يبدو أن ترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية أمام أسبوع دقيق، يُفترض خلاله أن يحسم الرئيس سعد الحريري قرار الإعلان الرسمي عن ترشيح رئيس «تيار المردة»، وأن يبلور العماد ميشال عون خياراته تبعاً لما ستؤول اليه مشاوراته مع الضاحية ومعراب، وأن يكسر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع صمته المفتوح على التأويل.
وفيما يسود بعض الدوائر السياسية اعتقاد بأن فرص وصول فرنجية الى الرئاسة تمر حاليا في حالة مراوحة، أو ضمور، بعد الزخم الذي اكتسبته في البداية، أكد مصدر مطلع لـ«السفير» أن التسوية المقترحة صامدة، وأن هناك قوة دفع إقليمي ـ دولي لها يجعل من الصعب تعطيلها، مشيرا الى ان إشاعة مناخ حول تراجع أسهم فرنجية إنما ترمي الى تهدئة المعترضين على التسوية في «8 و14 آذار»، تمهيداً لاحتواء موقفهم.
وفي المعلومات أن الحريري سيجري فور عودته المرتقبة الى بيروت مشاورات مع قوى «14 آذار»، خصوصاً «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، سعياً الى المحافظة على شكل «14 آذار»، تمهيداً للإعلان عن ترشيح فرنجية من «بيت الوسط».
والى حين صدور الموقف الرسمي لـ«القوات» من ترشيح فرنجية بعد الانتهاء من درس الاحتمالات والخيارات، رجحت مصادر مسيحية مواكبة للتطورات، أن يكون التلويح بإمكانية ترشيح سمير جعجع لعون الى الرئاسة، مجرد فرضية نظرية غير قابلة للترجمة العملية، معربة عن اعتقادها بأن رئيس «القوات» يكون، إذا ما قرر دعم الجنرال، كمن يعيد إدخال نفسه الى السجن، ولو كان هذه المرة سجناً سياسياً.
وأعربت المصادر عن اعتقادها بأنه ليس من السهل أن يبادر جعجع الى هذه الانعطافة، أولا لأنه لا يستطيع أن يخسر حلفه الداخلي مع الحريري، برغم كل الخلافات المتراكمة بين الرجلين، وثانيا لأنه لا يستطيع أن يخسر علاقته مع السعودية التي تؤمّن له الغطاء الإقليمي بكل أبعاده، إضافة الى أنه من الصعب التصور أن بإمكان جعجع أن يتجرّع بهذه البساطة كأساً برتقالية مرّة الى هذا الحد.
وعلمت «السفير» أن خطوط التشاور مفتوحة، بعيدا عن الأضواء، بين الرابية ومعراب منذ أن طُرح اسم فرنجية للرئاسة، وأن كلا من النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والإعلام في «القوات» ملحم رياشي ينشطان في حركة مكوكية على هذا الخط.
بري يرد
في هذا الوقت، أكد الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس ان المقولة التي يروّجها معارضو ترشيح فرنجية ومفادها أن الأطراف الإسلامية تحاول فرض اسم رئيس الجمهورية الماروني على المسيحيين، إنما هي تهمة باطلة ومردودة، مشيرا الى انه كان يحرص خلال الأيام الماضية على عدم الكلام حول التسوية المقترحة، لكن تشويه الحقائق بلغ حداً لم يعد بالإمكان تحمّله.
ولفت الانتباه الى أن لديه في الأساس، كما لدى الرئيس سعد الحريري، مرشحه الرئاسي المفضل، «لكن لم يبادر أي منا الى طرحه حتى لا يبدو وكأننا نسعى الى تسمية رئيس الجمهورية وفرضه على المسيحيين».
وأضاف: قبل أشهر اتفق الأقطاب المسيحيون الأربعة، برعاية بكركي، على حصر الترشيح الرئاسي بهم، انطلاقا من معادلة الرئيس القوي، وتفاهموا على أن الذي يحظى من بينهم بالأكثرية المطلوبة للوصول الى الرئاسة، يتم القبول به، وينسحب الآخرون له.
