دلتا نتنياهو تحكم كييف..

ukraine-israel-flags

صحيفة الديار الأردنية ـ
مروان سوداح:

في الأحداث الاوكرانية، خيوط كثيرة، وأذرع عديدة تلعب في ساحة “ميدان” الاستقلال، وفي ميادين أوكرانيا المختلفة، مدنها وقراها، وعلى شواطئها السوداء الجنوبية الدافئة. أحد تلك الأذرع هو الذراع الاسرائيلي الصهيوني لحكومة بنيامين نتنياهو، التي تكشّف ضلوعها المُباشر والمتكتم في عملية سرية كبرى على اوكرانيا الشعب والمؤسسات، ولمحاولة توريط الروسيا في صراع اوروبي ودولي كبير، ولمُراكمةِ المكاسب الصهيونية، وأولها، تكثيف عملية تهجير اليهود الاوكرانيين الى الدويلة الاسرائيلية، بعد تبيّن “الخطر” الديمغرافي الفلسطيني، الذي يُسمونه عادة بـ”القنبلة الديمغرافية الفلسطينية”، التي تُهدد بالإطاحة بالدويلة الشريطية الساقطة إستراتيجياً والصغيرة مساحةً، “إسرائيل”، والكبيرة إستخبارياً وصناعةً حربيةً ومَجمعاً مخابراتياً دولياً، تمتد أذرعه الى مختلف دول العالم ومجتمعاته الانسانية، شرقاً وغرباً.

إلى جانب ذلك، يَكمن الهدف الإستخباراتي والسياسي الإسرائيلي السري في خلخلة حُكم الرئيس فلاديمير بوتين، وسعياً وراء تفريغه من اندفاعاته السياسية والاقتصادية والدولية وتحالفاته، وإنتقاماً منه لإطاحته بسلطة التابعين لإسرائيل وصهيونيتها الدولية من رؤساء البيريسترويكا “الروس” السابقين وبطانتهم، ممّن أتبعو موسكو عنوةً للموساد ولعددٍ من آخر من أجهزة الاستخبارات الأجنبية. وفي القمّة الحاكمة الاسرائيلية صَمتٌ مطبق، وابتعاد إعلامي كامل عن التورّط العلني أو المكشوف في الأحداث الاوكرانية الجارية. وتتخذ تل الزهور موقفاً مُستغربَاً وغير تقليدي لها لم تتخذه الدويلة في أية أحداث عالمية أُخرى، منذ سنوات طويلة. مما يَشي بأن “إسرائيل” بدأت “عملية القرن” لربط اوكرانيا والدول السوفييتية السابقة الاخرى المعَارِضةِ بعجلتها القهرية، ويَلعب فاشيو وهتلريو اوكرانيا “البنديروفيون” المحليون والألمان وحركتهم الاممية، دور رأس الحربة في تلك الأحداث الجسام، فصار زعماؤهم يُطلّون برؤوسهم بلا وجلٍ ولا خشيةٍ من محاكمة، ليس في اوكرانيا حصراً فحسب، بل وفي عددٍ آخر أيضاً، من دول شرقي اوروبا ووسطها وحوض البلطيق وغرب القارة القديمة.

منذ ما قبل الانقلاب الدموي الفاشي على الرئيس الاوكراني الشرعي يانوكوفيتش، شَرَعَ “الفاشيون الصهاينة” بتوزيع الاموال على جماعتهم، والتحضير للانقلاب بالرصاص، وباستقدام الخبراء الصهاينة ممَن تسلّحوا بجوازت سفر غربية. ولعب قادة المجتمع الصهيوني في اوكرانيا دوراً رئيسياً في تغلغل الانقلابيين في “ميدان”، وبضمنهم الفيالق الاجنبية، المدرّبة والمجهّزة بالعَتاد اللازم، وأجهزة الاتصال الدولية عبر الأقمار الصناعية، وبتوفير المعلومات الامنية لهم، لتكون تحركاتهم مُصانة وبعيدة عن اقتصاص قوات يانوكوفيتش، ومنها القوات الخاصة “بيركوت”، التي كانت موالية للرئيس. وكان الهدف تفكيكها ومحاكمة كوادرها، وهي عملية تجري اليوم للانتقام من عسكريي اوكرانيا المخلصين، في سيناريو شبه مُشابه لسيناريو بيريسترويكا روسيا، عندما تم إزاحة قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الموالية للنظام السوفييتي السابق من مواقعهم بجرّة قلم، وتعيين غُلاة الصهاينة والرجعيين الأذناب مكانهم، وبخاصة تلك الوجوه الصهيونية إيّاها، التي كانت بارزة خلال حُكم قادة الاتحاد السوفييتي والبيريسترويكا، الذين عَمت أبصارهم عن الدور الصهيوني في الروسيا، وأهداف تنظيمات إتّحدت في الحزب البلشفي والشيوعي السوفييتي وذابت فيه، على شاكلة إتحاد “بوند” و”بوعالي تسيون”.

في أهداف الدويلة السياسية الصهيونية، وهي دويلة لا إسرائيلية ولا عَبَرية ولا يَهودية، ولا “يهووية”، كانت عملية تدريب حثيثة للإنقلابيين الاوكرانيين والمتدخلين الأجانب، الذين جَرى “تعليمهم” على نماذج مُصنّعة سلفاً شبيهة بساحة “ميدان”، وعلى كيفية التحرّك في مواقع الانقلاب والاحتجاج، وتمويلهم بمليون “غريفنا” اوكرانية يومياً. وفي حقيقة أن “ميدان” كان منطلقاً مِثالياً للصهيونية الدولية، لا يُحاسِبها أحد على تواجدها العسكري فيه، يؤكده تكشف أسرار خطيرة عن “وحدة قتالية” في الـ”ميدان” في كييف، قادها عسكري “سابق” في الجيش الاسرائيلي، لا يزال يعمل خبيراً متقاعداً في ذلك الجيش. فقد تلقى هذا العسكري الاسرائيلي الأوامر مباشرة من حزب “سفوبودا” اليميني المتطرف، المُتهم بمعاداة السامية “معاداة اليهود في المفهوم الصهيوني المقلوب”.

هذا العسكري الاسرائيلي كان يتصرف كبطل في “ميدان”، ويُصدر الاومر لوحدته العسكرية، كما لو كان جنرال دولة، وقد وصل به أمر الثقة بنفسه وبقدراته العسكرية الى حدِّ أنه أعطى لقاء صحفياً لوسائل الإعلام الاسرائيلية، ومنها “وكالة الأنباء اليهودية” “جي تي آيه”، التي نشرت تحقيقاً عن تلك “الوحدة”، وعن قائدها المعروف بإسمه الحركي “دلتا”، وذلك في أواخر شباط فبراير الماضي. وفي المعلومات، فإن “دلتا”، بحسب “جي تي آيه”، هو قائد وحدة “شبه عسكرية”، تُعرف بإسم “مجموعة الخوذات الزرقاء”، وتضم أربعين عسكرياً من الجنسين، بينهم عدد من قدامى المحاربين في الجيش الإسرائيلي، وجميع العسكريين اليهود و”العسكريات” اليهوديات من تلك “الوحدة” السرية في ساحة “ميدان”، كانوا يعتمرون قلنسوة اليهود التقليدية تحت خوذاتهم العسكرية البُنية اللون، برغم من أنها تتعارض مع إسم المجموعة: “الخوذات الزرقاء”، وللحدث بقية، غداً.

*صحفي وكاتب سياسي اردني روسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.