دقائق عسكرية: حول الجهاز العسكري الذي تم العثور عليه في المنوفية

military-minutes-egypt-israeli

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:

شيء مؤسف بالفعل، تكرر سابقاً ويحدث اليوم أيضاً في الصحافة المصرية وتعاطيها مع الشؤون العسكرية.
الخبر ببساطة هو أن الأهالي فى المنوفية (شمال مصر) عثروا على جهاز مكتوب عليه بالأنجليزية أنه جهاز عسكري إسرائيلي.
صحافتنا المصرية الغراء انبرت في إضفاء مزيد من التشويق و”الإثارة” على الخبر، فتارة تقول إنه جزء من طائرة إسرائيلية، وتارة تقول إن الجهاز في حجم “الميكروباص”، وتارة تقول إنه أحدث حفرة بعمق 5 أمتار، وأنه مصنّع في مصانع الطائرات الأسرائيلية “اعتمادا على ترجمة السطر الأول من الكتابة الأنجليزية”، دون أن يبذل الصحافيون في هذه الصحف مجهوداً لمحاولة البحث عن أي معلومات إضافية حول الموضوع أو حتى سؤال خبراء أو محللين.
أدهشنى أيضاً هذه اللامبالاة من الأهالي الذين وقفوا للتصوير بجانب هذا الجهاز الذي ـ بالتأكيد ولدواعي الأمن والسلامة ـ لا بد من الابتعاد عنه فوراً وعدم التصوير بجانبه!

المدهش أكثر هو أن الخبراء الذين تحدثوا حول الموضوع قالوا كلاما “مضحكاً” في تفسيرهم لماهية هذا الجهاز.
الفريق يوسف عفيفي، قائد الفرقة 91 مشاة، رئيس هيئة البحوث العسكرية، قائد الجيش الثالث الميداني سابقاً قال إنه من مخلفات حرب 1973!
واللواء محمود منصور، رئيس الجمعية العربية للدراسات الإقليمية والإستراتيجية قال إنها دانة مدفع اسرائيلية واتهم حركة حماس بأنها من أدخلتها لمصر!

عموماً، من الصور القليلة جداً المتوفرة حول هذا الحادث، خصوصاً لوحة التعريف المكتوبة بالأنجليزية على الجهاز، وملاحظة تاريخ الصنع الموضح على اللوحة والذي يعود لعام 96، والعازل الحراري الذي يغلف الجهاز من الخارج، توصلت إلى ما قد يكون الماهية الحقيقة لهذا الجهاز.
الجهة المصنعة لهذا الجهاز هي إحدى الوحدات الداخلية في المؤسسة الإسرائيلية الأولى المختصة بالتصنيع المتعلق بالقوة الجوية الأسرائيلية، وهي مؤسسة “صناعات الفضاء الإسرائيلية” التي كانت معروفة سابقاً باسم “مؤسسة الصناعات الجوية الأسرائيلية” (وهذه الأخيرة هي التسمية الموجودة على الجهاز الذي تم العثور عليه لأنه يعود إلى تسعينيات القرن الماضى قبل تغيير اسم المؤسسة) .
هذه الوحدة الداخلية تسمى المجموعة الألكترونية “أم ال أم” وهذه الوحدة كانت في بداية تأسيسها في ستينيات القرن الماضي مختصة حصرا بالصواريخ وأبحاثها، لكن تم توسيعها في بداية التسعينيات لتشمل أنظمة التوجيه والاتصالات والسيطرة وأنظمة الإمداد بالطاقة ومعظم منتجاتها تستخدم في الأقمار الصناعية الإسرائيلية، خصوصاً القمر الصناعي “أفق”، كما تستخدم منتجاتها أيضاً في الأجيال الأخرى من أقمار الاتصالات والتجسس “ايروس” و”عاموس”.

إذاً، الجهاز خاص بقمر صناعي إسرائيلي انتهى عمره الافتراضي وسقط كما يحدث مع الأقمار الأصطناعية المعطلة أو القديمة أو حدث به خلل ما أدى إلى انفجاره أو خروجه من مداره وسقوطه… ولا علاقة له أبداً بالطيران الحربي الإسرائيلي ولا “اختراق عسكري” لمصر وأجوائها كما حاول بعض “السذج” الترويج.
نصيحة للزملاء الصحفيين وللكل ..”اتعب نفسك شوية وفكر وابحث”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.