المطلوب من دور الحزب هو خلق توازن قوى ووضع ميداني يعزز إمكانية التسوية السياسية وليس تحقيق حسم عسكري, هي محاولة لردع وإقناع المحور المقابل بالرضوخ لمنطق التسوية ووقف التدمير والقتل في سوريا.
– ركز سماحة السيد على مواجهة الحملة النفسية التي تشن على جمهور المقاومة في الأونة الآخيرة, فهذه البيئة لا تزال مؤمنة بوعي وإصرار بهذه المقاومة وكافة خياراتها, بل إنها سبقت قيادة المقاومة في قراءة مخاطر ما يجري في سوريا, أو الأصح أنها كانت تملك هامش التعبير عن هذه المخاوف أكثر من القيادة التي لها حسابات أكثر تعقيداً.

ان المقاومة وبيئتها تخوض المعركة في القصير بكثير من الغصة والأسى رغم العزيمة والثقة في أنها معركة مفروضة لا مفر منها, يفضل هؤلاء أن يقاتلوا العدو الأصيل كما فعلوا أبداً, يفضل هؤلاء عدواً يليق بهم, يفضل هؤلاء أن يستشهدوا بيد الإسرائيلي, ولكن لم يُترك لهؤلاء الخيار, أتاهم العدو متمترساً بأبناء جلدتهم كما فعلت دوما كل قوى الإستكبار. أكثر من سنتين على الازمة في سوريا, يحق فيها للمحور الأميركي أن يزج بكل ما يملك من مقدرات وأدوات قذرة في هذه الحرب خدمة لحسابات إقليمية تتصل مباشرة بالمقاومة , ولكن حين يتدخل حزب الله مؤخراً  ببضع مئات من مقاتليه في منطقة حدودية مع سوريا يصبح هو المعتدي والمفتري والعبثي والمذهبي, لا غوغائية وتضليل بعد ذلك. من الآخر, في آيار 2013 نُعاقب على فعلتنا في آيار 2000, والفطنة أن لا تتجاهل ذلك, فحماية النصر أوجب من النصر ذاته, نقطة إنتهى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.