رسالة إلى فاطمة…

martyr-hassanabdallah

موقع إنباء الإخباري ـ
مهدي حسن:
قرأت رسالتك الحزينة والمعبرة…. لكن يا أختاه من قال إن الشهيد مات!!! من قال إن عاشق الشهادة رحل!
رسالتك موجعة وذات حدين… هي حشرجات ألم أخت فقدت أخاها… ولكن أليس حسين من اختار هذا الدرب عن قناعة؟؟! ألم تعملي انت بقناعاتك؟! أليس حسين هو من سلك تلك الطريق التي أحب!
فاطمة، أتساءل بحزن كيف استطاعت أناملك الناعمة كتابة ما لا يحبه حسين! لماذا تريدين الوقوف أمام عشقه وتضعين كل الأحزان أمامه… لقد أوجعتِ قلبه .. أحزنته أكثر فأكثر
حسين لم يمت على فراش الموت… بل سلك طريق العشق حتى الشهادة
كيف استطاعت الأحرف أن تخونك لتطعن حسين وأخوانه في الصميم… هو شهيد يا فاطمة ارتقى نحو الملكوت في سبيل قضية حقة…
لم ينتظر حسين أن تبثي لواعجك على تلك الورقة الصماء التي لا حسّ  فيها…. لو انك حضرتِ أليه وأخبرته التفاصيل لأخبرك عن مكنوناته….
انتحبي قدر ما شئت أمام جسده الطاهر لانه يسمعك، يشعر بك، لكنه فرح … اجل فرح لا تستهزئي … هو غاب جسداً، لكن روحه تراك تشعر بآلامك … لكن حاولي أن تريه قليلاً… أن تشعري بما يقوله لك وهو ينظر إليك بعينيه البريئتين… رغم اختلافكما لكنه يفهم ويعلم طيبتك وحنانك… يدعوك أن تفهميه ولو لمرة واحدة… لمرة أخيرة .. قبل أن يسير قطار الأيام وتموت المشاعر ..
فاطمة… افخري أن لك اخاً شهيداً …. وها أنا الآن أمامك ..عاجز عن اللحاق بالركب… أشعر أنني هرم … أن القدر يطعنني….
لأنني بكل بساطة وحيد … فعشقي للشهادة لن يتحقق… لن أسمو ..ولدي أخت مثلك،  نتشاجر على أتفه الأمور لكنها.. تخاف عليي من كل ما حولي …
تراني أحاول جاهداً أن ألتحق بالركب… أن أتحايل هنا وهناك فقط لأنال ما حصل عليه حسين… أذوب كشمعة لا قيمة لها…لأنني لن أشعر بقدسية شهيد… تواسيني أختي الصغيرة رغم شقاوتها…. تقول: ربما تنال الشهادة الآن من خلال تفجير هنا اوهناك… لم يسمحوا لك بالذهاب … ها هم أتوا إلينا، من استطاع أن يتسرب من جحره ليستهدف الأبرياء… ربما عندها تنال الشهادة…
حسين يا فاطمة حي فينا…. هي ليست بشعارات نطلقها…. بل هو عزم وقوة وكبرياء…
هي كلمات تخرج من الصميم لأننا نعيشها… لأننا نشعر بلحظاتها… فقد الأحبة غربة… لكن الشهادة تليق بهؤلاء …
انظري إلى  من كان يقاتل حسين، انظري إلى أهدافهم، إلى منطقهم الذي لا منطق فيه…. انظري إلى حقدهم … إلى بطشهم … أهؤلاء بشر!! من يقتل ويسبي ويدمر ويقطع الأجساد والأعناق!!!!
فاطمة !!! ماذا لو لم يعد حسين أو قطع رأسه وحز من الوريد إلى الوريد !!! كما فعلوا بالشهيد علي هزيم!!! كيف ستستقبلينه .. كيف ستتلمسين رأسه وتقبلين عينيه…
لقد أخطأتِ يا فاطمة …. لمَ لم تقبّلي كل ذرة من جسده الطاهر .. لمَ لم تتلمسي كل خلية نبضت عشقاً … رأسه المشظى حمل عزة وكرامة ….
حسين لم يمت على فراش المرض… لم يمت بحادث سير جنوني… لم يمت من لا شيء
حسين صنع انتصارات وبطولات… ستعرفينها وتدركينها يوماً…حسين استشهد برصاصة حاقدة… تلقاها بابتسامة كي لا تصيب مقتلاً  بقلب كل لبنانية … حسين تلقى الرصاصة في رأسه كرمى لعيونك يا فاطمة … كرمى لعيون كل الوطن …
وعندما وقع على الأرض … بكل تأكيد ذكرك وذكر كل الطفولة التي عاشها، تذكر أمك … وربما دعا لك أن تستقبليه كما يستقبل الحبيب حبيبه….
أيا أخت الشهيد، فلتكن دموعك لحسين قرباناً… لا تحبيه جسداً …بل روحاً وضميراً ووجداناً….

فاطمة … سترين حسين يوماً… سيحضر إليك … فقط افتحي قلبك وروحك … وسيخبرك، ربما يقنعك ولو لمرة أخيرة … ولو بثوان قليلة…. سيخبرك عن حبه لك ولأمه… سيخبرك عن جهاده وأمنياته … هو ينظر إليك بألم بحرقة… حاولي أن تفهميه، أن تفتحي ذراعيك… لأنه اختار الطريق التي اقتنع بها، اختار الطريق التي يحب…. اختار شهادة لا رجوع عنها
ستدركين يوماً أن جرح حسين انتصر على حقدهم، وآلامه سمت إلى السماء لتقول: لا لتكفير حاول استباحتنا….

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.