وتابع: استنادا الى هذه القاعدة، وتجاوبا معها، قرر الزعماء المسلمون أن يدعموا مرشحا من ضمن الأقطاب الاربعة الذين كرّسهم لقاء بكركي ممثلين شرعيين عن الموارنة في لبنان، واعتبرهم أصحاب الأفضلية في الوصول الى رئاسة الجمهورية، وبالتالي فليس نحن من نسمي الرئيس كما يدّعون، بل إننا نؤيد اسما صنّفه الأقطاب الموارنة أنفسهم كأحد المرشحين الذين يملكون حيثية مسيحية ورئاسية.
وأشار الى أنه سبق للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن رشح ميشال عون، وسبق لسعد الحريري أن رشح سمير جعجع، وكلاهما أيضا من الأقطاب الأربعة، إلا ان الحظ لم يحالف أياً منهما، فجرى طرح اسم فرنجية التزاماً بالمعيار الذي وُضع في اجتماع بكركي.
ووجه بري نصيحة الى الحريري بأن يلحظ هذه الوقائع إذا أراد الإعلان عن ترشيح فرنجية رسمياً، حتى لا يجري تحوير الأمور وتحريفها.
وتساءل بري: ماذا يريدون.. هل المطلوب أن يختار المسيحيون وحدهم رئيس الجمهورية من دون موافقة المسلمين، أو أن يختار المسلمون رئيس الجمهورية وحدهم من دون موافقة المسيحيين؟ وأضاف: جميعنا نعرف أن هذين الخيارين غير واردين، وبالتالي يجب أن يكون هناك تفاهم حول الرئيس.
«المستقبل»: جديون جداً
وبينما تُضرب مواعيد من هنا وهناك لعودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، أكد مصدر في «تيار المستقبل» لـ «السفير» أن عودة الحريري ومبادرته الى تبني ترشيح فرنجية رسمياً مرتبطان بإنضاج ظروف نجاح المبادرة التي أطلقها.
واعتبر المصدر «أن تعمد البعض طرح توقيت محدد لعودة الحريري هو موقف للاستدراج السياسي، وهدفه إشاعة تاريخ معين للعودة، فإذا لم تتحقق يقال عندها إن الحريري لم يأت لأنه كان يناور ولأن الأمور من الأساس غير جدية».
وشدد على أن مسألة ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية هي جدية الى أبعد مدى يمكن تصوره، مشيرا الى أن النقاشات الحاصلة الآن تدور حول التفاهمات التي تحمي هذا الخيار، «وحتى الآن لم تنجز هذه التفاهمات»، موضحا أن النقاشات تأخذ طابع الكتمان لضمان عدم التعكير عليها.
الكتائب: ندعم فرنجية إذا..
وأبلغت أوساط قيادية في حزب الكتائب «السفير» أن الحزب ليس بوارد التصويت لفرنجية إذا كان مرشحاً الى رئاسة الجمهورية انطلاقاً من موقعه الحالي في قوى «8 آذار» وارتكازاً على المشروع السياسي الذي يمثله.
وأكدت الأوساط أن موافقة الكتائب على وصول فرنجية الى الرئاسة مرتبطة بحالة واحدة وهي أن يُقدم فرنجية على نقلة نوعية تحمله من «8 آذار» الى الوسط، «بحيث نتلاقى وإياه في منتصف الطريق، على قاعدة أنه رئيس لكل اللبنانيين وإلا فلا شيء يجبرنا على انتخاب خصمنا السياسي رئيساً».
وعما إذا كان الحزب سيشارك في جلسة الانتخاب المقررة في 16 كانون الأول الحالي، لفتت الأوساط الكتائبية الانتباه الى أنه «إذا كانت الأجواء طبيعية وديموقراطية فإننا سنحضرها انسجاماً مع قناعتنا بوجوب عدم مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية وتطيير النصاب، لكن إذا كان هناك جو من التحدي والفرض فسنتخذ في حينه الموقف المناسب».